سعاد نصر.. صاحبة البهجة
فى الوجدان الشعبى يوصف من يختطفه الموت فجأة بالمثل الشهير: «فلان مات ناقص عمر»، ولعل هذا ينطبق بشكل أكبر على الفنانة الراحلة سعاد نصر، التى فارقت الحياة ولا تزال لديها طاقة متفجرة من الفن والتمثيل المبهر، حال الموت دون إخراجها للجمهور.
فى مثل هذا اليوم ٢٦ ديسمبر ١٩٥٣، جاءت إلى الحياة سعاد نصر، لتبدأ موهبتها فى الظهور والتفجر، وتلتحق بالمعهد العالى للفنون المسرحية وتتخرج فيه عام ١٩٧٥، وتبدأ مشوارًا طويلًا من العمل المسرحى الجاد، مع ألمع نجوم المسرح المصرى والعربى.
الكوميديا كانت علامة فارقة فى مشوارها الفنى، فقد برعت فى تقديمها بشكل لا يوصف، وحققت فيها نجاحات كبيرة فى ظل قدرتها على الوصول إلى قلب المشاهد، وتجسيد أبسط المشاعر والمواقف الإنسانية المضحكة والمرحة، فأحبها الجمهور كثيرًا وعاش معها أبهج اللحظات.
وتميزت كوميديا سعاد نصر بأنها عميقة، فهى قادرة على أن تمزج الحزن والمأساة بالمواقف المضحكة والعبثية، التى تثير بهجة المشاهد رغم ما بها من مأساوية، ولعل دورها فى فيلم «هنا القاهرة» بطولة النجم محمد صبحى، الذى طالما شاهدناه فى طفولتنا، خير دليل على هذه الكوميديا السوداء التى احترفت تقديمها ببراعة منقطعة النظير، إذ جسدت معاناة وحيرة وعبثية الحياة التى تواجهها زوجة جاءت رفقة زوجها من أقاصى البلاد، إلى العاصمة لمقابلة مسئول كبير من أجل طرح فكرة إقامة مشروع مثمر عليه، فتتعرض لشتى أنواع المصاعب وسط زحام القاهرة.
تجربة سعاد الأهم والأكثر قربًا من الجمهور المصرى والعربى كانت فى أجزاء مسلسل «عائلة ونيس»، وهى التجربة التى قدمت نموذجًا اجتماعيًا من قلب الشعب المصرى، لأسرة حاولت بقدر استطاعتها العيش على القيم المصرية الأصيلة، وتربية أبنائها بالشكل الأمثل ليكونوا أفرادًا صالحين داخل المجتمع.
أما رحيل سعاد نصر المفجع فكان أمرًا أكثر مأساوية من دورها فى «هنا القاهرة»، إذ راحت ضحية عملية جراحية عبثية، حيث تعرضت لخطأ طبى خلال التخدير، وفارقت الحياة فى مشهد صعب على كل عشاقها، حيث لم يمهلها الموت لتقديم كل ما فى جعبتها من طاقة فنية هائلة وإبداع فطرى يجسد هوية وبساطة المصريين.