انطلاق أعمال مؤتمر "الصناعات الغذائية وتأثيرها على الأمن الغذائي" بالجامعة العربية
انطلقت اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أعمال مؤتمر رفيع المستوى تحت عنوان "الصناعات الغذائية وتأثيرها على الأمن الغذائي"، بتنظيم مشترك بين الأمانة العامة لجامعة الدول والاتحاد من أجل المتوسط، وبدعم من وكالة التعاون الألماني، بمشاركة وفود رفيعة المستوى من الدول العربية ودول الاتحاد من أجل المتوسط.
وقال السفير خالد المنزلاوي الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون السياسية في كلمة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية التي ألقاها نيابة عن الأمين العام للجامعة االعربية أحمد أبو الغيط - إن المؤتمر يأتي في ظروف اقتصادية وسياسية صعبة يشهدها عالمنا، ومن بينها نقص الغذاء الذي يهدد سبل العيش على جانبي المتوسط، وتسببت عدد من العوامل في تفاقم الوضع كالزيادة السكانية والتدهور المُستمر في البيئة والتغيرات المناخية والصراعات السياسية في العالم وتداعياتها على الأمن الغذائي، ومؤخرًا تداعيات وباء "كورونا" والأزمة الأوكرانية الروسية، وكل هذه العوامل تمثل تحديات كبيرة تحتم علينا التعاون والتنسيق لمواجهتها.
انطلاق أعمال مؤتمر "الصناعات الغذائية وتأثيرها على الأمن الغذائي" بالجامعة العربية
وتطرق المنزلاوي لما يدور في دولة فلسطين من استخدام ممنهج للقوة العسكرية التي تستهدف المدنيين والسكان في قطاع غزة، على نحو عشوائي بلا أي تمييز، والذي يعد انتهاكًا واضحًا لاتفاقية جنيف الرابعة، مؤكدا على ضرورة وقف العمليات العسكرية في غزة، إذ أن استمرار سياسة العنف والتطرف يحرم المنطقة من أية فرص جادة للاستقرار على المدى المنظور، كما أن تجاهل القرارات الأممية ذات الصلة يزيد من التوتر في المنطقة، وهو ما يؤثر على التنمية ليس فقط في المنطقة العربية بل ستمتد التداعيات، دون شك، إلى جيراننا في شمال المتوسط، وسيكون لذلك آثار سلبية على كل القطاعات الاقتصادية بما في ذلك على الإنتاج الزراعي والتصنيع المرتبط به وعلى الأمن الغذائي في المنطقتين.
وأوضح أن المؤتمر يركز على الصناعات الغذائية ودورها الحيوي في تحقيق الأمن الغذائي، حيث أصبحت هذه الصناعات من أبرز القضايا التي تجد اهتمامًا متزايدًا على المستوى العالمي، نظرًا لتنامي الطلب على الأغذية المصنعة والقيمة المضافة التي تتحقق من تصنيع المنتجات الزراعية والحيوانية، وتأثيرها على الميزان التجاري وعلى الاقتصاد وعلى الأمن الغذائي، إذ لا يُمكن النظر إلى الأمن الغذائي دون النظر إلى الصناعات الغذائية التي تعد العمود الفقري لتلبية احتياجات المواطنين، فالصناعات الغذائية تساهم في إنتاج وتوريد الأغذية الآمنة والمغذية بشكل مُستدام، وهو ما يُمكن الأفراد من الوصول إلى غذاء سليم ومتوازن بأسعار معقولة.
وأكد أن وجود صناعات غذائية متطورة وفعالة يتطلب تعاونًا قويًا بين الدول خاصة في منطقتنا العربية التي تحتاج إلى استثمار في السياسات الزراعية والتصنيعية السليمة، وتكنولوجيا الإنتاج المُحدثة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وزيادة الوظائف، وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى ما سيترتب على ذلك من تعزيز للإنتاج المحلي وتحقيق تنمية متسقة للقطاع الزراعي وتوسيع النطاق التجاري للسلع الزراعية وتلك المرتبطة بها.
وقال السفير المنزلاوي إن هناك العديد من التحديات التي تواجه الصناعات الغذائية في المنطقة العربية، ويأتي على رأسها عدم تخصيص الاهتمام اللازم لتطوير القطاع الصناعي إذ أنه لا يمثل أولوية بالنسبة لعدد من دول المنطقة التي تعتمد على القطاع الزراعي أو قطاع النفط والصناعات المرتبطة به، بالإضافة إلى عدم تحديث التقنيات المستخدمة في قطاع الإنتاج الصناعي بما يواكب التقدم في التكنولوجيا الحديثة، والاعتماد بشكل كبير على الأيدي العاملة، وضعف وقلة التمويل للمصانع القائمة، وتعتبر محدودية مراكز الخدمات الصناعية التي تعني بتقديم المشورة في كل ما يتعلق بتطوير الصناعة؛ كالأمور الفنية والمالية أمر يحتاج إلى تعزيز القدرات المؤسسية والبشرية.
من ناحية أخرى.. أكد المنزلاوي أن هناك أهمية قصوى لتحديد المجالات التي تتميز بها المنطقة العربية في الصناعات الغذائية، وتحديد أهداف واضحة ووضع برامج لتحقيقها، وفي معظم الدول العربية يعاني قطاع الصناعات الغذائية من ارتفاع تكلفة الطاقة وعدم وجود دراسات تحدد أثر سعر الطاقة على التوظيف والإنتاج الصناعي وموازنة هذه الدول بشكل عام.
وأضاف أن التحديات التي تواجه القطاع الزراعي تؤثر على الصناعات الغذائية، فمثلًا نقص الموارد المائية المناسبة للزراعة وتأثير التغيرات المناخية على جودة التربة والمحاصيل، تؤدي إلى تذبذب المحاصيل وهو ما يؤثر على المدخلات في القطاع الصناعي، وأيضًا يتعين التغلب على التحديات التجارية والتوترات السياسية التي تؤثر على حركة تجارة الأغذية وإزالة المعوقات القائمة أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
كما أكد دور التعاون العربي مع دول الاتحاد من أجل المتوسط، حيث يتعين على الدول العربية والمتوسطية العمل سويًا لتعزيز الشراكة بينهما على المستوى الحكومي ومن خلال القطاع الخاص، والسعي لتبادل المعارف، وتطوير الموارد البشرية والطبيعية وكفاءات التسويق، ومنح الجانبين بعضهما لمزايا تفضيلية للاستثمار من خلال إزالة العقبات ومساواتها بالدعم والحوافز المقدمة إلى المستثمرين المحليين، وتشجيع الاستثمارات في البنية التحتية وتحقيق الابتكار وتوفير بيئة تعاونية للتحرك نحو أهداف مشتركة.
وقال إنه يمكن العمل بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والاتحاد من أجل المتوسط على تعزيز الوعي وتعزيز القدرات والتعاون المشترك لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، وذلك من خلال رفع كفاءة وتنافسية الصناعة الغذائية والإنتاج الزراعي وتنفيذ وأحدث برامج تدريب في هذا القطاع الحيوي، وهو ما يتطلب تنفيذ استراتيجيات متكاملة تدعم الابتكار وتحفز الاستثمارات في مجال التصنيع الغذائي المستدام، وبذلك يتم تأمين وتوافر الغذاء الكافي والآمن للجميع، اتساقً مع مبدأ أن الأمن الغذائي هو حق أساسي لكل إنسان.
ويتناول المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية؛ الأول: وضع صناعة الغذاء في المنطقة، والثاني: كيفية تعزيز مرونة صناعة الأغذية، والثالث: كيفية جعل صناعة الأغذية أكثر استدامة وشمولية.
ويناقش المؤتمر دور القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني في تعزيز قطاع الصناعات الغذائية، وسيتم إبراز أهمية التعاون والشراكة بين الجهات المختلفة؛ بهدف مواجهة التحديات التي تواجه هذا القطاع المهم، والسعي لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية للصناعات الغذائية.