رضوى عاشور.. أثر الفراشة لا يزول
حضور رضوى عاشور يُشبه «أثر الفراشة»، تلك النظرية التى تتحدث عن فلسفة التأثير الفيزيائى، مثل أن تتسبب رفرفة جناح فراشة فى الصين فى رياح هادرة فى أمريكا الشمالية، هذا بالضبط ما حققته صاحبة «ثلاثية غرناطة»، التى كلما كتبت حرفًا هطلت الدموع من العيون مثل المطر.
هذا الحضور لم يغب لحظة فى حياتها، أو حتى بعد وفاتها، التى تحل اليوم ٣٠ نوفمبر ذكرى رحيلها، فهى موجودة بتأثيرها المتكامل كإنسانة مثقفة وكفرع أصيل نما من الجذور العميقة للشعب المصرى، وكأديبة تمثل رقمًا صعبًا فى تاريخ الرواية العربية، وتسكن فى وجدان القارئ العربى والأجنبى.
ويستطيع المتأمل فى وجه رضوى عاشور أن يقرأ صفحة تاريخها الإنسانى الشفاف البسيط، ويدرك كم أنها امرأة تحمل فى داخلها قلبًا ناصع البياض وإرادة على تجاوز المحن والعقبات، وعقلًا فذًا فتح لها الطريق لتحقيق تجربة معرفية وإبداعية فريدة من نوعها، كما تحمل فى داخلها رغبة مُلحة فى الدفاع عن المظلومين والمهمشين وتحقيق التحرر الوطنى، بما تحمله من نزعة فكرية عروبية ونضالية وتقدمية.
ولعل زواجها بالشاعر الفلسطينى الكبير مريد البرغوثى قد أضاف إلى ملامح وجهها الكثير من الألم، فقد تشتت شمل الأسرة فى فترة السبعينيات، وعانى الزوجان من الفراق، لكنهما امتزجا معًا كأنهما روح واحدة. وعاشت «رضوى» تجربة قاسية مع مرض السرطان فى نهاية حياتها، لكن المرض لم يزدها إلا توهجًا والتماعًا وإشراقًا، فغابت عن عالمنا لكن كما تغيب الشمس، التى تختفى ساعة الغروب، لكن يستمر دفؤها اللازم لمواصلة الحياة.