ردا على ادعاءات "بوليتيكو".. كيف دحضت مصر مزاعم اضطهاد اليهود في المنطقة؟
في رد واضح على المزاعم الإسرائيلية بشأن اضطهاد اليهود في المنطقة العربية طوال قرون، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس خلال استقباله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن مصر لم تضطهد أبدا اليهود الذين عاشو ويعيشون فيها منذ قرون، وذلك بعد حديث بلينكن عن أنه قدم إلى المنطقة بصفته “يهودي” وذلك في إشارة للدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل في ظل عدوانها على غزة.
صحيفة بوليتيكو الأمريكية، يبدو أن رد الرئيس السيسي على بلينكن وسرده للحقائق أثار غضبها، لتزعم خلاف ذلك وأن مصر ودول المنطقة اضطهدوا اليهود على مر الزمان.
الرئيس السيسي كان رده على بلينكن قويا وواضحا فقد قال إن مصر لم تضطهد أبدا اليهود الذين يعيشون فيها، واستكمل حديثه للوزير الأمريكي قائلا “قد تحدثت عن الأزمة وتحدثت كشخص يهودي وأنا مواطن مصري، ولدت وترعرعت في حي كان لنا فيه جيران يهود، واليهود الذي كانوا يعيشون هنا في مصر لم يعانوا قط من القمع والاضطهاد بل لم يحدث في المنطقة العربية والإسلامية استهداف لليهود في تاريخهم القديم والحديث، ربما حدث استهداف في أوروبا أو إسبانيا، أما في دولنا العربية والإسلامية فلم يحدث هذا الأمر”.
بوليتيكو تزيف تاريخ اليهود في المنطقة العربية
صحيفة بوليتيكو الأمريكية سردت في تقرير مطول ادعاءات زائفة بشأن اضطهاد واستعباد اليهود في المنطقة منذ القرون متناسية أن دول المنطقة كانت ملجأ لهم خلال محاكم التفتيش الاسبانية وأيضا حينما هربوا من ألمانيا النازية.
الرد على ادعاءات بوليتيكو بشأن اليهود
ووفقا لمؤرخين: يعتبر اليهود المصريون أكبر طائفة يهودية في العالم العربي بل اليهود المصريين أكثر انفتاحا وانخراطا في المجتمع المصري، منذ القدم، فسبق وعاش اليهود المصريون فترة رخاء في عصر الفاطميين في الفترة من 969 الى 1169، في مصر، بل وصل الحد إلى أنهم تقلدوا بعض أهم المناصب الكبيرة في الدولة آنذاك حيث شغل اليهودي يعقوب بن كلس إحدى الوزارات في تلك الفترة.
كذلك هجرة اليهود إلى مصر كانت في أعلى معدلاتها في عهد محمد علي مؤسس مصر الحديثة كما تمتعوا بامتيازات كبيرة للغاية في عهد الخديوي إسماعيل.
ومع الحروب التي خاضتها مصر، العدوان الثلاثي في عام 1956 خرج أغلب اليهود من مصر، وازدادت هجرتهم من مصر بعد فضيحة "لافون" عام 1955.
تعداد ومعيشة اليهود في مصر
وحسب تعداد السكان في مصر لعام 1917 فقد بلغ عدد أفراد الجالية اليهودية في مصر 60 ألف نسمة، ووفقا لأحدث الإحصائيات فقد وصل عدد اليهود في مصر في عام 2003 إلى ما يقرب من 5680 يهودي يعيشون في محافظات مختلفة، أبرزهم القاهرة، ومؤخرا وتحديدا في سبتمبر الماضي، احتفلت الجالية اليهودية في مصر بالعام اليهودي الجديد.
ونظرا لأن مصر قدمت الأمن والأمان على مدار تاريخها لليهود، فقد شيد اليهود في مصر عددا من المعابد، تم تشييد أغلبها خلال القرنين الـ19 والـ20.
كما أنه في شهر سبتمبر الماضي، افتتح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، معبد بن عزرا اليهودي، بعد الانتهاء من مشروع ترميمه، حيث حرصت الحكومة المصرية على تطوير وترميم معابد اليهود واعتبارها من المواقع والمزارات التاريخية.
ولم يكن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر معاديا لليهود كما يروج اليهود والحكومة الاسرائيلية حتى الآن وهو ما أكد عليه “إريك رولو” الصحفي الفرنسي الشهير في كتابه “فى كواليس الشرق الأوسط” حيث أجرى رولو حوارات متعددة من الرئيس عبد الناصر.
ويقول الصحفي الفرنسي في كتابه، إن عبدالناصر لم يكن معاديا للسامية، وهو ما أكده جيرانه القدامى من اليهود، وقد ظل جمال مرتبطا بصداقة وطيدة مع جيرانه اليهود حتى أكتوبر 1956.
ونقل الصحفي الفرنسي أن الرئيس عبد الناصر أجرى حديث لمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية فى عددها الصادر فى ديسمبر 1954، حيث حدد أعداء الشعب المصرى الثلاثة كالتالى: “الشيوعيون، والإخوان المسلمون والسياسيون المنتمون للنظام القديم” ولم يتطرق لليهود.
وقال رولو لقد أخبره عبد الناصر في حوار معه عام 1964 أنه يتعين على إسرائيل إعادة الأراضى المحتلة وإعادة اللاجئين أو تعويضهم، فى مقابل السلام مع العرب والعلاقات الطبيعية.
وقال رولو إن عبد الناصر حتى آخر لحظة في عمره كان يدعو للسلام، وفى حديث مطول بينهما فى يناير 1970 قال عبد الناصر “نحن مستعدون لإقرار سلام دائم مع إسرائيل وإقامة تطبيع كامل على مراحل فى مقابل حل مشكلتين: الأراضى المحتلة واللاجئين ”.
وبالرغم من ذلك فقد سارعت إسرائيل برفض المبادرة ورأت رئيسة وزراء إسرائيل وقتها جولدا مائير أنها “لم تأتِ بجديد”.
تسييس وتزييف إسرائيل بشأن اليهود وقت الفراعنة
وفيما يتعلق بوضع اليهود في عهد سيدنا موسى، فقد سبق وأكد الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية السابق، أن فرعون نفسه تزوج من بني إسرائيل "آسيا بنت مزاحم" فلم يكن هناك حرج من التعامل مع بنى إسرائيل فى الزواج منهم أو اعتماد المربيات، واستشهد عضو هيئة كبار العلماء بقوله - تعالى- "يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ" ( سورة البقرة: الآية 49)، أي يجعلونهم أحياء للخدمة أو للزواج أو للصناعة، فبنو إسرائيل كان يهتمون بالزراعة ويتعلمونها من المصريين، وكذا صناعة الحلي.
ويقول الدكتور عبد الرحمن مرعى فى كتابه "أهل الكتاب في القرآن الكريم": أن بنى إسرائيل دخلوا مصر أيام الهكسوس وعاشوا حياة كريمة حتى ظهر نبي الله موسى وحررهم من عبودية فرعون.
وفي أبريل من عام 2019، نشرت صحيفة هآرتس العبرية تقريرا قالت فيه نقلا عن باحثين إن سنوات الاستعباد الطويلة للشعب اليهودي في مصر والتصديق على وعد الرب للشعب اليهودي على جبل طور سيناء، ثم بلوغ أرض الميعاد، ليست سوى أسطورة هدفها “سياسي”.
ووفقا لهأرتس فان التقرير، يؤكد على أنه لم يتم استعباد اليهود في مصر ولكنها حكاية تم اختلاقها ونقلها للأجيال اليهودية جيل بعد جيل حتى يؤمن بها الشعب اليهودي تماما.