في يومها العالمي
السفير الفلسطيني لدى لندن: العالم يتجاهل عمليات القتل والإبادة الجماعية في غزة
أكد السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة حسام زملط، أن هناك عمليات قتل وإبادة جماعية ترتكب في غزة من قبل إسرائيل بينما العالم يراقب فقط ما يجري ضد القطاع.
وتحتفل الأمم المتحدة اليوم باليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا جريمة الإبادة الجماعية.
عودة الإبادة الجماعية في غزة
وقال السفير الفلسطيني لدى لندن في مقال له بصحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم، إن تصنيف الإبادة الجماعية كجريمة مستقلة بموجب القانون الدولي - إلى جانب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية - جاء كرد فعل على أهوال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت ألمانيا النازية، مدفوعة بأفكار "التفوق الآري" والرغبة في "العنصرية والنقاء"، لهذا نفذوا حملة إبادة ضد العديد من الشعوب التي اعتبروها أقل شأنا.
وقال زملط إن هذه الوحشية غير المسبوقة، إلى جانب التكلفة البشرية والمادية الهائلة للحرب العالمية الثانية، كانت الدافع وراء الدفع لإنشاء الأمم المتحدة ونظام عالمي قائم على القواعد لجعل الحرب الملاذ الأخير.
وأشار السفير الفلسطيني في مقاله بصحيفة الجارديان إلى أن هذا النظام من شأنه أن يضع حدودًا ثابتة للسلوك في الحرب، وللاحتلال العسكري، وفي تنظيم السلوك بين دولة ودولة ومنع الجرائم الفظيعة ــ حتى داخل الدول ــ مثل الإبادة الجماعية، والقتل المنهجي، والنقل القسري للسكان، والاستعباد، والفصل العنصري، وغيرها الكثير.
وتابع "لقد كان حلم ما بعد الحرب بعالم أفضل، حيث يتم تطبيق مبادئ حقوق الإنسان عالميًا، ويمكن لمجتمع عالمي حقيقي من الأمم، متساويين في الحقوق، أن ينشأ ويزدهر تحت حماية قانون مشترك من شأنه أن يجعل الحرب أمرًا عفا عليه الزمن. واليوم، يبدو هذا الحلم عفا عليه الزمن".
دلائل الإبادة الجماعية في غزة
وأشار السفير الفلسطيني إلى أن اليوم العالم يشاهد القتل الجماعي الذي ترتكبه إسرائيل في غزة، والتدمير الشامل لمناطق وبلدات ومدن بأكملها، والتهجير الجماعي لما يقرب من مليوني شخص، واليوم النظام العالمي القائم على القواعد والقانون يبدو أكثر عجزًا أو عرضة للخطر من أي وقت مضى.
وأشار إلى أنه في أقل من شهرين، أدى القصف الإسرائيلي لغزة، وفقًا لمنظمة إنقاذ الطفولة، إلى مقتل عدد من الأطفال أكبر من عدد الأطفال الذين قتلوا في مناطق الصراع العالمية كل عام منذ عام 2019؛ وكذلك عدد العاملين في الأمم المتحدة الذين قتلوا أكبر من أي فترة مماثلة في تاريخ الأمم المتحدة الذي يبلغ 78 عاما، وعدد الصحفيين أكبر من أي فترة صراع منذ عام 1992، مشيرا إلى أن العقاب الجماعي للفلسطينيين لا يمكن مقارنته بأي صراع آخر في الذاكرة الحديثة.
وأشار السفير الفلسطيني إلى أن الشهرين الأخيرين ليسا سوى استمرار لتاريخ يمتد 106 أعوام يتسم بإنكار حقوق الأمة الفلسطينية، والذي بدأ عام 1917 بوعد بلفور والحكم الاستعماري البريطاني، واستمر بالطرد القسري لأكثر من ثلثي سكانه للشعب الفلسطيني في نكبة 1948، واحتلال إسرائيل عام 1967 لبقية فلسطين التاريخية.
متطلبات وقف الإبادة الجماعية على غزة
وقال زملط إنه كان هناك بصيص من الأمل في عام 1993، عندما وقعت منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل على اتفاقيات أوسلو ومع الدعم الدولي لحل الدولتين على حدود عام 1967، بدا للحظات قصيرة أنه ربما يمكن التوصل إلى حل أخيرًا، ويمكن للفلسطينيين التمتع بالحرية في دولة خاصة بهم لكن المفاوضات كانت سيئة الصياغة، الأمر الذي أدى إلى تأجيل المحادثات حول قضايا "الوضع النهائي" لصالح الاتفاقات المؤقتة وإجراءات "بناء الثقة".
وأشار السفير الفلسطيني إلى أن بناء المستوطنات، هو الذي دفع أخيرًا ثمن اتفاق أوسلو ولم تقبل إسرائيل قط بالانسحاب الشامل إلى حدود عام 1967، لأسباب ليس أقلها المشروع الاستيطاني الذي بدأ في السبعينيات بهدف واضح هو الحفاظ على السيطرة على الأرض والناس، ومع عجز العالم أو عدم رغبته في الضغط على إسرائيل، رضخ لتحول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن نتيجة حل الدولتين لصالح الإدارة المستمرة إلى أجل غير مسمى للاحتلال العسكري ــ نظام الفصل العنصري في الحكم ــ والاستمرار في التوسع الاستيطاني.
وشدد زملط على أن منظمة التحرير الفلسطينية تركز على الدبلوماسية فلا يزال من الممكن إنقاذ نتيجة حل الدولتين ووضع نهاية للاحتلال كهدف نهائي، بدءًا بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين على حدود عام 1967 والالتزام بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
وطالب زملط القوى العالمية بأن تبدأ في أخذ مسؤولياتها وواجباتها على محمل الجد في ظل النظام الدولي، وفي المقام الأول واجب تطبيق القانون الدولي والقرارات الدولية بشكل عادل وعلى قدم المساواة وتحت المساءلة، فالمستوطنات هي جرائم حرب. ويجب معاملتهم على هذا النحو وكذلك حكم الفصل العنصري الذي تمارسه إسرائيل على سكان محتلين هو جريمة ضد الإنسانية ويجب التعامل معها على هذا النحو.
وشدد السفير الفلسطيني على ان إسرائيل ليست منخرطة في "حرب" على حماس لكنها تخوض حربًا على الشعب الفلسطين ويتجلى ذلك بوضوح في قصفها العشوائي لغزة، ولغة الإبادة الجماعية التي ينشرها القادة الإسرائيليون من أعلى المستويات، والتطهير العرقي الذي يمارس بشكل واضح.
وحث السفير الفلسطيني على ضرورة إنها هذا الأمر مشيرا إلى أنه تم اعتماد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في عام 1948، وهو نفس العام الذي وقعت فيه النكبة.