في عيد القديس ذهبي الفم.. المارونية: رحل في سنة 407 م
تحتفل الكنيسة المارونية بذكرى مار يوحنّا فم الذهب المعترف، وُلِدَ هَذا القِدِّيس العَظيم في إنطاكية عاصِمَة سوريا الأولى حَولَ سنة 345. كان والِدُهُ قائِداً في الجَيش الروماني، وأمُهُ مَعروفَةً في تَدَيُنِها وإيمانِها الراسِخ. بَعد ثَقافَة عاليَة وتَربيَة مَسيحيَة حَقيقيَة إقْتَبَلَ العِماد المُقَدَّس لَيلةَ الفِصح سنة 369 مِن يَد مَلاتيوس البَطِريَرك. وَذَهَبَ بَعدَ ذَلِك الى البَرِّيَة لِلزُهِد والعِبادَة. رَسَمَهُ البَطِريَرك شَماساً، وكَلَّفَهُ بِالوَعِظ وَنَشِر كَلمَة الحَق في الكَنيسَة حَتى سنة 386 حَيثُ رُقِّيَ الى دَرَجَة الكَهنوت. وعِندَ مَوتِ بَطريَرك القِسطَنطينية سنة 396 أُخْتيَر لِيَكونَ خَلَفاً لَه، وكانَت شُهرَتُهُ وقَداسَتُهُ قَد بَلغَتا عَاصِمَة الامبراطوريَة فاستَلَمَ مُهِمَتَهُ وقَامَ بِها بِجُرأة وشَجاعَة يُدافِع عَن الحَق والانجيل ولا يَخاف الاّ الله. وكانَ رَدُّ الفِعلِ قَويًّا مِن جِهَةِ البَلاط المَلكي وخاصَة الامبراطورة أڤدوكيا. فنُفيَ سنة 403 وأَخَذَ يَتَعَذَّب في مَنفاه مُتَنَقِلاً مِن بَلَدٍ الى بلدٍ حَتى إنتَقَلَ الى الحَياة الأَبَدية في سنة 407.
إنَّ مَواعِظَهُ وخُطَبَهُ لا تَزال تُدوي في كَنائِسِنا عَلى مَرِّ الاجيال، ولا يَزال ذِكرَهُ حيًّا، وَقَد لُقِّبَ بالفَم الذَهَبي لِجودَة كَلامِه. وَقَد أَعلَنَهُ البابا بيوس العاشِر شَفيع الواعِظين والخُطباء المسيحيين.
العظة الاحتفالية
وبهذه المناسبة القت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: فلتباركني قوّتك الإلهيّة، وحكمتك وطيبتك، يا إلهي، يا حبّي الوديع؛ فلتدَعني أسير خلفك بإرادة حريصة، وأتخلّى عن نفسي بإخلاص، وبقلب ونفس وروح متحمِّسين للغاية، وأتبعك بأكمل طريقة.
"هَلُمُّوا أَيُّها البَنونَ وليَ اْستَمِعوا مَخافةَ الرَّبِّ أُعَلِّمُكم".. آه، يا ربّي يسوع، أيّها الرَّاعي الصالح، اجعلني أسمع صوتك وأتعرّف عليه، هو الذي يحرّرني من كلّ ما يمنعني من أن أكون لك؛ ارفعني بذراعك؛ اجعلني أرتاح في حضنك، أنا نعجتك الّتي صارت خصبةً بروحك. هنا علّمني كيف أخافك؛ أرني كيف أحبّك؛ علّمني كيف أتبعك..."السَّاكِنُ في كَنَفِ العَلِيِّ يَبيتُ في ظلِّ القَدير.
يا حامي نفسي وملجأي في يوم الضيق، دافع عنّي عند كلّ تجربة؛ أَحِطني بدرع الحقّ. أنت نفسك، كن معي في جميع مِحَني: أنت يا مَن هو رجائي، دافع عنّي دومًا من كلّ خطر جسديّ وروحيّ، واحمِني.