لماذا الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
تشهد بلادنا هذه الأيام زخمًا سياسيًا وحزبيًا غير مسبوق نتيجة الإعلان عن الانتخابات الرئاسية التى وافق فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى على خوضها نزولًا على رغبة الشعب المصرى، وأملًا فى استمرار مسيرة العطاء والإنجازات، وذلك لقناعة الشعب بأن هذه المرحلة من تاريخ الوطن من الصعب أن يقودها قائد غيره، وهو الذى تحمل وواجه أزمات ومشكلات خارجية كان لها تأثيرها على العالم بأسره، وكذلك العديد من الأزمات الداخلية التى تعرضت لها البلاد منذ أواخر 2010 حتى الآن.. ويكفى هنا أن نشير إلى غول الإرهاب وتحكم جماعة الأشرار فى مقاليد البلاد منذ أحداث 2011 التى كان يتم الإعداد لها فى الخارج منذ عام 2005، عندما كان يتم تدريب عناصر من حركة 6 أبريل وكفاية فى بعض الدول الأوروبية على أعمال الشغب والعنف والتظاهر والتخريب، وسرعان ما شاركوا مع جماعة الإخوان فى أحداث يناير 2011، حيث شاهدنا وعشنا ثلاث سنوات عجاف تعرض فيها الوطن بكل مؤسساته وهيئاته للتخريب والتجريف والإقصاء؛ إلى أن وصلت ذروتها عندما قفزت جماعة الإخوان على الحكم وحاولت بسط سيطرتها على مفاصل الدولة وترهيب العباد وممارسة الإرهاب الفكرى والنفسى والبدنى بكافة أشكاله؛ لولا أن أفاق الشعب من هذا الكابوس وقام بثورته المجيدة فى يونيو 2013 لإسقاط هذا الحكم الفاشى، الذى اتخذ من الدين ذريعة لفرض سيطرته وهيمنته على مقدرات الدولة، فى حين أن الدين الحنيف بريء منهم ومن ذرائعهم.
هناك حقائق يجب ألا نغفل عنها وألا ننساق الى تلك الأصوات التى تحاول أن تعود بنا إلى تلك الحالة من التفكك والسيولة إلى أن نصل إلى حالة اللا دولة التى تولى فيها الرئيس السيسى إدارتها، وهى تكاد تصل إلى ما وصلت إليه بعض الدول الأخرى المجاورة لنا من انقسام وتقسيم وتشتيت وتهجير وسيطرة لتنظيمات إرهابية وعناصر داعشية لا ترى إلا القتل والترويع كوسيلة لهدم البلاد وحكم العباد.
يجب ألا نغفل أو ننسى أو حتى نتناسى ما كانت عليه مصرنا الغالية خلال تلك السنوات التى أعقبت أحداث يناير 2011.. وعلينا أن نتساءل ماذا لو لم ينجح الجيش المصرى فى إنقاذ الدولة من براثن تلك العصابات؟.. وماذا كان سيؤول اليه مصير الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع آنذاك إذا فشل انحيازه لأبناء الشعب الذين طالبوه بإنقاذهم وإنقاذ بلادهم من الضياع؟
أعلم أن رؤيتى الأمنية كثيرًا ما تضغى على ما أكتبه، ولكننى أتكلم عما رأيته بنفسى، بل عايشته ووقفت على تلك المؤامرات التى كانت وما زالت تحاك ضد وطنى.. رأيت تلك الطائرات التى كانت تحمل قيادات الجماعات الإرهابية وهى تصل البلاد ويستقبلها فى الخارج العشرات من كوادر تلك الجماعات تحت ساتر جماعة الإخوان فى سيارات فارهة وحديثة.. كما تعاملت مع أحدهم عندما حضر إلىّ طالبًا الاطلاع على الأرشيف الذى كنت قد احتفظت به فى مكان سرى لم يطلع عليه أحد الى أن استقرت الأمور وتم تسليمه لزميلى الذى جاء من بعدى دون أن أسمح لأى إنسان بالاطلاع عليه.
هناك العديد من الحقائق التى لا يعلمها المواطن العادى الذى قد يكون محقًا عندما يشكو من غلو الأسعار والأزمات الاقتصادية التى تمر بها البلاد.. ولكن أغلب الظن فإن هذا المواطن الشريف إذا وقف على جميع الحقائق والمؤامرات التى تحاك ضد بلاده، فإنه وبلا شك سوف يتمسك باستمرار الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مسيرة الجهاد والكفاح والعطاء التى تَحمل خلالها من الضغوط ما لم يتحمله إنسان، سواء كان ذلك من بعض الدول والأنظمة المعادية من الخارج أو من خلال الخلايا النائمة من الداخل التى تتحين أى فرصة لبث الفتن والشائعات وتسعى لنشر الاضطرابات والتشكيك والتقليل من أى إنجازات حتى ولو كانت محل تقدير دول العالم بأسره.
ومن واقع منظورى الأمنى فإننى أتساءل هل ما زال مخطط الإجهاض والإجهاز على الدولة المصرية قائمًا؟ والإجابة هنا وبكل وضوح وصراحة "نعم ما زال مسلسل محاولات إسقاط الدولة المصرية قائمًا وعلى أشده"، فكلما سارت مصر نحو بناء واستكمال مشروعها النهضوى الشامل تشتد ضراوة الحملات المسعورة ضد مصر؛ إذ أدركت القوى الإقليمية والدولية المحيطة بنا أن تماسك مصر اقتصاديًا وسياسيًا سوف يؤدى إلى أن تكون قادرة فى التاثير على معادلة الإقليم ومعادلة العالم بحكم الجغرافيا السياسية وبحكم الحضارة والثقافة وبالتالى، فإن تلك القوى سوف تستخدم جميع الوسائل المتاحة لضرب مشروعنا الوطنى وحصارنا سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا.. نحن نشاهد حاليًا تحالفات إقليمية تهدف إلى ضرب الاقتصاد المصرى والاتفاق على مشروعات تحاول من خلالها التأثير السلبى على قناة السويس والمشروعات الاقتصادية المرتبطة بها، كما نرى أيضًا تلك الاستثمارات فى دول أخرى تهدد الأمن المائى لمصر الذى يعتبر مسألة وجود وحياة.. ناهيك عن محاولات اختراق المجتمع المصرى الوسطى المعتدل ثقافيًا ودينيًا من حيث محاولات نشر الأفكار الهدامة مثل الدعوة الى الإلحاد أو المثلية الجنسية، هذا بالإضافة إلى التلويح بحجب المساعدات الأمريكية المتفق عليها فى اتفاقية كامب ديفيد، بل إنه قد حدث بالفعل منع جزء من تلك الأموال تحت حجة حقوق الإنسان وما زالت تلوح بحجب الجزء الأخير منها خلال هذا العام.. إنه حصار عدوانى شرس نتعرض له منذ عهود قديمة بهدف ألا تقوم لنا قائمة ونصبح دائمًا على شفا الانهيار، ولعل ما جعل تلك القوى المعادية تسارع فى تحقيق هذا الهدف هو ذلك الانتصار الذى تحقق فى أكتوبر 1973 والذى أثبت للعالم أن مصر لا تموت حتى وإن ضعفت أو تأثرت بالضغوط التى تمارس عليها، ولكنها أبدًا لا تسقط بفضل شعبها الذى ثار ضد الاحتلال البريطانى ثم الحكم الملكى، وأخيرًا ضد جماعة الإخوان الإرهابية والحكم الفاشى الدينى لها.
نحن أمام حملات مخططة ومنظمة تستهدف تفتيت مصر وتفكيكها وإيقاف نهضتها التى تأسست على أسس متينة وبنية تحتية قوية.. وهنا ايضًا أجدنى يجب أن أذكركم وأذكر نفسى بالأسباب الحقيقية للعدوان على مصر والهزيمة التى تعرضنا لها عام 1967، وذلك لمن لا يعرف.. فعلى الرغم من كافة الضغوط التى تعرضت لها البلاد، سواء من القوى الاستعمارية الخارجية أو من جماعة الإخوان التى حاولت اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر، ثم إغراق البلاد عن طريق تفجير القناطر الخيرية.. على الرغم من كل ذلك شاهدنا نهضة صناعية غير مسبوقة، حيث تم إنشاء مصانع الحديد والصلب فى حلوان والغزل والنسيج فى المحلة الكبرى، كما رأينا تلك السيارات التى كان يتم تجميعها فى المصانع المصرية وكانت تحمل اسم "نصر"، كذلك صناعة ثلاجات وتليفزيون ماركة "نصر" ومعدات نقل ثقيلة وأتوبيسات نفس الماركة، بالإضافة إلى الانتهاء من بناء السد العالى، وغيرها من المشروعات العملاقة، الأمر الذى أزعج العالم وإسرائيل، حيث دفعها للاعتداء علينا لإيقاف تلك النهضة التى لو استمرت لكنا حاليًا فى مصاف الدول الصناعية الكبرى التى بدأت مشوارها معنا مثل اليابان وكوريا وتركيا.
لقد عادت تلك القوى المعادية أو على الأقل القوى التى لا تريد لنا النهوض أو السقوط وأن نستمر دائمًا فى حاجة إلى دعمها.. عادت تسعى الى إعادة مصر إلى نقطة الصفر وهو ما ينادى به أحد المرشحين الموالين لبعض تلك القوى، حيث ظهر أن هناك تواطؤا غربيا أمريكيا كى يأتى الإخوان للحكم لاستكمال مخطط هدم مصر، ولا مانع من أن يكون من يحكمها دمية يتم تحريكها بواسطتهم كما يشاءون.
إنهم يعلمون أن الشعب المصرى هو الذى أسقط مخططهم فى يونيو 2013، ولذلك فهم يبحثون عن أساليب وطرق أخرى للوصول إلى أهدافهم.. وللأسف الشديد فإن لدينا من هم جاهزون للمساعدة فى ذلك وصولًا الى تحقيق مصالحهم الشخصية، مستخدمين فى ذلك أى ذريعة مثل الأوضاع الاقتصادية وملف حقوق الإنسان وملف الديمقراطية، وغيرها من الموضوعات التى تثير الرأى العام المصرى، وسوف يزداد جنون هؤلاء كلما التف الشعب المصرى حول قائده لاستكمال المسيرة؛ حتى ولو استمرت المعاناة فترة من الزمن أعتقد أنها لن تطول.
إن كل ما أثرته اليوم يعلمه الرئيس عبدالفتاح السيسى عن ظهر قلب بحكم السنوات التى قضاها فى إدارة شئون البلاد، وأيضًا السنوات التى قبلها بحكم عمله رئيسًا للاستخبارات العسكرية، بل يعلم أخطر من ذلك بكثير، وبالتالى فهو الوحيد القادر على مواجهتها واستمراره فى التصدى لها، ولعل ما عرضته اليوم يجيب عن السؤال الرئيسى للمقال وهو لماذا الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
وتحيا مصر.