محللون عرب: "قمة القاهرة للسلام" صنعت موقفًا موحدًا ضد محاولات التهجير
رأى خبراء وسياسيون عرب أن قمة القاهرة للسلام حملت رؤية واضحة لحل القضية الفلسطينية، وأكدت ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإعلان دولة فلسطينية مستقلة على حدود ١٩٦٧، وهو أمر يصب فى صالح استقرار المنطقة.
ونددت القمة بسياسة العقاب الجماعى التى ينتهجها الاحتلال الإسرائيلى، ومحاولاته تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وتصفية قضيتهم، مستنكرة كذلك السياسة الأحادية التى ينتهجها بعض الدول الغربية بتوفير الدعم لجرائم الاحتلال.
وقالت الدكتورة والباحثة السياسية الفلسطينية، تمارا الحداد، إن القمة وضعت النقاط على الحروف بشأن مواجهة جرائم الاحتلال، ووضعت خارطة طريق لحل المشكلات السياسية والإنسانية فى غزة، مؤكدة أن الموقف المصرى فعَّال وحيوى؛ من أجل إنقاذ الفلسطينيين، ووقف المخططات التهجيرية.
وشددت على أن الموقف المصرى مصمم على إحياء القضية الفلسطينية وترسيخ مبدأ الدولة الفلسطينية ذات السيادة، وحث الفلسطينيين على البقاء فى أراضيهم وفقًا للقوانين الدولية، وإقامة دولة فلسطينية على حدود يونيو ٦٧، مشيرة إلى أن تنفيذ هذا التصور بحاجة إلى صمود وصلابة الموقف المصرى، إضافة إلى دعم الجانب الإنسانى فى قطاع غزة.
من جهته، قال وليد العوض، عضو حزب الشعب الفلسطينى، إن هذه القمة التى دعا إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى عقدت لوقف العدوان الإسرائيلى وحرب الإبادة الشاملة، التى تنفذها دولة الاحتلال مدعومة بشكل كامل من الولايات المتحدة.
وأضاف: «هذه الحرب تستهدف قتل ما يمكن قتله من الناس، وقد تجاوز العدد حتى الآن ٤ آلاف شهيد وأكثر من ١٠ آلاف جريح و١٥٠٠ مفقود تحت الأنقاض، مع تدمير أكثر من ٣٠ ألف وحدة سكنية تدميرًا شاملًا».
وذكر أن هذه القمة مهمة للغاية، لأنها عقدت فى ظل مخطط واضح تنفذه إسرائيل لتهجير الفلسطينيين نحو سيناء، وهو الأمر المرفوض فلسطينيًا، لأن الشعب يصر على التمسك بأرضه ورفض تصفية القضية الفلسطينية.
وواصل: «مصر أيضًا ترفض تصفية القضية، وتدرك ما يحمله مخطط التهجير من مخاطر على الأمن القومى المصرى، ومن المهم فى هذا السياق أولًا صناعة إجماع لرفض مخطط التهجير، وأن نشكل ضغطًا إقليميًا مؤثرًا لأخذ قرار من مجلس الأمن بإدخال المساعدات الإغاثية لشعبنا، والعمل على وقف العدوان المستمر».
وتابع: «القمة أكدت رفض مخطط التهجير، وهذا مهم فى تشكيل إجماع رافض للتهجير، وكذلك فتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات»، مشددًا على أهمية الدعوة لحل سياسى يقوم على حل القضية الفلسطينية والتأكيد على حل الدولتين، وتمكين الشعب الفلسطينى من نيل حقوقه، وهو ما ترفضه إسرائيل عمليًا أيضًا.
من جانبه، أكد النائب فى البرلمان السورى، حسين راغب، الأهمية القصوى لانعقاد قمة القاهرة للسلام، مضيفًا أنها جاءت انطلاقًا من التوقيت الحرج من تاريخ الأمة العربية، الذى يشهد محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة والتهجير، الأمر الذى يهدد باتساع دائرة العنف والغضب بالمنطقة، والذى سيمتد بلا شك إلى الدول الغربية، خاصة تلك التى تتبع سياسة ازدواجية المعايير فى التعامل مع الصراع العربى الصهيونى.
وذكر أن قمة القاهرة حققت فكرة إعادة التوازن فى الموقف الدولى إزاء الشعب الفلسطينى، كما أعطت رسالة للعالم عن وحدة الصف العربى الداعم للقضية الفلسطينية، والتأكيد على أنه لا بديل عن إقامة دولة فلسطينية، لافتًا إلى أن الاقتراح المصرى لعقد قمة القاهرة للسلام جاء فى ظل عجز المجتمع الدولى عن التدخل ولجم العدوان الصهيونى الغاشم على أبناء غزة، والذى أوقع آلاف الشهداء والجرحى، وأدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية لسكانها.
وفى سياق متصل، قال مهدى عفيفى، عضو الحزب الديمقراطى الأمريكى، إن قمة القاهرة للسلام جاءت فى وقت ينظر فيه العالم كله إلى المذابح التى تحدث فى غزة وفلسطين المحتلة.
وأضاف: «هناك دور مهم جدًا يمكن أن تلعبه مصر للتوصل إلى تهدئة، خاصة بعد إلغاء قمة عمان التى كان سيحضرها الرئيس الأمريكى جو بايدن، ومن المتوقع أن تشكل قمة القاهرة ضغطًا كبيرًا يسهم فى وقف التصعيد، خاصة أن عدد القادة المشاركين فيها كبير».
ولفت إلى أن القاهرة تحاول بكل جهدها مساعدة الفلسطينيين فى غزة والقطاع، خاصة بعد تدمير شبكات ومحطات الماء والكهرباء والغذاء، بما فى ذلك قصف آخر مخبز كان يعمل قبل أيام، معتبرًا أن «ما رأيناه من دعم دولى أمريكى وأوروبى للجرائم الإسرائيلية يعكس أن الحديث عن القضية الفلسطينية وحل الدولتين كان مجرد هراء، ولم يكن هناك أى ترجمة حقيقية له على أرض الواقع».
وأكد أن إسرائيل ترتكب جرائم شنيعة بحجة مكافحة الإرهاب، وفى بعض الأحيان تطلق على عدوها أسماءً أخرى، ولكن الهدف الحقيقى هو تصفية القضية الفلسطينية وطرد الفلسطينيين من غزة إلى صحراء سيناء، وهناك محاولة أيضًا لتصوير أن جميع سكان غزة إرهابيون، وهذه جريمة واضحة وتصفية عرقية تحدث أمام أعين العالم وتحت سمعه.
وأشار «عفيفى» إلى أن مصر تلعب دورًا قويًا داعمًا للقضية الفلسطينية وتتوسط بين الفصائل الفلسطينية لتحقيق المصالحة، ولها الريادة فى هذا الملف، ومن دون مصر لن تكون هناك حلول، مضيفًا أن إعادة فتح معبر رفح البرى، الذى سبق أن قصفته إسرائيل أكثر من مرة، دليل على الدعم القوى الذى نراه من مصر تجاه الفلسطينيين.
وشدد نزار جليدى، المحلل التونسى، على أهمية التحركات الدبلوماسية وقدرتها على تغيير كل المعادلات، خاصة فى حرب غزة، ومن هنا تأتى أهمية قمة القاهرة للسلام التى دعا إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وقال «جليدى»: «عدد الدول المشاركة فى قمة القاهرة للسلام وجغرافية مصر يلعبان دورًا مهمًا من الناحيتين السياسية والاستراتيجية، فمصر هى اللاعب الحقيقى فى القضية الفلسطينية، باعتبار الجغرافيا، والحروب التى مرت بها وتجربتها مع الاحتلال».
واعتبر أن قمة القاهرة للسلام قمة ضغط وتحالفات جديدة، وسيتمخض عنها ضغط دبلوماسى كبير على الولايات المتحدة والدول الغربية وإسرائيل، مشيرًا إلى أن مصر هى الوحيدة القادرة على تحديد السيناريوهات المقبلة.