وثائق تاريخية تكشف أدوار طه حسين السرية.. من الحرم الجامعي إلى المعترك السياسي
نحتفل هذا العام بمرور نصف قرن على رحيل الدكتور طه حسين (15 نوفمبر 1889 - 28 أكتوبر 1973م)، وبعيدًا عن دوره الثقافي والاجتماعي والأكاديمي؛ ثمة مؤلفات رصدت وجوها متعددة لعميد الأدب العربي؛ ووثقتها من واقع روايات وردتها بعض الوثائق مثل الصحف وما كتب عنه في عدد من الأزمات التي عاصرها؛ وقدمت لنا بسردية قد تكون مغايرة عما ورد فى الصحف التي تعد وثيقة تاريخية؛ منها واقعة رفضه منح الجامعة الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية المرموقة مثل عبد العزيز فهمي، وتوفيق رفعت، وعلي ماهر باشا، فأصدر وزير المعارف مرسومًا يقضي بنقله إلى وزارة المعارف، لكن رفض العميد تسلم منصبه الجديد فاضطر الحكومة إلى إحالته إلى التقاعد عام 1932، ومنها الأدوار السياسية التي لعبها طه حسين منها أدائه بعض التكليفات من الرئيس جمال عبد الناصر وهو ما وضع عميد الأدب العربي على منصة السياسة بعيدًا عن دوره الثقافي والأكاديمي.
كتاب يكشف: طه حسين ترك الجامعة ليس اعتراضًا على منح الدكتواره الفخرية لسياسيين
من بين الكتب التي قدمت رواية مختلفة عما روجه بعض الكُتاب والمؤرخين فيما يتعلق بواقعة رفض الدكتور طه حسيم منح الجامعة الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية المرموقة مثل عبد العزيز فهمي، وتوفيق رفعت، وعلي ماهر باشا، فأصدر وزير المعارف مرسومًا يقضي بنقله إلى وزارة المعارف، لكن رفض العميد تسلم منصبه الجديد فاضطر الحكومة إلى إحالته إلى التقاعد عام 1932؛ كتاب "المندوبون الساميون في مصر.. ودورهم في نشر التعليم والثقافة الإنجليزية" للدكتورة ماجدة محمد حمود، والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ حيث تقول: "علق السير لورين المندوب البريطاني في مصر آئنذاك لحكومته أنه لا يبقي بعد انتهائنا من تحدى الوجود اللاتيني في كليتي الحقوق والعلوم أن نخوض معركة للتفوق في كلية الآداب، وأن الوضع الحالي في هذه الكلية غير مريح مما حدث نتيجة لفقدان بعض المواقع التي كنا أحرزناها في هذه الكلية"؛ في إشارة إلى أهمية تمثيل المدرسين من الإنجليز في هذه الكلية عن المدرسين الفرنسيين الذين كانوا يمثلون النسبة الأكبر فى تلك الفترة.
الصحف المصرية والناطقة باسم الإحتلال الإنجليزي وقتها؛ أشارت إلى سبب رفض الدكتور طه حسين تسلم منصبه الجديد وصدور قرار نقله إلى وزارة المعارف وهو ما تمثل في رفضه سياسات المندوب السامي البريطاني "لورين" الخاصة بتدخلاته في شؤون كلية الآداب جامعة القاهرة واهتمامه البالغ بفرض أكبر عدد ممكن من الأساتذة من المدرسين الإنجليز للتدريس في الكلية مقابل تهميش أدوار المدرسين من الأساتذة الفرنسيين؛ وهو ما أغضب طه حسين الذى صنف ضمن الأساتذة اللاتينيين وفقًا لدراسته ومنحته لفرنسا ودفاعه عن عاصمة النور؛ وليس لسبب منح بعض السياسيين وقتها الدكتوراه الفخرية؛ تلك الرواية الرسمية التي سوقت إلينا حتى اليوم.
هل أدى طه حسين أداورا سرية بتكليف من الرئيس جمال عبد الناصر؟
هل للدكتور طه حسين أدوارا سرية قام بها بتكليف من الرئيس جمال عبد الناصر؟؛ الإجابة عن هذا السؤال كشفها كتاب "طه حسين.. من الملكية إلى الجمهورية" للكاتب حلمي النمنم، وهو كتاب صادر عام 2021 عن الهيئة العامة لقصور الثقافة؛ ويقول "النمنم": "تردد في بعض الكتابات الصحفية أن طه حسين كان يذهب إلى بعض القيادات الوفدية مكلفًا من عبد الناصر بأن ينتزع منهم تاييدًا لإجراءات الثورة أو المصالحة بين الوفد والثورة، وقد اعتمد بعض الباحثين في التاريخ هذه الكتابات وأخذوا منها، واعتبروا ما جاء فيها حقائق ثابتة.
"النمنم" تابع حديثه: "غير أننا نجد مذكرات منسوبة إلى النحاس باشان حررها محمد كامل البنا، وتم نشرها في طبعة محدودة وأعد المستشار طارق البشري دراسة عنها، نشرتها سلسلة كتاب "الهلال" ديسمبر 1996، يرد فيها بالنص صفحة 209 أن "المرة الوحيدة" التي زار فيها طه حسين بعد ثورة 23 يوليو، مصطفى النحاس، كان بعد انفصال سوريا عن مصر في 1961 كان محملًا برسالة يطلب من النحاس تأييد الثورة، فأجاب النحاس برد طويل عما فعلته الثورة معه، وأنهى حديثه بطرد طه حسين من منزله".