المارونية عن مار يعقوب المقطّع: كان مسيحيٌّا من شرفاء فارس
تحتفل الكنيسة المارونية بذكرى مار يعقوب المقطّع الشهيد.
وألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها "كان المسيح يكلّمُ الجموع؛ بعضهم لم يكن يفهمْ وكانوا يجادلون.
وقالت امرأة:"طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا" امرأة تصرخ تلك الأشياء، يا للرّوعة! إنّه الشعب بما يمتلكُ من أصالة وعمق! في تلك اللّحظة، قال الرب يَسُوع: "بَلِ ٱلطُّوبَى لِلَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَحْفَظُونَها". فهو أراد الهروب من حصار العائلة هذا، ما ندعوه اليوم "تطويق المجموعات". ففي البلاد الجبليّة أو الريفيّة، الروابط العائليّة متينة للغاية وتشبه القبائل الصغيرة. وقد أراد الربّ يسوع أن يبتعد عنها.
وحين قيل له:"إِنَّ أُمَّكَ وَإِخْوَتَكَ وَاقِفُونَ في الخَارِجِ يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْك. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُم: إِنَّ أُمِّي وَإِخْوَتي هُمْ هؤُلاءِ الَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا" (فهو كان يؤسّس مجتمعًا عابرًا للطبيعة، مجتمعًا لا يقوم على تقارب الحساسيّات والأوضاع الاجتماعيّة المتعلقة بالطبقة وبالأصل.
لا، إنّه شيء آخر، لقد قال لهذه المرأة "إِنَّ أُمِّي وَإِخْوَتي هُمْ هؤُلاءِ الَّذينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا". ولكن، هذه المرأة كانت قد سمعت كلمة الله بما أنّها قالت له: " طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذي حَمَلَكَ، وَلِلثَّدْيَينِ اللَّذَينِ رَضِعْتَهُمَا" وليس هذا بتأنيب وجّهه الربّ يسوع لها، بل على العكس من ذلك، إنّه تأكيدٌ إذْ يقول: طوبى لكِ إذ فهمتِ أنّ هناك أمرًا أعظم من العلاقات العائليّة، أمرًا يُعطي النور للعلاقات العائليّة حين يتمّ قبولها. ولكنّه أمرٌ من نوعٍ آخر.
إذًا! هذه هي الأمور الّتي أُعلِنَت لنا والّتي فهمها القدّيسون وعاشوا وفقًا لها.
مَن هو مار يعقوب المقطّع الشهيد؟
كان يعقوب مسيحيٌّا من شرفاء بلاد فارس، قرّبه الملك يزدجرد من بلاطه وأولاه أشرف المراتب. ألزم الملك جميع المسيحيّين بأن يقدّموا الذبائح للشمس والكواكب. فنال الكثير من المسيحيّين إكليلَ الشهادة. ولكنّ قسمًا منهم فضّلوا الحياة على نعمة الاستشهاد، ومن بينهم يعقوب الذي قدّم الذبائح والبخور للآلهة.
عرفت زوجته وأُمّه بالأمر فكتبتا له رسالة مليئة بالعتاب والأسف والدموع والتوسّل لكي يعود عن كفره، فتأثّر وانطلق إلى الساحة العامّة يعلن أنّه مسيحيّ. فاستدعاه الملك ووبّخه على تصرّفه الأرعن. فأجابه بكلّ جرأة أنّه مسيحيّ ولن يحيد أبدًا عن إيمانه هذا. فأمر الملك بأن يقطّع إربًا إربًا. فقطّعوا أصابع يديه ورجليه واحدة واحدة، ثمّ قطعوا يديه ورجليه ثمَّ ساقيه وذراعيه وهو صابر يشكر اللّه وأخيرًا، قطعوا رأسه فنال إكليل الشهادة سنة 441.