"شهدت عبورا جديدا".. المركز المصري يصدر تقريرا عن جهود التنمية الشاملة على "أرض الفيروز"
تنمية شاملة حدثت في شمال سيناء تكتب الحاضر والمستقبل الجديد على أرض الفيروز، ليطوي صفحة الإرهاب الأسود الذي تم اجتثاثه من جذوره، بأيدي ودماء شهدائنا ومصابينا الأبرار، فرحلة إعمار انطلقت بشبه جزيرة سيناء لتدب فيها نسائم التنمية.
وصدر تقريرا جديدا من المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، عن خطة التنمية بسيناء، فهناك حوالي 610 آلاف نسمة (496) ألف بشمال سيناء و114 ألف بجنوب سيناء وفقًا لتقديرات عام 2022، فلا تتعدى نسبة السكان بها 1% من إجمالي سكان الجمهورية، ويبلغ متوسط حجم الأسرة بها حوالي 4.4 أفراد.
وهو يعد متوسطًا مرتفعًا نسبيًا بالمقارنة بالمتوسط العام لإجمالي الجمهورية والذي يقدر بـ 4.04 أفراد، كذلك تتميز سيناء بارتفاع معدلات الزيادة الطبيعية نسبيا بالمقارنة بالمتوسط العام لإجمالي الجمهورية، فيقدر معدل الزيادة الطبيعية بجنوب سيناء بـ 20.6% وبمحافظة شمال سيناء بحوالي 15.5% في حين يبلغ المتوسط العام لمعدل الزيادة الطبيعية بـ 15.6%.
ويتميز سكان منطقة سيناء بأن غالبيتهم بسن العمل فحوالي 46% من السكان بالفئة العمرية 15-44 وفقًا لتعداد 2017، تليهم الفئة العمرية (15) والتي تقدر بحوالي 25% من إجمالي سكان المنطقة.
وهو ما يؤكد على ضرورة توفير فرص عمل متنامية ومستدامة تستوعب السكان الحاليين والزيادة المحتملة في أعداد السكان خاصة أن معدلات البطالة بمحافظة جنوب سيناء بلغت 27.5% عام 2020، منها 14.4% بمحافظة شمال سيناء وغالبيتها من الذكور.
وكان أحد دلائل تراجع الخدمات الأساسية بمنطقة سيناء انتشار معدلات الأمية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء حيث قاربت نسبة الأميين والمتعلمين تعليما أقل من المتوسط بالمحافظتين من 58% (أي قرابة ثلثي السكان) وكان لا بد من تطبيق خطة تنموية موسعة تعالج مواطن القصور التنموي التي باتت تنخر في قلب منطقة سيناء.
عبور جديد
جهود إعمار سيناء ليست وليدة اللحظة، بل امتدت على مدى 10 سنوات، فلم يمنع أو يعرقل الإرهاب خطة التنمية التي انطلقت بكافة ربوع الدولة ومنها سيناء ليكون شعار إعمار سيناء "يد تبني ويد تحارب الإرهاب".
فدائمًا ما كانت النظرة التاريخية لشبه جزيرة سيناء بأنها ساحة حرب، وخط الدفاع الأول عن مصر من جهة الشرق.. لذا ظلت في طي النسيان التنموي لعقود فلم تشهد المنطقة سوى مشروعين تنمويين بالتسعينيات ولم يستكملا وهما مشروع شرق التفريعة والمنطقة الصناعية ومشروع الاستصلاح الزراعي لتنمية شمال سيناء.
وافتقرت سيناء لعقود البنية التحتية والخدمات كالصحة والتعليم وكذلك افتقرت للمشروعات الاستثمارية، وشبكة الطرق والكباري والمواصلات التي تربط سيناء بباقي أنحاء الجمهورية، وزاد الأمر سوءا في أعقاب ثورتي 25 يناير و30 يونيو، حيث تحولت أجزاء من سيناء إلى مرتع للجماعات الإرهابية وانتشرت الأعمال الإرهابية وتفجير خطوط أنابيب الغاز.
إلا أن هذه النظرة اختلفت الآن وأصبحت التنمية والإعمار هما خط الدفاع الأول عن المنطقة، لتشهد المنطقة عبورًا جديدًا على غرار عبور 1973 المجيد لكن عبور هذه المرة هو عبور تنموي، اختارت فيه الدولة الخيار الأصعب بالتحرك بالتوازي في التخلص من الإرهاب وإطلاق شرايين التنمية بمختلف قطاعاتها بكافة أجزاء سيناء.
وتمحورت خطة تنمية سيناء في ثلاثة محاور رئيسية وهي: التنمية العمرانية المتكاملة وتحسين مستوى الخدمات الأساسية وتنمية اقتصادية وجذب استثمارات جديدة. وكانت نقطة انطلاق الخطة الشاملة لتنمية سيناء عبر القرار الجمهوري رقم 107 الصادر في 25 فبراير 2018 الذي رصد موازنة تاريخية تقدر بـ 600 مليار جنيه لتنفيذ 994 مشروعا تنمويا في سيناء واقترب هذا الرقم الآن في الربع الأخير من 2023 من التريليون جنيم تم إنجاز القدر الأكبر منها على أرض الواقع.
وأغلب هذه المشروعات مشروعات قومية لا سيما ما يتعلق منها به مشروعات البنية التحتية والمشروعات الاقتصادية والخدمية التي تشمل الصحة والتعليم في المقام الأول، بالإضافة إلى المشروعات الاقتصادية.
وقد راعت هذه المشروعات الأبعاد الاجتماعية في التوازن بين خصوصية المكون السيناوي وفي إطار التركيبة الوطنية بشكل عام بحيث تصبح سيناء قابلة لاستيعاب جميع المصريين بعد أن كانت طاردة حتى لأبنائها.
شرايين التنمية
في إطار خطة الدولة لتنمية محور قناة السويس - التي تربط قارتي إفريقيا وآسيا- والتي بدأت بإنشاء قناة السويس الجديدة مرورا بحفر خمس أنفاق جديدة أسفل القناة إلى جانب نفق الشهيد أحمد حمدي الذي تم افتتاحه في عام ١٩٨١ كان توجه الدولة المصرية الأساسي لدعم تنمية هذا المحور وتدشين مستوى البنية التحتية الخاصة بالنقل والعمل على القضاء على فكرة أن منطقة سيناء هي منطقة معزولة عن قلب الدولة وغير مأهولة بالخدمات.
وركزت الدولة على التنمية الشاملة لشبكة الطرق والمنافذ البحرية والجوية لشبه جزيرة سيناء. كانت البداية في هذا الصدد حين تقدمت هيئة قناة السويس عام ٢٠١٤ بخطة لتطوير محور قناة السويس والتي اشتملت على بناء قناة جديدة موازية لقناة السويس القديمة لتسهيل حركة الملاحة في القناة، وحفر عدد من الأنفاق أسفل القناة وإنشاء عدد من الكباري العائمة بهدف زيادة دخل البلاد من العملة الصعبة.
وكذلك ربط سيناء بالوادي والدلتا عن طريق شبكة أنفاق تمتد تحت مياه قناة السويس، تكملها شبكة جديدة كليا من الكباري والطرق تربط سيناء بكافة أرجاء الجمهورية، وكذلك شبكة الموانئ والمطارات التي تربط سيناء بكافة دول العالم.