مندوب فلسطين بالجامعة العربية: العالم بات عاجزًا أمام ذبح الإنسانية فى غزة
قال السفير مهند العكلوك، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، إنه يشارك في اجتماع اليوم لتناول قضية "مستقبل التربية والتعليم والتثقيف على حقوق الإنسان في المنطقة العربية"، فيما نشهد أكبر درس بمستقبل قاتم من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري والعقاب الجماعي، من بين جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل خلال الـ11 يومًا الأخيرة على الهواء مباشرة، أمام أعين ومسامع الناس جميعًا، بلا رحمة وبلا إنسانية وبلا خجل، وقد أمنت العقاب في ظل آليات عدالة دولية عاجزة بل منحازة وظالمة، وضمنت إسرائيل قوة الاحتلال والأبارتايد والإبادة الجماعية الحصانة في ظل مجتمع دولي ظالم وفاشل، تجاوز مرحلة الكيل بمكيالين أو المعايير المزدوجة، إلى أن يكون بإرادته رهينة نظرة عنصرية تستمرئ رؤية أطفال فلسطيني وقد حرقت أجسادهم وقُطعت أوصالهم ودمرت منازلهم وشرد أو قتل أهلهم، ولكنها تقيم الدنيا ولا تقعدها على أساس ادعاءات لا دليل عليها بقتل مدنيين إسرائيليين.
وأضاف، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الحواري الإقليمي حول "مستقبل التربية والتعليم والتثقيف على حقوق الإنسان في المنطقة العربية: من أجل عقد اجتماعي جديد"، أنه بالأمس ارتكبت إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري، مجزرة غير مسبوقة من خلال قصف مستشفى الأهلي المعمداني في وسط مدينة غزة، قاصدة قتل مئات المواطنين المدنيين الذي لجأوا إلى ساحة المستشفى للاحتماء، ظنًا منهم أنها ملاذهم الأخير من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولكن آلة الإبادة الجماعية الإسرائيلية أبادت منهم أكثر من 500 شهيد من الأطفال والنساء والعائلات في ساحة مستشفى المفروض أنه محمي بالقانون الدولي.
وتابع: "اليوم يشهد العالم الظالم المُصاب بالشلل قتل الأطفال وإحراق أجسادهم الطرية بالمئات، وقتل النساء والشيوخ، بألف طن من المتفجرات تلقيها إسرائيل على الأحياء السكنية الفلسطينية يوميًا".
واستطرد: "اليوم يرى المجتمع الدولي الأعور الأحمق المُخدر بالرواية الإسرائيلية الكاذبة، تهجيرًا قسريًا لمليون وثلاثمائة ألف إنسان فلسطيني من شمال غزة إلى جنوبها، يُجبرون على النزوح إلى أماكن غير آمنة ولا تخضع لأي نوع من الحماية، لا بل تقصفهم إسرائيل في رحلة النزوح وفي الأماكن التي هُجروا إليها دون أدنى رحمة أو إنسانية".
وأضاف أن "العالم اليوم بات عاجزًا لا يستطيع الدفاع عن الإنسانية التي تُذبح في غزة، وبين خاضع للرؤية العنصرية الإسرائيلية لحقوق الإنسان، والتي ترى بأنه لا بأس أن يقتل أطفال فلسطين ويُحرقوا وتقطع أوصالهم وتدمر منازلهم، ولكن إذا قتل مدنيون إسرائيليون تقوم الدنيا ولا تقعد، وتُحرك الأساطيل، وتتم شيطنة الفلسطيني، هذه الرؤية أسوأ من مجرد معايير مزدوجة ولكنها رؤية عنصرية تمامًا".
نشهد اليوم مخططًا إسرائيليًا محكمًا لافتعال أزمة لاجئين جديدة
وتساءل: "من رأى منكم مجازر ترتكب بحق المدنيين الإسرائيليين؟، من رأى منكم أطفالًا إسرائيليين تُقطع رءوسهم؟ من رأى منكم نساءً إسرائيليات يُغتصبن؟، هكذا كذب نتنياهو وجنوده دون دليل، وهكذا صدق الجاهلون المنحازون، وثم تراجع البيت الأبيض عن بعض الإفك والافتراء، ولكنكم إذا أردتم أن تروا أطفالًا يُحرقون، فافتحوا شاشات التليفزيون الآن وسترون ذلك على الهواء مباشرة".
وتابع: "نشهد اليوم مخططًا إسرائيليًا محكمًا لافتعال أزمة لاجئين جديدة ومركبة من خلال دفع 2.3 مليون فلسطيني للهجرة واللجوء"، محذرًا أن هذا تكرار لسيناريو النكبة، نكبة فلسطين التي هُجر حينها مليون عربي فلسطيني تحت وطأة المجازر وإرهاب العصابات الصهيونية عامي 1947 و1948، وإننا نحذر أن ذلك إن حدث لا قدر الله، فإن آثاره وتبعاته ستعاني منها المنطقة لعقود طويلة قادمة، 70% من الشعب الفلسطيني في غزة هم من اللاجئين الذين هُجروا في النكبة، والشعب الفلسطيني لا يريد الهجرة مرة جديدة، بل يريد أن يعيش بكرامة وحرية فوق أرضه الفلسطينية، وإننا هنا نشيد بموقف جمهورية مصر العربية التي اعتبرت أن تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء خط أحمر لا يمكن القبول بتجاوزه، وإننا ندعم الأشقاء في مصر بالتصدي لمثل هذا المخطط الشيطاني، الذي يُقصد منه تهجير الشعب الفلسطيني والقضاء نهائيًا على القضية الفلسطينية".
وقال إن: إسرائيل، قوة الاحتلال والأبارتايد والإبادة الجماعية، قد قصفت على مدار الأيام الماضية 18 مدرسة متسببة بتدميرها كليًا، فضلًا عن تحويل كل مدارس قطاع غزة إلى ملاجئ للنازحين، كحلقة سوداء من استهداف إسرائيلي ممنهج يسعى لتشويه الوعي الفلسطيني من خلال الإرهاب والترويع، فضلًا عما يحدث في القدس على مدار العقود الماضية من تشويه المناهج التعليمية ضمن ما نسميه أسرلة التعليم، وحرمان المعلمين والطلبة من الوصول إلى مدارسهم واستهدافهم بالقتل في كثير من الأحيان. كل ذلك يشكل انتهاكًا للحق في التعليم كحقٍ أساسي من الحقوق التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفق المادة (26) منه.
واختتم: "نحمل إسرائيل، نظام الفصل العنصري وقوة الاحتلال الغاشمة، المسئولية الكاملة عن جرائمها من قتل المدنيين والأطفال والنساء إلى العقاب الجماعي وتدمير الأحياء السكنية، إلى التهجير القسري لمئات آلاف الفلسطينيين، إلى جريمة الإبادة الجماعية، وإننا نحمل من يدعم ويحمي ويبرر الجرائم الإسرائيلية المسئولية الإنسانية والقانونية عن جريمة حماية المجرم، وإننا نحمل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية المسئولية عن تقاعسه في تنفيذ التحقيق الجنائي الذي فتحته المحكمة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، وهو الذي يستطيع الآن أن يفتح التحقيق من تلقاءَ نفسه فيما يراه من جرائم إبادة علنية واضحة وموثقة وتُنقل للملايين عبر شاشات التلفاز، وفقًا للمادة (15) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ونحمل الدول الأطراف السامية في اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين أثناء الحرب والاحتلال المسئولية التضامنية عن إنفاذ قواعد هذه الاتفاقية في فلسطين".