صحفيون تحت القصف(2)- عامر الفرا.. مهمة توثيق جرائم الإبادة في غزة
كان عامر الفرا، مراسل قناة اليوم، واحدًا من هؤلاء الصامدين في ميدان الحرب داخل قطاع غزة، ليوُثق رفقة زملاؤه ما يجري على الأرض.. مخاطر كبيرة كانت تُحيطه، وزملاء كانوا يتساقطون واحدًا تلو الآخر لتضمهم قائمة شهداء الوطن.. لكنه قرر أن يواصل نقل ما يجري للعالم.
يروي «عامر» لـ«الدستور» قائلًا إن هذه الحرب من أصعب وأقسى الحروب التي تعرض لها قطاع غزة منذ عدة سنوات، حيث تُمارس إسرائيل إبادة جماعية بحق أكثر من ٢ مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة.. قصف منازل فوق رؤوس ساكنيها دون سابق إنذار.. مسح عائلات بأكملها من السجل المدني، وتدمير أحياء كاملة، إلى جانب تدمير الأبنية التحتية وانعدام كافة مقومات الحياة.. لا كهرباء.. لا ماء.. ولا غذاء.
مهمة صعبة يعيشها الصحفي الفلسطيني ورفاقه في مهنة البحث عن المتاعب.. «نعمل تحت ضغط كبير، فمُنذ الأسبوع الأول أخلينا مكاتبنا ومؤسساتنا الإعلامية بعد أن طلب الاحتلال إخلاء مدينة غزة، إضافة لتدمير عدد من المؤسسات الإعلامية وقصف مكاتب، واضطررنا للعمل من مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس، خاصة أنه المكان الوحيد الذي يتوفر فيه كهرباء وشبكة إنترنت» ـ يقول عامر.
حاول الصحفيون الفلسطينيون التغلب على المعوقات قدر المستطاع ـ كما يقول عامر ـ ليستمروا في تغطية الحرب والمجازر التي تُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة.. يحكي عنها مضيفًا: رغم صعوبة التنقل والحركة، إلا أننا نحاول الانتقال إلى أماكن القصف ورصد حجم الجرائم التي اُرتكبت لنقل كل هذا للعالم.. نعمل بقِلة الإمكانيات.. نواجه صعوبة في الكهرباء والإنترنت والتنقل، لكن طبيعة عملنا ومن واجبنا المهني أن نُحاول الاستمرار من أجل نقل هذه المعاناة.
مشاهد قاسية يوثقونها كل يوم في ميدان الحرب.. «أطفال ونساء وشيوخ.. شهداء عبارة عن أشلاء.. إسرائيل تواصل المجازر في حق الفلسطينيين في غزة» ـ يقول الصحفي.
ألم آخر يعيشه الصحفيون في غزة عند تغطيتهم الحروب، فالأحياء منهم ربما فقدوا قريبًا أو صديقًا أو جارًا.. فشَغَلتهم مخاوفهم على أُسرهم عن خوفهم على أنفسهم أثناء التغطية الصحفية للأحداث، ومنهم «عامر» الذي يعيش المخاوف ذاتها على أسرته، فيقول عنها: أحاول الاطمئنان عليهم بصعوبة بالغة، نظرًا لسوء الاتصالات منذ بدء الحرب.. لكن كلما سمحت ليّ فرصة؛ أتواصل مع زوجتي وأطمئن عليها وعلى طفلتي.. وأحاول قدر المستطاع أن أُطمأنهم، والحقيقة من الصعب أن تكون في عملك تُغطي حربًا، وأهلك وأطفالك بعيدين عنك، ومن الصعب أن تتواصل معهم.. شعور من القلق والخوف.