تقرير أمريكى: مصر واجهت العالم وأفسدت مخططات إسرائيل بتهجير سكان غزة
نزح أكثر من 80% من سكان غزة أي ما يقرب من 1.8 مليون شخص منذ أن بدأت إسرائيل عدوانها على القطاع، حيث تم تدمير ما لا يقل عن 60% من المباني في القطاع المحاصر من الجانب الإسرائيلي، وتحول جزء كبير من المنطقة الشمالية إلى منطقة غير صالحة للسكن، ولكن يبدو أن النزوح داخليًا أفضل كثيرًا من التهجير القسري لسكان القطاع وهو المخطط الذي رفضته مصر بشكل كامل وواجهت العالم لمنع تكرار نكبة ثانية.
وأوضحت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، أنه حتى قبل وقف القتال الذي بدأ في 24 نوفمبر، كانت إسرائيل قد بدأت بتحويل هجومها نحو الجنوب، ومع استئناف القتال، أصبحت البلدات والمدن في جنوب غزة مستهدفة بالإخلاء، وقد يحتاج الرجال والنساء والأطفال الذين طردوا بالفعل من الشمال إلى الانتقال مرة أخرى إليه.
الخيار الأسوأ.. النزوح داخليًا أفضل من التهجير القسري
وتابعت الصحيفة أنه حسبما ورد طلبت إسرائيل من مصر السماح بإنشاء مخيمات مؤقتة للاجئين في صحراء سيناء، ولكن إذا تحول سكان غزة النازحون داخليًا إلى لاجئين في مصر أو أي مكان آخر، فإنهم لن يؤدي إلا إلى تفاقم أزمة اللاجئين الفلسطينيين المستمرة منذ 75 عامًا، وهو ما من شأنه أن يخلق تداعيات عالمية دائمة يمكن التنبؤ بها.
وأضافت أن مصر رفضت المقترح وواجهت كافة الضغوط الغربية لاستقبال 2.3 مليون فلسطيني من قطاع غزة، وفي النهاية تحول الموقف الأمريكي والأوروبي تجاه مصر وبدأوا يدعمون موقفها والتصدي لمحاولات إسرائيل لتكرار النكبة الثانية.
وأشارت إلى أن إجبار الفلسطينيين على الخروج من غزة، من شأنه أن يؤجج الروايات القائمة حول الضم الإسرائيلي طويل الأمد للأراضي الفلسطينية، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من الضربات في الشرق الأوسط ضد إسرائيل وبالتالي الولايات المتحدة ما يجعل التصعيد إلى حرب إقليمية أكثر احتمالا، كما أنه من شأنه أن يزيد من تآكل آفاق إسرائيل على المدى الطويل لتحقيق السلام مع جيرانها، ويثير الغضب العربي ضد إسرائيل أكثر.
وأوضحت أن فرص عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى غزة منخفضة، في المتوسط، يعود 30% فقط من اللاجئين إلى بلادهم بعد عقد من انتهاء الأعمال العدائية، وبالنسبة للنزاع المستمر أو غير المستقر، تكون المعدلات أقل، وبالنسبة لإسرائيل لم يعود أي فلسطيني تم تهجيره من أرضه.
وتابعت أنه في حال وافقت مصر على إقامة مخيمات اللاجئين في سيناء، فإن سكان غزة سيعيشون حياتهم هناك، وكذلك أطفالهم ليعاد التاريخ الفلسطيني مرة أخرى، فأحفاد الفلسطينيين الذين نزحوا في عام 1948، عند تأسيس دولة إسرائيل وبعد حرب 1967 يبلغ عددهم اليوم 5.9 مليون نسمة ولا يزال ثلثهم يعيشون في 58 مخيمًا في غزة بعضها تم تدميره الآن، والضفة الغربية، والقدس الشرقية، والأردن، ولبنان، وسوريا، وقد يشكل اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات في سيناء مصدرًا لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن وجود الفلسطينيين في سيناء من شأنه أن يزعزع أمن مصر والتي تُعد حجر الزاوية في منطقة الشرق الأوسط، كما أن الشعب المصري لن يقبل بمثل هذا المقترح الذي يعرض أمنه واستقراره للخطر، فضلًا عن أنه يفرغ القضية الفلسطينية من جوهرها مثلما شدد في الرئيس عبد الفتاح السيسي في كافة لقاءاته العلنية والمغلقة مع قادة الدول الأوروبية والأمريكية.
وتابعت أن الرئيس السيسي يُدرك تاريخ القضية الفلسطينية بقوة، وتعامل مع الأمر حتى الآن بحكمة وهدوء وتوازن حيث سمح للجرحى والمصابين للعلاج في مسنشفيات مصر، حيث تستضيف مصر بالفعل 9 ملايين مهاجر، 80% منهم من السودان وسوريا واليمن وليبيا التي مزقتها الحرب وإضافة 2.3 مليون آخرين لن يكون أمرًا هينًا على مصر.
ويقول السيسي أيضًا إن النزوح خارج غزة سيكون بمثابة نهاية لآمال إقامة دولة فلسطينية، ويمكن أن يزيد من تأجيج أزمة اللاجئين العالمية أيضًا.
وأفادت الصحيفة أن مصر تتعامل مع اللاجئين العرب خصوصًا من فلسطين وسوريا معاملة المصريين، ولا تقيم مخيمات أو تخصص مدن محددة لأي لاجئ.
وتابعت أن كل هذه العوامل تجعل النزوح داخليًا لأهالي غزة أفضل كثيرًا من التهجير القسري، فكافة الخيارات المتاحة لحماية المدنيين في غزة ليس جيدة أو لا تخلو من مقايضات قاتمة، وحتى عندما ينتهي القتال بشكل دائم، فإن عودة المدنيين إلى المجتمعات التي تم إجلاؤها ستكون بمثابة مسعى شاق، ولن يتطلب الأمر عملية تنظيف واسعة النطاق فحسب، بل سيتطلب أيضًا إزالة الذخائر غير المنفجرة بشكل بطيء وخطير وإعادة بناء جميع البنية التحتية، الكهرباء والمياه والصرف الصحي والمدارس والمنازل والمستشفيات، لدعم سكان يقاربون حجم هيوستن وهو ما قد يستغرق عقودًا في ظل الموارد المحدودة في القطاع.
وأشارت إلى أن الخيار الأقل سوءًا هو إبقاء سكان غزة النازحين في غزة، وتوفير الحماية والمساعدة الإنسانية أينما كانوا، سيؤدي ذلك على الأقل إلى تحسين فرصهم في البقاء في وطنهم، والمساهمة في إعادة البناء والمشاركة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية المحتملة – وهى الرؤية التي قال الرئيس بايدن إنها تظل سياسة أمريكية وتم إعادة تنشيطها منذ بداية هذا الصراع.