دبلوماسيون: على العالم انتهاز "قمة القاهرة" والكف عن إهدار وتفويت فرص السلام
بحثًا عن بارِقة أمل لتهدئة الأوضاع المأساوية بقطاع غزة وإنقاذ القضية الفلسطينية من التصفية وتجنيب الشرق الأوسط حالة انفجار؛ تجتمع الأطراف الإقليمية والدولية غدًا السبت بـ"قمة القاهرة للسلام"، استجابة لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، من أجل إيجاد أفق سياسي يعيد إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويحقن دماء شعب فلسطين.
دبلوماسيون: العرب سيتحدثون بصوت واحد في "قمة القاهرة" ويؤكدون أنه لا بديل عن إقامة دولة فلسطينية
وأجمع دبلوماسيون، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الجمعة، على أن "قمة القاهرة" تنادي محبي السلام بالعالم شرقًا وغربًا من أجل تضافر الجهود والتكاتف لردع إسرائيل عن الاستمرار في القتل والدمار، والعودة إلى طاولة المفاوضات، مؤكدين أن العرب سيتحدثون في القمة بصوت واحد ينذر العالم أجمع بأنه لا بديل عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1976 عاصمتها القدس الشرقية؛ للوصول إلى الحل النهائي.
وشدد الدبلوماسيون على أن العرب لا يختلفون أبدًا عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، بل تتوحد كلمتهم وصفوفهم خلف قضية كل العرب، داعين الحكماء بالعالم إلى انتهاز "قمة القاهرة" والكف عن تفويت وإهدار فرص تحقيق السلام.
السفير على الحفني: "قمة القاهرة" تعكس إعادة التوازن بعض الشيء في الموقف الدولي إزاء الفلسطينيين
ويقول السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية السابق، إن "قمة القاهرة للسلام"، المرتقبة يوم غدٍ السبت، تكتسب أهمية خاصة؛ إذ تشهد مشاركة عدد كبير من الدول والأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة والمؤثرة، ما يعكس الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية خاصة في ضوء التطورات والأوضاع المأسوية الحالية بقطاع غزة.
ورأى أن هذا التجمع الهام بالقاهرة يعكس نوعًا من أنواع إعادة التوازن بعض الشيء في الموقف الدولي إزاء الفلسطينيين، والذي كان منحازًا بشكل صارخ مع بداية الأحداث في السابع من أكتوبر الجاري، بعد أن دافعت عدد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والاتحاد الأوروبي عن إسرائيل دون وجود موقف بالمقابل يعيد الأمور إلى خلفياتها السياسية والتاريخية، ويذكر بأن أصل الصراع هو الرفض المتكرر وإصرار الاحتلال على عدم الالتزام بأي مسعى في اتجاه تحقيق السلام والاستقرار والموافقة على العودة إلى المفاوضات للبحث في كيفية تسوية هذا الملف بشكل نهائي، يسمح لكل الأطراف بالمنطقة بأن ينصرفوا إلى قضايا التنمية والارتقاء بمستوى معيشة شعوبهم.
وأشار إلى أن "مؤتمر القاهرة" يدعو للتوجه نحو السلام ويؤكد ضرورة مواجهة ثقافة الحرب- مع كل ما اقترن بها من ممارسات تنتهج بشكل صارخ القانون الدولي ومبادئ منصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة- بثقافة السلام والمضي في طريق الدفع إلى التسوية بالطرق السلمية وعدم اللجوء إلى العنف، وهو ما لا تحرص عليه إسرائيل التي لا تبدي أي إرادة سياسية في هذا الاتجاه.
وتابع أن دولة الاحتلال تقوم بحرب إبادة وتهجير وجرائم ضد الإنسانية إلا أن الدول الغربية مصرة على موقفها والمضي في تأييد إسرائيل بشكل أعمى، غاضين البصر عن الممارسات التعسفية والعنصرية التي تقوم بها تل أبيب ومنها إتاحة الفرصة للمستوطنين لتملك الأسلحة بحجة الدفاع عن النفس، وهو ما يعد في حقيقة الأمر استهانة بحياة الإنسان الفلسطينى.
وأبرز أن "اجتماع القاهرة" سيصر على فتح ممرات إنسانية آمنة لتقديم المساعدات والإغاثة للقطاع في ظل الاحتياج الشديد للسكان سواء للمواد الغذائية أو الطبية بعد أن وضعت إسرائيل سكان غزة تحت الحصار الكامل بقطع إمدادات المياه والوقود والغاز وحتى الاتصالات التي تمكنهم بالتواصل مع العالم الخارجي بشكل طبيعي.
ودعا السفير على الحفني البلدان المجتمعة بالقاهرة إلى الضغط على دولة الاحتلال لعدم استهداف المدنيين بغزة والمساعدات الموجهة إليهم؛ لرفع المعاناة عن الأبرياء والسماح بنقل الحالات الحرجة التي تستدعي رعاية خاصة لم تعد متاحة في مستشفيات القطاع التي قصفت وتمت تسويتها بالأرض.
السفير محمد خيرت: "قمة القاهرة" تنعقد وسط تهديد بتوسيع دائرة النزاع والدخول في مواجهات لا يحمد عقباها
من جانبه، يؤكد السفير محمد خيرت، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وسفير مصر الأسبق بأستراليا، أن "قمة القاهرة للسلام" تنعقد في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا غير مسبوق يهدد بتوسيع دائرة النزاع والدخول في مواجهات لا يحمد عقباها.
وأضاف أنه في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل عدوانًا غاشمًا على أبناء قطاع غزة أوقع آلاف الضحايا وأدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية لسكانها، يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن التدخل لحل تلك الأزمة في ضوء التعنت الإسرائيلي والانحياز الغربي لتل أبيب، موضحًا: "ولذا جاء اقتراح مصر بعقد قمة دولية تجمع عددًا من الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي لتحقيق عدة أهداف".
وتابع أن الأهداف الآتية تتمثل في إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وإيقاف القصف الإسرائيلي والتوصل إلى هدنة تتيح الفرصة لمجابهة تداعيات تلك الحرب، بينما الأهداف المستقبلية تكمن في التوصل لاتفاق برعاية دولية لإعادة أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات باعتبار أن لب المشكلة هو القضية الفلسطينية وأن أي جهود محكوم عليها بالفشل إذا لم يتم التوصل لسلام عادل وشامل ودائم يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ونوه السفير محمد خيرت إلى أن حل إقامة الدولتين سيخرج المنطقة من دائرة الصراع إلى مرحلة من التعاون الإقليمي القائم على علاقات حسن الجوار، معربًا عن أمله في أن تشهد "قمة القاهرة" تحت رعاية مصر، الشريك والفاعل الأساسي في عملية السلام، توافقًا دوليًا يدفع في اتجاه وقف كل أعمال العنف وبدء حوار جاد بين كل الأطراف.
وألقى الضوء على موقف مصر قيادة وشعبًا، الذي أعلن عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي بشكل واضح وحاسم، الرافض لتهجير أبناء قطاع غزة، محذرًا من خطورة تلك الخطوة ليس فقط على الأمن القومي المصري ولكن أيضًا لما تمثله من تصفية للقضية الفلسطينية، ما يخلق سابقة تخدم حكومة تل أبيب في إفراغ القضية من مضمونها والاستمرار في مخططاتها التوسعية بشكل يقوض أي مفاوضات سلام قادمة ويقلص من آمال وتوقعات الشعب الفلسطيني ويدخل المنطقة بأكملها في دائرة مفرغة من الصراع والتي ستمتد بلا شك إلى مناطق أخرى من العالم.
السفير أيمن مشرفة: دعوة الرئيس للقمة لاقت صدى إيجابيًا لدور مصر التاريخي في مسارات العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية
السفير أيمن مشرفة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وسفير مصر الأسبق بتونس والجزائر، يوضح أنه انطلاقًا من مسئولية مصر التاريخية نحو القضية الفلسطينية منذ أكثر من سبعة عقود، ولوقف التصعيد الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة والذي راح ضحيته عدة آلاف من إخواننا الفلسطينيين، دعا الرئيس السيسي إلى قمة دولية لمحاولة حقن دماء الفلسطينيين وإطلاق مبادرة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وفقًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وأضاف أن دعوة الرئيس السيسي قد لاقت صدى إيجابيًا واسعًا باعتبار أن مصر لعبت دورًا تاريخيًا في مسارات العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، وتحظى بثقة واحترام مختلف دول العالم، علاوة على أن الدبلوماسية المصرية تضطلع بدور في قضايا الشرق الأوسط، وتعتبر قاسمًا مشتركًا لكل مبادرات السلام الإقليمية والعربية.
وشدد على أهمية تلك القمة التي تسعى لإحياء مسار السلام وإلزام إسرائيل بالكف عن استهداف المدنيين واحترام القانون الدولى الإنساني، وتأمين دخول المساعدات الإغاثية إلى داخل القطاع، ووقف مخطط التهجير القسري للفلسطينيين بوصفها جريمة حرب.
وحذر السفير أيمن مشرفة من تردي الموقف وانزلاقه لمزيد من العنف وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، ودخول المنطقة في حلقة مفرغة من التوتر تهدد الاستقرار والأمن الإقليميين، مختتمًا بأن الشعوب العربية والإسلامية وكل ضمير إنساني بالعالم ينتطر من "قمة القاهرة للسلام"- التي تعد أول تحرك دولي جماعي منذ بدء الأزمة- أن تنقذ أطفال غزة وتنهي معاناة أهل القطاع وتعيد الأمل للفلسطينيين في بناء الوطن.
السفير يوسف الشرقاوي: أنظار العالم تتجه صوب القاهرة بحثًا عن بلاد تمد أيديها للسلام وتنادي بالحق والعدل
من جهته، لفت السفير الدكتور يوسف الشرقاوي، سفير مصر السابق باليمن، إلى الأهمية القصوى لانعقاد "قمة القاهرة للسلام" في هذا التوقيت الحرج من عمر الوطن العربي، الذي يشهد محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر الإبادة والتهجير، الأمر الذي يهدد باتساع دائرة العنف والغضب بالمنطقة، والتي ستمتد بلا شك إلى الدول الغربية لا سيما تلك التي تتبع سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ونوه إلى أن أنظار العالم تتجه صوب القاهرة لمتابعة القمة؛ بحثًا عن بلاد أو أطراف مشاركة تمد أيديها للسلام، وتنادي بالحق والعدل، ولا تنحاز لطرف على حساب الآخر، مشيرًا إلى ضرورة دعم المشاركين بالقمة لجهود استئناف عملية السلام، والتدخل الفوري لوقف التصعيد الجاري، وحث إسرائيل على وقف الاعتداءات والأعمال الاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني، والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بمسئوليات الدولة القائمة بالاحتلال.
وأكد ضرورة توفير الحماية لأهل قطاع غزة من عدوان إسرائيل التي تتخذ إجراءات وقرارات غير إنسانية وغير محسوبة العواقب، من تجويع وتعطيش وتشريد للمدنيين وقطع شريان الحياة عنهم.
وشدد السفير الشرقاوي على أنه لا يوجد أحرص من العرب على القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، داعيًا الدول العربية إلى نصرة أهل غزة وإنقاذهم من عمليات القتل الجماعي في حال استمر المجتمع الدولي في التخلي عنهم وظل منحازًا لإسرائيل.
وثمن الجهود المضنية التي تبذلها القيادة المصرية للتهدئة وإحياء عملية السلام بين الجانبين، إذ تقوم مصر باتصالات مكثفة لا تنقطع منذ السابع من أكتوبر سواء على مستوى الرئيس السيسي أو وزارة الخارجية والجهات المعنية.