7 أكتوبر
بعيدًا عن مناقشة الأمر من نقطة الصفر، على خلفية الباطل والحق والمستحق والتعاطف والازدراء، ما أستطيع قوله، وقد أكون مخطئًا، إن عملية 7 أكتوبر هى عملية نوعية، تختلف جذريًا عن كل المعطيات السابقة وما قد يلحقها من توصيفات أخلاقية كانت أو غير أخلاقية.
إسرائيل لا تمتلك ردًا "مناسبًا" لما حدث، وإذا كانت مثل هذه العمليات فى السابق بـ تصب فى مصلحتها إجمالًا، وتعالج تناقضاتها وأزماتها، وتعيد توحيد جماعتهم المتناطحة، فـ المرة دى دا مش هـ يحصل، بل هـ يعمق كل هذه الأزمات، لـ إنه الاصطفاف سابقًا كان بـ يبقى على خلفية "الأمان" ومن يستطيع تحقيقه، والعملية دى بـ تقول إنه هذا الأمان لا يلوح فى الأفق، ومفيش حد ظاهر يستطيع تحقيقه أو حتى الوعد بيه.
عملية طوفان الأقصى مش فش غل زى كل مرة، إنما هى إعلان أن هناك تغييرًا ملموسًا فى ميزان القوى على الأرض، لـ إنه شهد قدر كبير من التنظيم ومستوى متطور من التسليح، وتعامل استخباراتى على مستوى احترافى رفيع، ودا بـ خلاف العمليات السابقة اللى كانت كلها بدائية، أو زى ما بـ يقولوا "رش ما يبلش"، مما يوحى بـ تدخل أطراف لم يسبق لها التدخل على هذا المستوى من قبل.
مش قصدى بـ الطبع إنه الكفتين بقوا متساويتين، بس بـ أتكلم عن تغيير محلوظ في التفاوت، والتغيير دا مش سهل تتعامل معاه مباشرة وفورًا، وفكرة إنه إسرائيل هـ تجتاح برا، أو هـ تقتل مئات الآلاف مش واردة، وضمير العالم "إن كان له ضمير" مش غايب لـ الدرجة دى، بـ معنى فيه حدود برضه لـ كل حاجة، فضلًا عن عدم الاستطاعة زي ما أوضحت لـ حضراتكم.
المهم إن التغيير دا بـ يعيد تفنيط العديد من الكروت فى المنطقة بـ رمتها، ويضع تحديات ويصنع فرص أمام كل نظام، وربما يكون نظامنا هنا على رأس الأنظمة المتاح أمامها فرص، تتمثل أولًا في تخفيف الضغوط على القيادة السياسية اللى فى غمضة عين ما بقاش حد مركز معاها لا داخليًا ولا خارجيًا، ودا معناه الإفلات بـ الفترة الحرجة من غير هرتك، كمان مصر ليها ثقل فى التعامل مع الملف، لو بـ تنكره فـ ربنا معاك، إنما على الأرض النظام المصرى حاضر ولو كان بـ شكل غير معلن.
السعودية والإمارات دلوقتى بقوا فى موقف حرج، لـ إنه في إطار الحديث عن زعامة المنطقة وقيادتها وخلافه، لن تجدى البروباجاندا ولا رش الفلوس ولا حفلات هيئة الترفيه ولا الدورى ولا كاس العالم ولا هاتيك الأمور اللطيفة والمعارك الآمنة، والمطلوب هنا دور "فعلى" ربما يكتنف الغموض طبيعته، وتقديرى إنه المحصلة هـ تكون التراجع خطوات فى المشوار اللى شغال بقى له حبة.
وأخيرًا، القضية دى لن تنتهى، لـ إنه لا أحد يريد لها الانتهاء، ولا حتى أطرافها، فقط قواعد الصراع بـ تختلف، والصراع نفسه بـ ياخد منحى جديد، والجميع في اختبار صعب، لكن فرجه قريب.