الطريق إلى فضة المعداوي.. مفروش بذهب الموهبة.. كيف حوّلت سناء جميل شخصية «معلمة بحرى» إلى ترند التسعينيات؟
مر العام ١٩٨٧ وقد قام المشاهدون فى مصر من أمام التليفزيون بعد أن ربطهم أسامة أنور عكاشة- حائك الدراما الأعظم- لمدة ١٨ يومًا وهم يشاهدون رائعته الجديدة «ليالى الحلمية»، التى كشفت رويدًا رويدًا عبر تتابع الحلقات عن حالة مختلفة من الدراما المحكية والمُحاكة بمهارة الصائغ.. سيعرف الناس لاحقًا أنهم أمام المسلسل الأعظم فى تاريخ الدراما، خاصة عندما يستكمل أسامة ورفيقه إسماعيل عبدالحافظ باقى أجزائه الخمسة على مدار السنوات التالية حتى منتصف التسعينيات.
ولم يكن يدرى أغلب المصريين المرابطين أمام شاشات التليفزيون عام ١٩٨٨، وهم يستمتعون بمغامرات سليم البدرى والعمدة سليمان غانم عبر حلقات الجزء الثانى من رائعة ليالى الحلمية.. أن هناك فى الشرق على ضفاف الخليج العربى يشاهد الناس معركة أخرى لا تقل ضراوة عن معركة «سليم وسليمان» حاكها نفس الصائغ أسامة أنور عكاشة.. ولكن هذه المرة بين المعلمة فضة المعداوى والدكتور مفيد أبوالغار، حيث بدأت قناة أبوظبى يوم ١٨ أبريل ١٩٨٨ عرض حلقات المسلسل الأيقونى «الراية البيضا»، الذى أخرجه محمد فاضل وأنتجه الشيخ صالح كامل.
قبل هذا اليوم بسنوات كان أسامة أنور عكاشة، وهو فى مخبئه الإبداعى بالإسكندرية، يتابع عن كثب حكاية متداولة عن تاجرة خردة فى منطقة السيالة دخلت فى نزاع على فيلا أثرية تريد هدمها لبناء برج قبيح.. فقفزت فى رأس الرجل فكرة تصب فى نهر مشروعه الدرامى الكبير.
هذا المشروع الذى بناه على أكتاف مشروع آخر فكرى عميق نابع من داخل ابن جيل الستينيات المهزوم بأحلامه الكبيرة.. الجيل الذى عاش بكل كيانه تلك الأحلام وأخذ يغذيها بالأفكار والأمل؛ حتى أتت النكسة لتغتالها أمامه.
صدم أسامة كما صدم غيره.. لكن جاءت مشروعاته الفنية المتتالية طوق نجاة له من بحر الإحباط الذى دخله مرغمًا.. التقط الرجل قصة تلك التاجرة السكندرية ليغزل منها حكاية فضة المعداوى، المرأة الحديدية التى تمثل كل ما هو قبيح من إفرازات زمن جديد لا يعترف بمنظومة القيم التى يمثلها الدكتور مفيد أبوالغار.. وآمن بها حتى النخاع الشاب أسامة أنور عكاشة.
واجه المسلسل فى مصر معوقات رقابية أخرت ظهوره.. واحتاج الجمهور المصرى العادى إلى أن تمر شهور لكى يرى المعلمة فضة على شاشاته. وعُرض مسلسل «الراية البيضا» أخيرًا على التليفزيون المصرى؛ ليتعلق الناس من أول وهلة بجميع شخصياته من أول الدكتور مفيد أبوالغار «جميل راتب» حتى الولا حمو «سيد عزمى»، مرورًا بأمل صبور وهشام أنيس والشيف مطاوع والمحاميين أنيس وأبوطالب، ونونو والمعلم حنفى البحر وباقى الأبطال.
لكن بقيت فضة المعداوى هى الشخصية الأكثر طغيانًا على الوجدان العام، ولم تعد مع الوقت مجرد شخصية درامية أبدعها كاتب درامى، بل صارت رمزًا واستعارة وتشبيهًا لكل روح هدم شريرة تسود المجتمع وتحاول السحب من رصيد قيمه وجمالياته.. وأصبح الاسم ملجأ لمحررى الصحف لاستخدامه فى عناوين دالة على الفكرة فى موضوعات شتى؛ حتى لو كانت غير فنية.
لا يمكن أن ننكر براعة الكتابة ولا الإخراج لتلك الشخصية الأيقونية، لكن تبقى سناء جميل هى مالكة السر وصاحبة الخلطة التى أخرجت فضة المعداوى بهذا الشكل المبهر؛ بعد أن تشربت كل ما أراد عكاشة وفاضل أن يقولاه أو حتى ما لم يقولاه.. فخرجت فضة للضوء من رحم موهبة سناء شخصية درامية فتية تزداد بريقًا كلما مر عليها الزمن.
عكاشة وفاضل تشاركا الرؤية دون اتفاق: «لا فضة إلا سناء»
«أنا عايزك إنتى بالذات يا سناء».. جاءت هذه الجملة القاطعة المانعة على لسان مخرج العمل محمد فاضل؛ ردًا على رفض سناء جميل المتمنع وهى الراغبة لدور فضة، حيث قالت له «ما أنت عندك ١٠٠ واحدة غيرى تعمل دور المعلمة ده.. إشمعنى أنا»، وكان خوف سناء مشروعًا، وهى السيدة المثقفة التى مثلت فى الستينيات على مسارح باريس باللغة الفرنسية وتجيد معها لغتين.. لذلك كانت شخصية المعلمة، التى تضع رقاب رجال حلقة السمك تحت قدميها، لم يكن بالدور المناسب نظريًا لسناء.. لكن الغريب أن فاضل وعكاشة فى جلساتهما الأولى لاختيار أبطال المسلسل، كانا فى كل الشخصيات يرشحان ويستبعدان ويتناقشان؛ مثلما كشف الزميل الصحفى محمد مسعود فى سلسلته البديعة «أساطير الدراما» على لسان فاضل نفسه عن الشخصيات، التى رشحت فى بادئ الأمر أبطالًا للمسلسل وعلى رأسهم مفيد أبوالغار الذى رفضه محمود مرسى بكل ثقله بعد أن قرأ الورق لخوفه من أن يتحول مشروع شخصية الدكتور مفيد إلى شخصية هامشية بجوار البطلة، ورشح مرسى ببصيرة فنية رائقة صديقه جميل راتب ليقوم بالدور.. كما كانت يسرا هى أمل صبور قبل سمية الألفى، وكان جورج سيدهم هو مطاوع بدلًا من محمود الحدينى.
أما عند دور فضة فلم يكن هناك أى خلاف أو احتمالات أخرى، بل كانت صورة سناء جميل مطبوعة فى ذهن فاضل وعكاشة معًا دون أن يصارحا بعضهما البعض، وهو أمر غريب لأن شخصية المعلمة الجاهلة القاسية تلك كانت بعيدة كل البعد عن روح الفنانة الكبيرة.. لكن لأنها سناء جميل التى ترفض الانصياع للقوالب والتصورات الجامدة، قررت أن تكون هى فضة المعداوى ولا أحد غيرها.
سناء جميل تشربت كل ما فى روح الشخصية من خلال جلسات القراءة قبل المسلسل، ومَن شاهد فيديو شهيرًا من أرشيف المبدع التليفزيونى جميل المغازى لإحدى جلسات القراءة، سيجد أن سناء جميل الممثلة القديرة تحولت إلى تلميذة لحوحة تسأل فى كل تفصيلة صغيرة أو كبيرة متعلقة بالشخصية، وتناقش عكاشة وفاضل ثم تتشرب كل ذلك داخلها ليتفاعل.. والأكثر من ذلك لا تترك تفاصيل الشخصية واكسسواراتها لأحد، بل إنها نزلت بنفسها أيامًا طويلة إلى حلقة السمك فى بحرى لتجلس على الطبيعة فى بيئة فضة المعداوى، ثم تقوم هى وعلى نفقتها الخاصة بتفصيل ملابسها وتشترى مصاغها الذى يليق بمعلمة فى حلقة السمك، وكلها أمور وتفاصيل لها أشخاص متخصصون داخل كرو العمل؛ إلا أن روح التحدى لسناء منعتها من ترك أى تفصيلة فى يد أحد غيرها.
ومن يُرد تفسيرًا لما فعلته سناء، فعليه أن يتتبع حياتها العامرة بالتحديات الضخمة التى واجهتها بروح محاربة من أول لحظة قررت فيها الخروج على تقاليد بيئتها الصعيدية إلى طريق الفن؛ لتلبى نداء موهبتها المتفجرة.. وفى هذا السياق ينبغى أن نثمّن كتابًا بديعًا اسمه «حكاية سناء» للكاتبة روجينا بسالى، التى أعطت فيه صورة واضحة عن قرب للفتاة الصعيدية «ثريا يوسف عطاالله» قبل أن تصير سناء جميل بكل «هيلمانها».
حوار المصور يكشف: إزعاج المعجبين يجتاح بيت لويس جريس
سناء قالت لعائشة صالح: مكسوفة من لويس عشان بيشوفنى باكل بطريقة فضة
عائشة صالح واحدة من أهم المحاورين الذين تركوا متاعًا لا ينضب من الحوارات الصحفية التى تزينت بها مجلة المصور.. وكان وسيظل اسمها على أى حوار صحفى هو ختم جودة لذلك الحوار، وإن أردت أمثلة فبتقليب سريع فى أعداد المجلة فى الثمانينيات والتسعينيات ستعرف قيمة عائشة صالح جيدًا.
المهم أن عائشة ذهبت لبيت زميلها فى مجلة صباح الخير لويس جريس؛ لتقابل تلك السيدة التى قلبت مصر حرفيًا بداية التسعينيات، وهى المعلمة فضة المعداوى؛ لتجرى حوارًا بالغ الروعة مع سناء جميل نُشر فى عدد المصور ١٢ يونيو ١٩٩٠ على ٤ صفحات كاملة.
سجلت عائشة شهادتها فى مقدمة الحوار عن تأثير نجاح فضة المدوى على بيت سناء ولويس الهادئ، حيث تقول بالنص: «التليفون لا يكف عن الرنين، فلم أستطع أن أتكلم معها جملة واحدة مفيدة إلا بعد أن رفعت السماعة بعد نفاد صبرها، فكانت مكالمة عجيبة على الطرف الآخر فتاة تطلب من ثناء بإلحاح أن تهديها مصاغها الذى ظهرت به فى المسلسل، وسناء تؤكد لها أن المصاغ فالصو والبنت لا تريد أن تصدق لأنه معقول الكلام ده المعلمة فضة تلبس مصوغات فالصو؟!.. مع أن كل ملابس وإكسسوارات فضة من جيب سناء جميل، التى تتقاضى مرتبًا قدره ١٦٠ جنيهًا من المسرح القومى».
وتكمل عائشة شهادتها «وزهقت أنا ولم تزهق سناء، واكتشفت أنها تتحلى أحيانًا بصبر أيوب، فهى تناقش البنت بهدوء: طيب خلينى معاكى إن الدهب حقيقى.. هل ممكن وقتها أهديه لك؟!، ثم تعلق سناء جميل السماعة حتى تستطيع أن تجرى الحوار مع عائشة وتصارحها قائلة: أحيانًا أزهق حقيقى.. لويس يقول لى معلش يا سناء دول جمهورك.. لكن هل تتخيلى تليفون يرن بصفة دائمة وأتمنى خمس دقايق هدنة وادى إنتى شايفة بعض المكالمات والطلبات الغريبة، أضطر أرفع السماعة وأحيانًا أقول النمرة غلط مع إنى مبحبش الكذب»، وتستدرك سناء نفسها قائلة «أنا طبعًا سعيدة بحب الناس ونجاح المسلسل، لكن تصدقى مللت سماع صوتى وهو يكرر نفس الكلام، ربنا يخليك.. إن شاء الله أقدم عمل جديد.. حاضر.. متشكرة.. مع إنى مش فاضية ورايا شغل البيت كله والطبيخ وتنضيف البيت والغسيل».
ويبدو أن الجملة الأخيرة المتعلقة بشغل البيت لم تستسغها المحررة.. إذ كيف تكون نجمة فى قيمة سناء جميل تغسل وتمسح وتطبخ ولا تستعين بخادمة وطباخ مثلًا؟.. هنا تتدخل سناء لتنفى عن نفسها صفة البخل، قائلة: «أبدًا والله مش مسألة بخل، أنا أحب كل حاجة تتعمل بإتقان». إذن الإتقان هو الكلمة السحرية فى حياة سناء، وهو ما ظهر أكثر فى حوارها مع عائشة صالح عندما تحدثت عن تماهيها مع فضة لمدة شهر و١٠ أيام، هى مدة تصوير المسلسل داخليًا فى الأردن وخارجيًا فى الإسكندرية، حيث قالت بالنص: «نسيت سناء تمامًا لصالح فضة المعداوى، فكنت لا أختلط بالناس حتى أعيش فضة.. بعد التصوير أعود لجناحى فى الفندق ولا أخرج منه». وبالطبع كانت سناء تخشى الخروج من الفندق حتى لا تتعامل بسوقية فضة وطريقتها الجافة مع الناس.. حتى طريقة الأكل طلب منها فاضل أن تضع يدها داخل فمها لاستخراج الطعام الملتصق إمعانًا فى السوقية.. فاعتادت الأمر وقالت لعائشة صالح: «تصدقى كنت مكسوفة من لويس وهو بيشوفنى باكل بهذه الطريقة».
عندما طالبت «روزاليوسف» المعلمة فضة بتسديد ديون مصر
تحت عنوان «الكنز المدفون فى قلب القاهرة»، خرجت مجلة روزاليوسف فى عدد ١٩ مارس ١٩٩٠ بتحقيق مثير وبعنوان افتراضى فيه مجازًا، حيث يقول العنوان «المعلمة فضة تسدد ديون مصر».. التحقيق أجراه الصحفى جمال سليم، واستغل حينها واضع العنوان حالة الزخم التى صنعتها سناء جميل من خلال شخصية فضة فى الشارع المصرى؛ ليدلل على خطورة الأمر.
والموضوع ببساطة كان ردًا على دعوة كان الناقد الفنى رءوف توفيق قد تبناها بأن تبيع مصر ما لديها من لوحات فنية لكبار الرسامين العالميين لسداد ديون مصر، ومبرره القوى لهذه الدعوة أن هذه اللوحات لا يشاهدها أحد، لأنها مدفونة فى مخازن أو متاحف مهجورة لا يراها سوى قلة.
بالطبع التحقيق كان جادًا جدًا وفيه حقائق مؤلمة استخلصها المحرر، حيث يقول: «بعيدًا عن المواقف المتضاربة قررنا فى روزاليوسف أن نعرف أولًا ماذا سنبيع؟ وهل هناك ما يستحق البيع وما حقيقة الكنز المدفون؟.. والذى عرفناه مثير ويستحق الجدل حوله.. لدينا كنوز من اللوحات الفنية»، ثم على أربع صفحات كاملة قدم المحرر حصرًا لأهم تلك اللوحات التى لا تقدر بثمن.
الشاهد فى الموضوع أن المعلمة فضة قد أصبحت معنى أكثر من كونها اسمًا لشخصية فى مسلسل ناجح، ولم يجد صانع عنوان روزاليوسف البديع خيرًا منها للتدليل على فداحة بيع ذلك التراث الفنى الهائل التى تمتلكه مصر.
وبخلاف روزاليوسف، صار الأمر معتادًا استخدام اسم فضة المعداوى لإيصال معنى من خلال عناوين صحفية فى الصحف الورقية المختلفة، فتجد خبرًا يقول: «فضة المعداوى تظهر فى بولاق أبوالعلا» فى جريدة الأحرار مثلًا سنة ١٩٩٧.
لهذه الدرجة صارت شخصية فضة المعداوى رمزًا لكل تفريط فى قيمة فنية وأدبية فى عصر المادة.
ومن نفس مؤسسة روزاليوسف تخرج مجلة «صباح الخير» بخبر طريف ودال على مستوى النجاح، الذى وصلت إليه شخصية فضة المعداوى.. التقط الخبر الكاتب معتز نادى فى كتابه الجميل «سنة ٩٠» الصادر عن دار ريشة مؤخرًا، وهو عبارة عن حوار قصير بعنوان «فضة الإسكندرانية تعترف: سناء جميل سببت لى كارثة»، وموضوعه غاية فى الطرافة والدلالة عن سيدة تُدعى محبات إبراهيم خليل واجهت مشكلة كبيرة أرقت نومها تمامًا بعد عرض الحلقة الثالثة من مسلسل «الراية البيضا»، حيث ظهرت فضة فى محلها فى بحرى وفى الخلفية كتب على واجهة المحل رقم تليفون « ٨٠٣٦٢٩».. لتفاجأ الست محبات بسيل من المكالمات فور انتهاء الحلقة؛ لأن هذا الرقم هو رقم منزلها.. من المتصلين من عرض عليها الزواج، ومنهم من عرض شراء الفيلا التى أخذتها بالقوة من أبوالغار، ومنهم من عرض عليها شراكة فى مشروع استثمارى مستغلًا شهرتها بعد المسلسل.
خبر «صباح الخير» على طرافته هو بالغ الدلالة عما فعلته سناء جميل بالشارع المصرى بشخصية فضة المعداوى.. وكيف حوّلتها بصدقها وتماهيها معها إلى معنى ورمز، وليس مجرد شخصية درامية أداها ممثل بحرفية.. القصة أكبر وأعمق.
«راجل عجوز ما يسواش فى سوق الرجال تلاتة أبيض».. فى حب غزل فضة للدكتور مفيد
بالتأكيد تحفل الذاكرة الفنية بمئات المشاهد الغرامية الأيقونية داخل الأفلام المصرية أو المسلسلات، التى كانت تستلزم بالضرورة تماشيًا مع المنطق قدرًا لا بأس به من التسبيل والتنهيد والحوارات التى تفيض بكلمات الحب والغرام، والتى تبارى فى كتابتها كثير من أعتى كُتاب الحوارات الرومانسية.. ومن الطبيعى أن يكون طرفا الحوار عبدالحليم حافظ مثلًا، وهو يصارح شادية فى «معبودة الجماهير» بحقيقة مشاعره، أو سعاد حسنى وهى منفعلة على رشدى أباظة لعدم قدرتها على مصارحته بحبها فى «صغيرة على الحب»، أو حتى نور الشريف وبوسى فى «حبيبى دائمًا».
لكن أن يكون المشهد الرومانسى بين فضة المعداوى ومفيد أبوالغار فتلك هى المفارقة.. لكن الأغرب أن طبخة المشهد العبقرى كانت عظيمة عندما تناولها المشاهد على الرغم من غرابة مقاديرها المكونة من معلمة مسترجلة من بحرى نراها طوال المسلسل وهى تضع رقاب الرجال تحت قدميها بمنتهى العنف وهى تمارس صيحتها الشهيرة «ولا يا حمو.. التمساحة يلا».. لكننا نراها هنا وهى ترفع الستار عن مشاعر هشة أوقعتها فى غرام ذلك الرجل المثقف مالك الفيلا التى تريد هدمها.. بل تكشف فضة بمنتهى الضعف أن قصة إصرارها على شراء الفيلا أصلًا كان من أجل التقرب من الدكتور مفيد أبوالغار إرضاء لمشاعرها، التى تحركت بعد موات أكثر من ربع قرن كما ظهر من سياق الحوار.
لكن لأن الحبيبة التى تصارح حبيبها هى فضة المعداوى، فمن الطبيعى أن تقول له بمنتهى الانفعال العاطفى «الله يرحمك يا عبده يا شاطر فوتنى أرملة عندها ٢٣ سنة وتلت عيال.. وفنيت شبابى فيهم، اتقدمولى رجال بالطوابير كل واحد فيهم أنقح من التانى مال وشباب وصحة، لكن ولا واحد ملا عينى لحظة واحدة ولا فكرت أجيب راجل يذل ولادى.. أقوم بعد المشوار ده كله أتروش من نظرة.. ونظرة من مين.. من راجل عجوز ما يسواش فى سوق الرجال تلاتة أبيض!».