وحيد حامد.. المبدع يعيش دائمًا
وحيد حامد، فنان لا يكف عن الإبهار، يظل متألقًا رغم مرور سنوات على رحيله فى مثل هذا اليوم ٢ يناير ٢٠٢١، وهذه سمة المبدعين العظماء الذين لا ينضب إبداعهم بمرور الزمن.
لماذا نَصف وحيد حامد بأنه علامة فارقة فى تاريخ التأليف وكتابة السيناريو فى السينما المصرية؟ لأنه ببساطة سجل فى أعماله الطبيعة الاجتماعية والسياسية للبلاد، فى فترة شهدت تحولات فارقة فى بنية المجتمع والشعب المصرى.
ولد الراحل فى عام ١٩٤٤ فى قرية بنى قريش، مركز منيا القمح، محافظة الشرقية، وجاء إلى القاهرة عام ١٩٦٣ للدراسة الجامعية، وعمل على تثقيف نفسه بنفسه، واطلع على الكتب الأدبية والفكرية والثقافية، وكان زائرًا دائمًا للمكتبات والسينما والمسرح، أملًا فى أن يصبح كاتبًا مميزًا للقصة القصيرة والمسرح.
كتب فى العديد من الصحف والمطبوعات، وألّف أول مجموعة قصصية تحمل اسم «القمر يقتل عاشقه»، وذهب بها إلى الكاتب يوسف إدريس الذى يعتبره هو والأديب نجيب محفوظ والكاتب المفكر عبدالرحمن الشرقاوى أساتذته الذين صقلوا فيه الموهبة والفكر، إلا أن «إدريس» نصحه بالكتابة فى مجال الدراما، وهو ما فعله ونجح فيه.
اشتبك مع كبرى القضايا التى شغلت المجتمع فى فترتى الثمانينيات والتسعينيات، خاصة قضية الإرهاب، فكرس أعماله لمناقشة الظاهرة، وتفكيك بنية الشخصية المتطرفة، وتحليلها نفسيًا وأيديولوجيًا، وكان أبرز أعماله فى هذا السياق فيلم «الإرهابى»، بطولة النجم عادل إمام، الذى حقق زخمًا كبيرًا وقت عرضه، والذى تواكب مع الحوادث الإرهابية.
أجاد الكاتب الراحل عملية كتابة الشخصية، وهى ملكة لا تتوافر إلا للكتاب الكبار، فنراه فى فيلم «معالى الوزير» يبدع فى شخصية المسئول رأفت رستم الذى يتصرف وفق أهوائه الشخصية للوصول إلى ما يطمح إليه مهما كانت الوسيلة، ويتناول ذلك بطريقة عبقرية واحترافية. ونجد أيضًا تحفته الكبيرة المتمثلة فى «عمارة يعقوبيان»، التى شرح فيها حالة التمزق الاجتماعى والأخلاقى التى طالت عددًا من الطبقات المجتمعية، متناولًا كذلك ظاهرة التطرف بأبعادها الكبرى ومن زوايا عديدة.