قمة التضامن مع فلسطين
هذا هو عنوان الدورة غير العادية، الاستثنائية أو الطارئة، رقم ١٦، لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القادة، التى تستضيفها العاصمة السعودية الرياض، اليوم السبت، والتى تهدف إلى وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، ووضع حد للمأساة، التى يعيشها الشعب الفلسطينى، وتأكيد الرفض العربى مخططات، أو مشروعات، تهجير أهل غزة إلى مصر وأهل الضفة الغربية إلى الأردن، التى بدا واضحًا أن إسرائيل تسعى إلى تنفيذها عبر، وخلال، عدوانها العسكرى الوحشى.
الدعوة إلى عقد القمة العربية الطارئة، أطلقها الرئيس الفلسطينى محمود عباس، فى ٢٨ أكتوبر الماضى، ونرى أنها تأتى استكمالًا للضغوط العربية على «المجتمع الدولى»، التى بدأت بمحاولات، لم تنجح، لاستصدار قرار من مجلس الأمن، ثم امتدت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستطاعت أن تنتزع، فى ٢٧ أكتوبر، قرارًا، غير ملزم، يدعو إلى هدنة إنسانية فورية دائمة، تقود إلى وقف العمليات العسكرية.
مع مطالبة المجتمع الدولى، الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، باتخاذ إجراء رادع يضع حدًا لهذه المأساة، ويؤدى إلى الوقف الفورى للعمليات العسكرية، سيطالب القادة العرب، أيضًا، بوقف التهجير القسرى للشعب الفلسطينى، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وتمكين إيصال المساعدات الإغاثية والمعدات الطبية العاجلة، دون قيود، وبشكل مستدام. وستتخذ القمة، طبعًا، قرارات حيال ما يتعرض له الشعب الفلسطينى بالضفة الغربية، من اعتداءات ممنهجة ومستمرة، وإرهاب رسمى منظم، و... و... ومع تسليمنا بأن مطالبات، أو قرارات القمة، كما كل القمم العربية السابقة، لن يكون لها تأثير على المدى القريب، إلا أنها ستقدم للمجتمع الدولى، صورة واضحة للموقف العربى الموحّد، الذى نتمنى أن يكون، فعلًا، كذلك!
فى نهاية اجتماعهم التحضيرى للقمة الطارئة، أمس الأول الخميس، أقرّ وزراء الخارجية العرب الصيغة النهائية لمشروع القرار، أو البيان الختامى، المقرر أن يعتمده القادة، اليوم، الذى قيل إنه يلبى تطلعات الشعوب العربية. ولعلك تتذكر أن هذا الاجتماع الوزارى، أو اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، يأتى بعد شهر بالضبط، من الاجتماع الطارئ، الذى استضافه مقر الجامعة العربية بالقاهرة، فى ١١ أكتوبر الماضى، والذى طالب بـ«الوقف الفورى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتصعيد فى القطاع ومحيطه»، وأكد أنه يدعم «ثبات الشعب الفلسطينى على أرضه»، وحذّر من أى محاولات لتهجيره خارجها»، ودعا المجتمع الدولى إلى «إطلاق تحرك عاجل وفاعل» لتحقيق ذلك، تنفيذًا للقانون الدولى، وحماية لأمن المنطقة واستقرارها من خطر توسع دوامات العنف.
لعلك تتذكر أيضًا، أن القمة العربية العادية، الثانية والثلاثين، «قمة جدة»، التى استضافتها المملكة، فى مايو الماضى، كانت قد جدّدت، فى بيانها الختامى، التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية لدولنا العربية، وأدانت «بأشد العبارات»، الممارسات والانتهاكات التى تستهدف الفلسطينيين فى أرواحهم وممتلكاتهم ووجودهم كافة، وأكدت أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية، وإيجاد أفق حقيقى لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين وفقًا للمرجعيات الدولية، ما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضى الفلسطينية بحدود ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية. ودعت المجتمع الدولى إلى الاضطلاع بمسئولياته لإنهاء الاحتلال، ووقف الاعتداءات والانتهاكات المتكررة، التى من شأنها عرقلة مسارات الحلول السياسية وتقويض جهود السلام الدولية، إضافة إلى التشديد على ضرورة مواصلة الجهود الرامية لحماية مدينة القدس المحتلة ومقدساتها فى وجه المساعى المدانة للاحتلال لتغيير ديموغرافيتها وهويتها والوضع التاريخى والقانونى القائم فيها.
.. وتبقى الإشارة إلى أن «منظمة التعاون الإسلامى»، ستعقد، غدًا الأحد، قمة استثنائية، فى العاصمة السعودية، أيضًا، ومن المقرر أن يتبادل خلالها قادة الدول الإسلامية السبعة والخمسون، الآراء ووجهات النظر، بشأن كيفية احتواء أو إنهاء العدوان الإسرائيلى الغاشم على الشعب الفلسطينى. ومع تسليمنا، بأن مطالبات أو قرارات هذه القمة، أيضًا، كما كل القمم الإسلامية، لن يكون لها تأثير على المدى القريب، إلا أنها ستقدم للمجتمع الدولى صورة واضحة للموقف الإسلامى الموحّد، الذى نتمنى أن يكون موحدًا، فعلًا، وألا تحاول هذه الدولة، أو تلك، كما جرت العادة، استثمار الأزمة لتحقيق مصالحها.