فشل الحرب وانهيار الاقتصاد وإفلاس الشركات.. تبعات حرب غزة تضرب الاحتلال
مع تزايد الغضب الدولي إزاء الخسائر البشرية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، اندلع جدل داخلي عام على نحو متزايد حول ما إذا كان ينبغي للبلاد أن تمضي قدمًا في الحرب أو أن تتوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار مقابل الإفراج عن المحتجزين، في ظل ترنح الاقتصاد المحلي والخسائر الكبرى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي وفشل المهمة المتعلقة بالقضاء على حركة حماس مع دخول الحرب في شهرها الثالث، واستمرار سيطرة الحركة الفلسطينية على القطاع بالكامل، حسبما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
فشل استراتيجية نتنياهو فى غزة
وحسب "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن الجيش يتقدم ببطء شديد في غزة، بسبب الأفخاخ التي ينصبها مقاتلو حركة حماس، بالإضافة إلى الضغوط الكبرى التي تتعرض لها الحكومة الإسرائليلية بقيادة بنيامين نتنياهو، من أجل تقليص عملياتها العسكرية البرية، والانتقال لمرحلة أقل كثافة من القصف.
يقول بعض المحللين إن هدف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بداية الحرب، المتمثل في القضاء على حماس، يبدو غير واقعي ضمن إطار زمني قريب، في حين يركز العديد من الإسرائيليين بشكل متزايد على محنة العشرات من المحتجزين المتبقين في غزة.
وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من أن تأييد الحرب كان قويًا في إسرائيل، لكن تعريف النصر في هذه المعركة تغير بصورة كبيرة، خصوصًا مع فشل العمليات العسكرية في الإفراج عن المحتجزين، وعودة معظمهم من خلال المفاوضات، ما دفع الكثيرين لتفضيل المفاوضات لعودة المحتجزين.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن الاستدعاء المكثف لجنود الاحتياط ضرب الاقتصاد الإسرائيلي، وبدأ الضجر من الحرب.
وكتب إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق والمنتقد الشديد لنتنياهو، في صحيفة "هآرتس" ذات الميول اليسارية، أن إسرائيل يجب أن "تستعد لتغيير الاتجاه".
وقال: "إن التوقعات التي صنعتها حكومتنا المشئومة بشأن أهداف الحرب كانت لا أساس لها من الصحة وغير حقيقية وغير قابلة للتحقيق منذ البداية".
ويقول بعض الخبراء العسكريين إن النصر على حماس أمر يمكن تحقيقه، ولكن مع مرور الوقت، وقال جابي سيبوني، العقيد في الاحتياط العسكري وزميل معهد القدس للاستراتيجية والأمن ذو الميول المحافظة، إنه من الممكن "القضاء على وجود حماس"، لكنه أضاف: "الحقيقة هي أننا سنكون فى قتال في غزة لسنوات قادمة".
هروب العمالة الأجنبية للخارج
وفي السياق نفسه، أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن الحرب المشتعلة في غزة تضع الاقتصاد الإسرائيلي على حافة الهاوية، حيث أدى قرار منع أكثر من 100 ألف عامل فلسطيني من دخول إسرائيل إلى تقليص حجم العمالة منخفضة التكلفة بصورة كبيرة، مع رفض الكثير من العمال الأجانب العودة مرة أخرى.
وتابعت أنه في الوقت نفسه استدعى الجيش الإسرائيلي ما يقرب من 400 ألف جندي احتياطي، ويقدر المسئولون أنه تم نقل 250 ألف إسرائيلي، مؤقتًا على الأقل، من منازلهم، خاصة من المناطق التي يُنظر إليها على أنها عرضة للهجمات، مما يمنع الكثيرين من الذهاب إلى عملهم.
وأضافت أن ما يقرب من 20% من الموظفين في إسرائيل توقفوا عن العمل بسبب استدعائهم للخدمة العسكرية، أو العمل في أماكن أخرى، وقدرت أن التكلفة التي يتكبدها الاقتصاد بسبب غياب العمال الإسرائيليين وصلت إلى قرابة 13 مليار شيكل، أي ما يعادل 3.6 مليار دولار، بحلول منتصف نوفمبر.
وفي قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، وهو القوة الدافعة في اقتصادها، تم استدعاء ما متوسطه 10% إلى 15% من القوى العاملة للخدمة الاحتياطية، وفقًا لتقدير هيئة الابتكار الإسرائيلية.
وتوقع الاتحاد الإسرائيلي لمنظمات الأعمال الصغيرة والمركز الكلي للاقتصاد السياسي، ومقره تل أبيب، أن تسهم الحرب بشكل مباشر في إغلاق حوالي 30 ألف شركة صغيرة ومتوسطة الحجم في مختلف القطاعات.
وأكدت الصحيفة أنه نتيجة لذلك أصبحت آفاق الاقتصاد قاتمة، حيث خفض بنك إسرائيل الشهر الماضي توقعاته للنمو، مقدرًا أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2% سنويًا- بانخفاض عن التوقعات السابقة البالغة 3% سنويًا- في عامي 2023 و2024، وتوقع البنك أن يبلغ إجمالي النفقات الحكومية بسبب الحرب حوالي 43.2 مليار دولار بنهاية عام 2025.
وتابعت أن تعليق تصاريح العمل للفلسطينيين يؤثر بشكل خاص على صناعة البناء في إسرائيل، التي توظف أكثر من 60% من الفلسطينيين العاملين في البلاد، وكذلك على قطاع الزراعة.