مسئوليات لا يتحملها إلا الرجال
فى كلمته التى ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أعقاب الإعلان عن فوزه فى الانتخابات الرئاسية، كان واضحًا تمامًا أن تلك المرحلة سوف تشهد تصاعدًا للتحديات الداخلية والإقليمية التى تمر بها البلاد.. بل إن سيادته أوضح أن ما يحدث على حدودنا الشرقية من اعتداءات إسرائيلية على الشعب الفلسطينى الأعزل فى قطاع غزة يمثل بلا شك خطرًا كبيرًا على الأمن القومى المصرى، خاصة على ضوء ما أفصحت عنه إسرائيل ويساندها فى ذلك العديد من الدول الغربية لتهجير الشعب الفلسطينى إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية وتصديرها إلى دول الجوار، خاصة مصر والأردن، وهو ما يمثل تهديدًا صريحًا للسيادة والأراضى المصرية، فى ظل احتمالية تدفق ملايين البشر إلى سيناء، إذا نجحت إسرائيل فى تنفيذ مخططها، وهو الذى سوف يترتب عليه بلا شك احتمالات اندلاع فوضى عارمة فى البلاد تؤثر بلاشك على حالة الاستقرار والتنمية التى تشهدها منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى إدارة شئون البلاد.. وها هى أزمة جديدة تطل برأسها مرة أخرى، بعدما كان هناك أمل فى أن تجد حلًا عادلًا فى قضية سد النهضة، الذى أبدت فيه إثيوبيا تعنتًا منقطع النظير، بل وغير متوقع، ومن المؤكد أن هناك أياد خفية تدعم وتساند موقفها حتى، ولو كان ذلك على حساب الشعبين المصرى والسودانى؛ نتيجة احتمالية التأثير على حصة المياه المتفق عليها منذ عام 1959، والتى لم تطالب مصر بزيادتها، على الرغم من الزيادة السكانية الرهيبة التى شهدتها الدولة المصرية خلال خمسين عامًا الماضية.. ناهيك عن زيادة التوتر فى السودان وفشل جميع المحاولات التى تهدف إلى احتواء الحرب الأهلية الدائرة هناك بين الجيش النظامى للدولة وبين ميليشيات الدعم السريع المتمردة، وهى بلا شك أحداث سوف تكون لها تداعيات كبيرة على الدولة المصرية، التى ترتبط بأواصر تاريخية معروفة مع السودان.
لعل ما أشرت إليه هو أبرز التحديات التى تهدد أمننا القومى فى الوقت الحالى، ومن الممكن أن أضيف إليها أيضًا ما تشهده الدولة الليبية على حدودنا الغربية، بالإضافة إلى التأثيرات الاقتصادية الناتجة عن استمرار الحرب الروسية- الأوكرانية.. ومن المؤكد أن جميع أبناء الشعب المصرى على دراية كاملة بتلك التحديات، بل وبالأكثر منها، وهو ما دفعه للتمسك بقائده الرئيس عبد الفتاح السيسى للتعامل معها ومواجهتها دفاعًا عن الأمن والاستقرار والمكتسبات التى تحققت فى عهده خلال السنوات الماضية.
لقد أصبح الشعب المصرى بالفعل شريكًا حقيقيًا مع الدولة فى كل ما تتعرض له من مخاطر وأزمات، والفضل فى ذلك يرجع إلى الوضوح والشفافية التى يتحدث بها الرئيس عبد الفتاح السيسى مع أبناء الشعب عن كل الأزمات والتحديات التى تتعرض لها الدولة المصرية، والواقع أن تلك السياسة كانت لها نتائجها الإيجابية فى تطور الفكر السياسى للشعب وتفهمه كل القرارات التى تتخذها القيادة السياسية، وليس أدل على ذلك من الحوارات والمناقشات التى تدور بين عامة الشعب فى أماكن تجمعاتهم ولقاءاتهم، فنراهم يتحدثون عن العدوان الإسرائيلى للشعب الفلسطينى وضرورة الوقوف خلف الرئيس فى موقفه الرافض لتصفية القضية الفلسطينية، والتى أطلق عليها فى أحد لقاءاته أنها قضية القضايا، وكذلك فى موقفه الرافض لمحاولات الضغط على مصر لقبول فكرة تهجير الفلسطينين ولو بصورة مؤقتة إلى سيناء...واليوم نرى ونسمع تلك الإدانة الشعبية الرافضة لموقف دولة إثيوبيا تجاه مصر فى قضية سد النهضة، خاصة بعد أن صرح السيد وزير الرى والموارد المائية أن مصر استنفذت جميع السبل السياسية والحوارية والهندسية لإقناع المسئولين هناك بضرورة التعاون مع مصر والحفاظ على حقوقها المائية التى تمثل حقها فى الحياة.. أما السودان فمازال نزوح الكثير من العائلات إلى الأراضى المصرية مستمر ويبدو أنه فى طريقه للتزايد خلال الأيام المقبلة مع تزايد وتيرة الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد، سواء بين الجيش أو من القبائل والفصائل الأخرى.
أما على الصعيد الداخلى، فإن التحديات لا تقل خطورة إطلاقًا عن الملف الخارجى؛ لأنها تمس حياة المواطن المصرى بمختلف مستوياته الاجتماعية، فالجميع يتحدث عن انفلات الأسعار وحالة الانفلات غير المسبوقة فى الأسواق المحلية والاحتكار الذى يقوم به بعض كبار التجار ورجال الأعمال الجشعين؛ للتحكم فى قوت وغذاء المصريين، فى ظل غياب القوانين الرادعة والحاسمة.. لقد رأينا فى الفترة الأخيرة زيادة كبيرة فى أسعار بعض السلع الاستراتيجية، والتى تمس أهمية قصوى فى حياة المواطن المصرى، مثل السكر والأرز والبيض والدواجن والبصل.. وعلى الرغم من تدخل الدولة مرارًا أو تكرارًا لضبط أسعار تلك السلع وضخ كميات كبيرة منها فى الأسواق، إلا أن الحال مازال على ما هو عليه، وكأن المتحكمين فيها يسعون إلى إحداث حالة من الثورة والرفض الشعبى، وهم لا يعلمون أنهم سوف يكونون أول أهداف هذه الثورة، ومن المؤكد أن الدولة سوف تساند شعبها فى تلك المواجهة المصيرية طالما كانت سوف تؤثر على حياته وحياة أبنائه.
لقد بلغ ملف التضخم حدًا لا يستهان به، وهو ما يتطلب ضرورة اتخاذ إجراءات وتدابير فى السياسة المالية للسيطرة عليه، وهو الأمر الذى يستلزم أن يكون هناك تنسيق كبير بين المؤسسات النقدية فى الدولة مع المؤسسات التنفيذية بها، خاصة وأن قضية الأسعار قد أصبحت بالفعل تشكل ضغوطًا كبيرة على الأسر المصرية، وهو الأمر الذى يجعلنا فى حاجة إلى الاستعانة بخبرات اقتصادية وكفاءات غير تقليدية لوضع منظورة للحد من التضخم والتحكم فى الأسعار والرقابة على الأسواق والعمل على وضع تشريعات تتضمن تغليظ العقوبات على هؤلاء المتاجرين والمحتكرين لقوت الشعب وغذائه. وهناك أيضًا أزمة النقد الأجنبى وتراجع العملة المحلية أمام العملة الصعبة، وخاصة الدولار الذى يشهد ارتفاعًا غير مسبوق فى قيمته، وهو الأمر الذى جعله هدفًا للسوق السوداء، وبالتالى أدى إلى ارتفاع السلع المستوردة من الخارج، والتى تعتمد عليها السوق المصرية للأسف بنسبة كبيرة.. إن ملف التحديات يشمل العديد من القضايا التى تمس المواطن المصرى وحياته اليومية وتجعله فى حالة من الترقب والخوف على مستقبل الأجيال القادمة.. ومن هنا فإننا نرى أن الولاية الجديدة للرئيس عبد الفتاح السيسى سوف تشهد تغييرات جوهرية فى العديد من المجالات، خاصة وأن سيادته يضع يده على كل تلك القضايا والتحديات ولديه من المعلومات والمعطيات أضعاف أضعاف ما لدينا، وهو الأمر الذى يدفعنا للتفاؤل والأمل فى تخطى تلك الأزمات خاصة وأن هناك نجاحات قد تحققت بالفعل خلال السنوات القليلة التى تحمل فيها المسئولية، ولعل من أبرزها ملف القضاء على الإرهاب، الذى عانينا منه كثيرًا، وفقدنا بسببه خيرة شبابنا من رجال الجيش والشرطة والقضاء والأبرياء من المدنيين الشرفاء بلا تمييز بين مسلم ومسيحى أو رجل وإمرأة أو شيخ وطفل.. هذا الملف الذى كان له أكبر الأثر فى التأثير على مقدرات الدولة فى مجالات السياحة والاقتصاد والاستثمار، حيث كان لنجاح الرئيس فى القضاء عليه مردود إيجابي كبير فى المجالات المشار إليها، بالإضافة الى عودة الثقة والأمان والاستقرار للشارع المصرى وللأسر المصرية.
التحديات كبيرة بالفعل ولا داعى على الإطلاق أن نتجاهل الحديث عنها، بل إن تكرار طرحها على الرأى العام وعلى الشعب يجعله دائمًا داعمًا للرئيس عبد الفتاح السيسى فى جميع خطواته وقراراته، سواء تلك التى تتعلق بسياستنا الداخلية أو مواقفنا الخارجية ومن المؤكد، كما سبق أن ذكرنا، أن جميع تلك المعطيات، التى أصبح الشعب المصرى يعيها جيدًا كانت هى الأسباب الرئيسية التى جعلتنا نتسابق على صناديق الانتخابات، لنعلن عن تمسكنا بقيادة الرئيس خلال المرحلة المقبلة، والتى نأمل أن نعبرها بسلام بإذن الله.
إن المسئوليات جسام.. والأمانة ثقيلة.. والثقة غالية.. تلك هى المحاور التى على أساسها أعطى الشعب المصرى صوته للرئيس عبد الفتاح السيسى بلا تردد واثقًا أنه الوحيد القادر على أن يعبر بسفينة الوطن إلى بر الأمان وتحمل المسئولية التى لا يتحملها إلا الرجال.. وتحيا مصر.