أبوالسعود الإبيارى "يدَّبس" فى عروسة بدلًا من شقة للإيجار
شكل أبو السعود الإبياري، مع نجم الكوميديا إسماعيل يس، ثنائيًا من أشهر الثنائيات في السينما المصرية، من أشهرها سلسلة الأفلام التي حملت اسم إسماعيل يس كعناوين لها، منها إسماعيل يس في البوليس وغيرها الكثير.
في عددها الـ 249، نشرت مجلة الكواكب الفنية، والمنشور بتاريخ 8 مايو من عام 1956، جانبا من حكايات أبو السعود الإبياري، في الحياة والمعاناة التي يلاقيها في البحث عن شقة للإيجار، وكيف أن هذه المعاناة انعكست على أعمالها الفنية، واستوحي منها العديد من قصصه السينمائية.
يحكي أبو السعود الإبياري، عن المتاعب التي واجهها خلال بحثه عن شقة يسكن فيها: حدث هذا منذ 10 أعوام، كانت أزمة المساكن على أشدها، والقاهرة تختنق بساكنيها، والوافدون عليها يحتلون كل جديد من مبانيها، بحيث لا يستطيع قدامي السكان الحصول على شقة، إلا بعد مزايدة تجعل من أصحاب البيوت أصحاب السعادة.
ويضيف أبوالسعود الإبياري: "ضاقت بنا الشقة التي نسكن فيها، وكان البيت الذي تقع فيه شقتنا هذه كأنه عجوز متصاب، دهن بطلاء أبيض من الخارج، ولكن الطلاء لم يستطع أن يخفي تجاعيد البيت الذي تهدده بالانهيار، وقررت أن أبحث عن شقة، وهي عملية شاقة استغرقت مني ثلاثة أيام بلا طائل، ثم وجدت هذا (الطائل) عندما وصلت إلى العباسية ووجدت عمارة عليها اللافتة الحبيبة (شقة للإيجار)، واندفعت إلى البواب فابتسم في وجهي ابتسامة من يريد أن يأخذ (السمسرة) أولًا، وقال لي إن من حسن حظي أن صاحب البيت يسكن في الطابق الأخير من العمارة، وأنني أستطيع أن أصعد إليه على الفور".
حكايات أبوالسعود الإبياري مع الشقق الإيجار
تابع: "طرقت الباب فبرزت لي فتاة صبيحة الوجه، ريَّانة القد، حلوة التقاطيع، وسألتها: السيد موجود؟ فأجابت في خفر وحياء: أيوه اتفضل، اتفضلت في حجرة صالون واسعة، وجليت أنتظر السيد صاحب البيت، ونظرت للحوائط فوجدت عليها صورًا تثير الضحك، رجل له شارب تقف عليه مملكة الطيور، وسيدة ذات وزن يملأ حجرة، وشاب تشع من عينيه نظرات (عشماوية)- نسبة إلى عشماوي الجلاد المعروف- وفتح الباب فجأة ودخل الرجل وبنظرة سريعة قدَّرت أن صورته أُخذت له وهو مريض، لأن حجمه تضاعف عما رأيت في الصورة، وبعد السلامات والطيبات، قلت له ممكن أشوفها؟".
استطرد: "ضحك وقال (أهو أنتم كده دايمًا يا شبان اليوم، كل حاجة عاوزينها بسرعة، فيجيبه أبو السعود الإبياري: أصل كل اللي شافوها قالوا لي عنها إنها كويسة، وكفاية إنها من وشك، وفتح الباب مرة ثانية ودخلت الزوجة ورحبت بي ترحيبًا خُيل إليَّ معه أنني سآخذ الشقة مجانًا، وقالت وهي تشير لزوجها: أصل المعلم شكر في حضرتك قوي، واليوم يوم المنى يا بني، إنما لازم تشرب الشربات إحنا في دي اليوم، وران علينا الصمت لحظات، ثم استأنفت السيدة: ودي صغيرة يا بني، لكن حلوة محندقة، وحاتريحك خالص، أهي دي اللي بيقولوا عليها كويسة ورخيصة وبنت ناس".
وبدوره يرد أبو السعود الإبياري: "فجأة فتح الباب للمرة الثالثة ودخلت الفتاة الجميلة التي فتحت لي الباب، كانت قد استبدلت ثيابها، وطاف بشفتيها طائف من أحمر الشفاه، وقد نشرت جدائل شعرها، فجعلت منها شيئا جميلا ينسدل على كتفيها، وكانت تحمل بين يديها صينية عليها ثلاثة أكواب شربات، ولم أستطع أن أحملق فيها، وإنما حانت مني التفاتة إلى أبيها فوجدته فاغرًا فاه بالفرحة والابتسام، أما أمها فقد غمرت السعادة وجهها، وتقدمت مني الفتاة وقالت، وأهدابها تختلج: (اتفضل)، فقلت: تسلم إيدك، نقدم لك الشربات وأنت عروسة، وضحك الأب وضحكت الأم، وقالا في صوت واحد: كويسة خالص دمك شربات، واحتسيت كوب الشربات في دقيقة، ثم نظرت في ساعتي، وقلت للرجل: افتكر دلوقت أقدر أشوفها".
فقال الأب: "طبعا يا بني تقدر تشوفها إحنا ماخبناش حاجة عنك، فقمت من مقعدي، وأنا أقول: هيه في أنهي دور؟ فصاح الرجل في دهشة: إيه هيه اللي في أنهي دور؟، ما هي قدامك أهي، قال هذا وأشار للفتاة، وقد زحف على وجهه غضب مفاجئ أرعش شاربه، ووضعت زوجته يديها في خاصرتيها، ثم قالت بغضب: أنت جاي تشوف إيه يا دلعدي".
رد أبو السعود الإبياري: "الشقة يا ست هانم، والله يا معلم البواب قال لي إن عندكم شقة فاضية وطلعت أشوفها، طيب وقولتش كده من الأول ليه؟ وازداد الغضب على وجهه وكانت كل ثانية تمر تصبب العرق من جبيني، أما الفتاة فقد انسحبت من الحجرة باكية مولولة، ولحقتها أمها، وهي تقول: معلهش يا بنتي كسر بخاطرك ربنا يكسر رقبته، أما المعلم فقد صرخ طيب أنا هاوريك يا حتة أفندي، وخرج من الحجرة كالعاصفة، وأيقنت أنه سيعود بساطور يوضبني به، أو بهراوة يهوي بها على رأسي، وتملكني الذعر، وجرى في ذهني نحو فكرة جهنمية، أن أغادر البيت".
و"كان باب حجرة الصالون مؤديا للسلم مباشرة، ففتحت الباب في ثوان. وقفزت الدرجات صفا، صفا، ووصلت إلى البواب الذي كان يبتسم في بلاهة، وهو يقول: إن شاء الله تكون عجبتك يا بيه، ولم أجبه بلا أو نعم، وإنما مرقت للخارج لأستقل تاكسي يصادفني".
ويختتم أبو السعود الإبياري، حكايته عن قصة بحثه عن شقة للإيجار مشددًا على: "كانت قصة جميلة رغم كل شىء، وهي التي استوحيت منها قصة فيلم (عقبال البكاري)، الذي اعتبره واحدًا من أنجح الأفلام التي ألفتها في حياتي".