الأمونيا الخضراء.. نجاحات ملموسة في الاستراتيجة المصرية لتغير المناخ
تشهد مصر طفرة غير مسبوقة في تنامي الطلب على الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة وخاصة الحديثة منها وهي مشروعات الهيدروجين والأمونيا الخضراء، وتحتوي خطة الحكومة المصرية لمشروعات الهيدروجين الأخضر على العديد من المحاور التي ترتكن إليها في التحول الكامل إلي الطاقة النظيفية من خلال تعظيم الاستفادة من قدراتها الطبيعية في نسب السطوع الشمسي وسرعات الرياح في توليد الطاقات الجديدة والمتجددة، ومن ضمن هذه المحاور مشروعات إنتاج الأمونيا الخضراء.
مؤخرًا ناقش رئيس الوزراء د.مصطفى مدبولي، مع أحدي الشركات الدولية مشروعًا لإنتاج الأمونيا الخضراء بخليج السويس باستثمارات حوالي مليار دولار، يأتي هذا بالتزامن مع انعقاد الدورة الـ 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية المناخ في دبي، ليؤكد على كلمة مصر في افتتاح المؤتمر والذي قالها الرئيسي عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية ليؤكد على تصاعد الطموح المصري في تنفيذ إجراءات تتفق مع ما تم الاتفاق عليه في اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.
المشروع الذي عملت على دراسته اللجنة التنفيذية لمتابعة مشروعات الهيدروجين الأخضر، والتي تضم في عضويتها ممثلي العديد من الحقائب الوزارية والهيئات الحكومية ذات الصلة بمل مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر-وعلى رأسهم وزارة الكهرباءوالطاقة المتجددة- قالت: لقد ناقشنا هذا المشروع لفترة كافية، وانتهينا إلي جدوها، مع الأخذ في الأعتبار إجراءات العمل على توفير احتياجاته، وتذليل أي عقبات".
يقوم مشروع الأمونيا الخضراء المصري على بناء منشأة للتحليل الكهربائي بقدرة 400 ميجاوات، تعتمد على الطاقة المتجددة بالكامل لإنتاج 183 طن يوميًا من الهيدروجين الأخضر لإنتاج ألف طن يوميًا من الأمونيا الخضراء.
ما هى الأمونيا الخضراء وأهمية بالنسبة لكهرباء مصر؟
يواجه العالم أزمة غير مسبوقة في مجال صناعة واستخراج الغاز والنفط، لكن الجانب الإيجابي لذلك هو أن الهيدروجين الأخضر سيعوض قطاع الطاقة عن كل العجز تدريجيًا، ولكن تعويض هذا العجز يحتاج إلي تعاون دولي مشترك الأهداف نحو التحول إلى اقتصاد الهيدروجين الأخضر.
1- الهيدروجين الأخضر
الهيدروجين هو أول وأخف عنصر كيميائي في الجدول الدوري وبصفته المادة الكيميائية الأكثر وفرة في الحلقة المفقودة لإنتقال الطاقة، ويرجع ذلك إلى دوره الرئيسي في ربط القطاعات:يمكن للهيدروجين كناقل للطاقة أن يربط بين القطاعات المستهلكة للطاقة مثل المباني (التدفئة والتبريد) والنقل والصناعة مع قطاع صناعة الطاقة وتطويرها.
ويستخدم الهيدروجين كناقل للطاقة بشكل أساسي من قبل القطاعات البتروكيميائية وفي صناعة الأسمدة. ومؤخرًا أصبح "الهيدروجين" المصدر الأكثر خفضٍ لكثافة استهلاك الطاقة، وذو دور كبير ومؤثر في الاستراتيجيات الدولية لتغير المناخ.
حاليًا 96 % من إنتاج الهيدروجين عالميًا، تصنع من مصادر الوقود الأحفوري، وهو ما جعل للهيدروجين آلوان معدودة:
الهيدروجين الأخضر: ينتج عن تحليل الكهربائي للماء في محلل كهربي، وتزود الكهرباء من مصادر الطاقة
المتجددة مثل الطاقة المائية أو طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية.
الهيدروجين الرمادي: ينتج باستخدام الغاز الطبيعي.
الهيدروجين الأزرق: يحتاج لنفس عملية صنع الهيدروجين الرمادي لكن الكربون الناتج عن العملية يتم جمعه.
الهيدروجين الأصفر: يتم صنعه عن طريق التحليل الكهربائي للطاقة الكهربائية الناتجة عن الطاقة النووية أو من النفايات إلى هيدروجين أو من تحويل النفايات إلى غاز.
الهيدروجين التركواز: ينتح من الغاز الطبيعي أو التحلل الحراري
2- الأمونيا الخضراء
يتم إنتاج الأمونيا الخضراء عن طريق تفاعل الهيدروجين والنتروجين معا عند درجات حرارة مرتفعة وضغط عال، فيما يعرف بعملية "هابر-بوش"(Haber-Bosch)، وفقا لموقع "ساينس دايكرت".
لكن هذا يعرف بالإنتاج التقليدي للأمونيا الخضراء، كثيف الطاقة ومساهم رئيسي في تغير المناخ، لذا قامت العديد من المؤسسات العلمية الخاصة والحكومية في تجارب أثببت قدرة إنتاج الأمونيا الخضراء منزوعة الكربون بإاستخدام الهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه باستخدام التحليل الكهربائي للماء لتوليد الهيدروجين والأكسجين باستخدام الكهرباء المستدامة. والنتيجة هي أمونيا خضراء قابلة للتجدد بنسبة 100٪ وخالية من الكربون.
خطة الدولة لمشروعات الهيدروجين الأخضر
تعد مصر من أكبر الدول المؤهلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لتكون شريكًا أوروبيًا في مشروعات تخزين الطاقة الشمسية وتحويلها إلى الهيدروجين ونقل هذا الهيدروجين إلى أجزاء أخرى من العالم، وكذلك في مشروعات إنتاج الأمونيا الخضراء كمصدر أكثر صداقة للبيئة.
هذا ما عكسته الجلسة الحوارية بين رئيس الوزراء المصري د.مصطفي مدبولي وممثلي الشركة الدولية المتقدمة بمشروع الأمونيا الخضراء الأحد 3 ديسمبر 2023، إذ تبين أن استثمارات المشروع المتوقعة تبلغ نحو مليار دولار تتوزع على إقامة منشأة التحليل الكهربائي ومحطة الأمونيا، بالإضافة إلى تخصيص جزء من الاستثمارات لصالح إنشاء محطة لتحلية المياه التي تدخل في عملية التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر وغيرها من البنية اللازمة للمشروع.
نجاحات ملموسة في حفض الانبعاثات
نجحت استخدامات الطاقة المتجددة في مصر من خفض 10990 ألف طن ثاني أكسيد كربون وإحداث وفر في الوقود يقارب 4347 ألف طن مكافئ نفط، وهو ما يبرز الدور الكبير للطاقة المتجددة في مجابهة تغير المناخ.
وارتفع الطلب على الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة، في مصر بشكل متسارع، إذ بلغت تطورات المشروعات قدرات وصلت إلي 3570 ميجاوات، باستثمارات أجنبية مباشرة تقارب 3،5 مليار دولار، ضعف أعمال عام 2020. منها 78% لمشروعات طاقة الرياح بمنطقة خليج السويس على ساحل البحر الأحمر ذات سرعات الرياح العالية، و22% للطاقة الشمسية.
كما وقعت الحكومة المصرية علي عدد (8) مذكرات تفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء مع أكبر التحالفات العالمية والمحلية، إضافة إلى مذكرات تفاهم وخطابات ابداء الاهتمام من مؤسسات استثمار عالمية أخرى.
مزيج الطاقة بحلول 2050
تلعب الكهرباء المنتجة باستخدام الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والوقود الاصطناعي دورًا مهمًا في الوصول إلى استخدامات القطاعات كثيفة الاستهلاك، مما يكون له بالغ الأثر على بلوغ استراتيجة الطاقة المصرية أهدافها بتحقيق نسب مزيج الطاقة على نحو مساهمة الطاقة التقليدية بـ 2%، والطاقة النووية 0.2%، والطاقة المتجددة 65%، وسيكون نسبة الانبعاثات الكربونية 7%.
إن علمية التحول من الطاقة التقليدية إلي طاقة نظيفة لا تقتصر عوائدها على الجانب الاقتصادي والبيئي مباشرة فقط، بل أن أثارهاالجانبية من المميزات أن تؤدي إلي بمزيد من الوظائف، ونمو اقتصادي أعلى، وظروف معيشية أكرم ورفاهية محسنة، وانبعاثات كربونية أقل.
إن تحويل الطاقة من شأنه أن يحسن رفاهية الإنسان، وينعكس ذلك في التحسينات الصحية الهامة من الحد من تلوث الهواء وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وأظهر التقارير المصرية إلي وصول إنتاجية الطاقة الكهرومائية خلال عام 2021 حوالي 14 ألف جيجاوات ساعة، بينما سجلت مشروعات طاقة الرياح حوالي 5،4 ألف جيجاوات ساعة، فيما بلغت الطاقة المنتجة من الخلايا الشمسية المتصلة بالشبكة حوالي 4،5 ألف جيجاوات ساعة، هذا فضلًا عن حوالي 12 جيجاوات ساعة مولدة من مشروعات الوقود الحيوي.
وقد ساهم ذلك في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يقارب 10 مليون طن ثاني أكسيد كربون وإحداث وفر في الوقود يقارب 4 مليون طن مكافئ نفط.