قمة الرئيس والملك
فى قمتهما الرابعة، منذ بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، وعلى مجمل الأراضى الفلسطينية المحتلة، أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى عبدالله الثانى بن الحسين عن ارتياحهما لوتيرة التنسيق والتشاور بين البلدين، التى تعكس الأهمية الكبيرة للعلاقات بين الشعبين والقيادتين. واستكشف الزعيمان سبل تطوير العلاقات وفتح آفاق جديدة لتعزيزها فى مختلف المجالات بما يتفق مع العلاقات الخاصة والأخوية بينهما.
على القاهرة، حل الملك عبدالله الثانى ضيفًا عزيزًا، أمس الأربعاء، وتناولت مباحثاته مع الرئيس السيسى، طبعًا، تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصة فى قطاع غزة، والمأساة الإنسانية التى تواجه سكان القطاع، التى خلفت آلاف القتلى والجرحى، ومئات الآلاف من النازحين، إضافة إلى التدمير الواسع الذى أصاب البنية التحتية والمنشآت. ومجددًا، أكد الزعيمان رفضهما التام جميع محاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم أو نزوحهم داخليًا، مشددين على أن الحل الوحيد الذى يجب أن يدفع المجتمع الدولى نحو تنفيذه هو الوقف الفورى لإطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإغاثية بالكميات والأحجام والسرعة اللازمة التى تحدث فارقًا حقيقيًا فى التخفيف من معاناة أهالى القطاع، مع الدفع الجاد نحو مسار سياسى للتسوية العادلة والشاملة، يفضى إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وفقًا لمقررات الشرعية الدولية ذات الصلة.
جهود كبيرة قام بها الرئيس والملك، منذ سنوات، لوضع خطة تحظى بدعم عربى، ثم أمريكى، لإطلاق عملية سياسية جديدة، تقود إلى مفاوضات مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومع أن هذه الجهود بدأت قبل وصول الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى الحكم، إلا أنها أخذت منحى متسارعًا، بعد إبداء الإدارة الأمريكية رغبة، لم نكن نراها جادة، وما زلنا، فى إيجاد تسوية شاملة تقوم على حل الدولتين. وبعد ٧ أكتوبر، كان طبيعيًا أن تتزايد الجهود المصرية الأردنية، خاصة فى مواجهة مخططات، سيناريوهات أو مشروعات، تهجير أهل غزة إلى مصر وأهل الضفة الغربية إلى الأردن، التى بدا واضحًا أن دولة الاحتلال أرادت أو حاولت تنفيذها، ولا تزال، عبر، وخلال، عدوانها الوحشى.
زار العاهل الأردنى القاهرة فى ١٩ أكتوبر وفى ٢٢ نوفمبر، وبين الزيارتين، التقى الرئيس السيسى والملك عبدالله، فى ١١ نوفمبر، بالعاصمة السعودية الرياض، على هامش مشاركتهما فى القمة العربية الإسلامية المشتركة، الطارئة أو غير العادية. وتكرر فى تلك اللقاءات، أو القمم، ما تضمنه البيان الصادر عن القمة الثلاثية، التى جمعت بين الرئيس والملك، والرئيس الفلسطينى محمود عباس، فى ١٤ أغسطس الماضى، بمدينة العلمين. ولعلك تتذكر أن القادة العرب كانوا قد أشادوا، فى البيان الختامى، للقمة العربية الثانية والثلاثين، التى استضافتها مدينة جدة السعودية، فى مايو الماضى، بالجهود الحثيثة، التى تبذلها مصر والأردن، لإعادة القضية الفلسطينية إلى رأس أولويات المجتمع الدولى.
حرص مصر الدائم على تعزيز التشاور والتنسيق مع المملكة الأردنية الشقيقة، سواء على مستوى القمة أو على الصعيد الوزارى، أكده سامح شكرى، وزير الخارجية، خلال اجتماعه، فى القاهرة، أمس الأول الثلاثاء، مع أيمن الصفدى، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية والمغتربين بالمملكة الأردنية، الذى تبادل خلاله الوزيران الرؤى إزاء تطورات الأوضاع فى قطاع غزة والمساعى الهادفة للوصول لوقف إطلاق النار، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير رقم ٢٧٢٠ بشأن زيادة نفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإنشاء آلية أممية لمراقبة ومتابعة دخول تلك المساعدات، ومواجهة العوائق والعراقيل التى يضعها الجانب الإسرائيلى. كما تناول الوزيران، أيضًا، أمن الملاحة فى البحر الأحمر فى ظل أهمية هذا المسار لحركة التجارة الدولية، ولكونه جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى والأردنى.
.. وأخيرًا، أكد الرئيس والملك، خلال لقائهما أمس، أن هناك مسئولية سياسية وأخلاقية كبيرة تقع على عاتق المجتمع الدولى بشأن تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، على النحو الذى يحفظ مصداقية المنظومة الدولية، مشددين على أهمية عدم توسيع دائرة الصراع، بما يتسبب فى زعزعة الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمى والدولى.