بمناسبة مرور 50 عامًا على انتصار أكتوبر..
يوبيل النصر.. تفاصيل الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بحضور الرئيس السيسي
- «أبوالغيط»: المعركة كانت ضرورية لإعادة التوازن الاستراتيجي إلى المنطقة
- محمود طلحة: الجيش درس الذهنية الإسرائيلية جيدًا قبل وضع خطة الهجوم
- محمد ممدوح: التضليل المعلوماتى حول الحرب أخطر شىء
- مها شهبة: الجندى سويلم فقد أطرافه فى حرب الاستنزاف وأصرّ على المشاركة فى العبور
شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، اليوم، الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمناسبة مرور ٥٠ عامًا «اليوبيل الذهبى» لانتصار حرب أكتوبر المجيدة بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية.
بدأت وقائع الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تلاه عزف سلام الشهيد، وعقب قراءة آيات من القرآن الكريم، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى تحية سلام الشهيد وعزف السلام الوطنى الجمهورى. قالت المذيعة نجوى إبراهيم إنها كفنانة لها الشرف بالمشاركة فى عملين «فيلمين» عن نصر أكتوبر المجيد، وهما «الرصاصة لا تزال فى جيبى» والثانى «حتى آخر العمر»، وكانت خلاله زوجة بطل من أبطال نصر أكتوبر المجيد.
بدوره، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، أن حرب أكتوبر كانت ضرورية لإعادة التوازن الاستراتيجى فى المنطقة، مشيرًا إلى أن النوايا الإسرائيلية عقب حرب يونيو ١٩٦٧ كانت البقاء على الأرض وعدم الانسحاب منها، وأن المسألة اقتضت خوض حرب أخرى نتيجة الفلسفة الإسرائيلية التى تتحرك بها.
ووجه الرئيس السيسى التحية إلى أبطال معركة «رأس العش» فى حرب أكتوبر المجيدة، طالبًا من جميع الحاضرين بالوقوف لهم احترامًا وتقديرًا، كما تم توجيه التحية، أثناء الاحتفال، إلى العميد أحمد شوقى، رغم عدم مشاركته بسبب ظروفه الصحية.
عقب ذلك، أكد المدير الأسبق لكلية القادة والأركان، اللواء محمود طلحة، أن الجهد الأكبر للقادة على جميع المستويات وحتى ضباط الصف والجنود منذ نهاية ٦٧ كان التفكير فى أسلوب تحرير الأرض، مشيرًا إلى أن الجميع فكر واجتهد طبقًا لتخصصه، وأن التخطيط تم بطريقة تراكمية بناء على ظروف الموقف العام والاقتصادى.
وقال اللواء محمود طلحة إن قاعدة الفكر التى بنى عليها التخطيط هو دراسة الذهنية الإسرائيلية، خاصة فيما يخص نظرية الحدود الآمنة ودراسة هيكل الدفاعات الإسرائيلية.
وأشار إلى أن التحدى الأعظم كان يتمثل فى كسر حاجز الخوف وإيقاف منحنى الانكسار للقوات المسلحة والشعب المصرى نتيجة هزيمة ٦٧، لافتًا إلى أن العلامة البارزة فى بداية كسر هذا المنحنى كانت معركة رأس العش.
وأوضح أن معركة رأس العش التى شارك بها سرية صاعقة مكونة من ١٠٠ فرد بتسليح خفيف تمكنت خلال اشتباكات استمرت لنحو ٦ ساعات، من إيقاف وتدمير قوة إسرائيلية، مكونة من دبابات ومركبات مدرعة مدعمة بالهاون كانت تتقدم، والأهم من ذلك هو أنها لقنت العدو درسًا جعلته لا يفكر بالإقدام على عمل كهذا حتى عام ١٩٧٣.
وأشار إلى أن هناك العديد من التحديات التى كانت تواجه القوات المسلحة منها تأمين اقتحام قناة السويس، بما تشمله من مسائل معقدة فنيًا وتكتيكيًا، والتى تم التغلب عليها، فضلًا عن تحدى تسلق الساتر الترابى بواسطة الأفراد بأسلحتهم، وبعض المدافع المضادة للدبابات وخلافه، لتجريف وتحطيم القلاع الحصينة التى تمثل الخط الأول من خط بارليف، وهو ما تم بتوفيق من الله.
ولفت إلى أن التحدى الأخطر كان أسلوب مجابهة دبابات العدو، مشيرًا إلى أن قوات المشاة المصرية قاتلت لمدة ١٢ ساعة دون دبابة واحدة، علمًا بأن إسرائيل كانت تمركز فى هذا الوقت ٣٠٠ دبابة بصفة دائمة، تم تدمير نحو ١٨٠ دبابة منها طبقًا لتقديرات الجانب الإسرائيلى.
وأشار إلى الدور الباهر لبدو سيناء الذين وفروا قدرًا كبيرًا من المعلومات عن أوضاع العدو بما مكن من نجاح الاقتحام، فضلًا عن تأمين ومعاونة القوات المصرية التى تعمل فى عمق أوضاع العدو منذ عام ٦٧ حتى عام ٧٣.
فيما قالت الدكتورة مها شهبة، أستاذ الإعلام وصانعة الأفلام الوثائقية، إنها رصدت فى عدد من الأفلام التسجيلية، اللحظات المضيئة فى تاريخ مصر ومنها نصر أكتوبر المجيد؛ لأنه أقرب التاريخ المعاصر والحديث، حتى يستلهم الشباب من الماضى ما يواجهون به تحديات الحاضر والمستقبل.
وأضافت أنها قدمت فى الأفلام التسجيلية العديد من النماذج التى تمثل جميع أطياف الشعب المصرى، حيث قدمت قصة الشهيد الحى «الجندى عبدالجواد سويلم» الذى فقد عينه وذراعه وساقيه فى حرب الاستنزاف فى عمليات بطولية، وعند لحظة العبور أصرّ أن يكون موجودًا على الجبهة فى مهمة إدارية.
وأشارت إلى أنها قدمت قصة الفدائى عبدالمنعم قناوى، الذى عمل بمهنة التصوير ووجه الكاميرا طوال حرب الاستنزاف لمراقبة العدو، كما شارك فى عمليات فدائية ضمن فرقة صائدى الدبابات، ونفذ بطولات كبيرة جدًا مع الجيش المصرى.
ونوهت بأنها قدمت قصة «الست سيدة الكمشوشى»، ابنة المنوفية، التى تخرجت فى معهد التمريض وتم تكليفها فى السويس، وشهدت حصار المستشفى وحصار السويس وأسهمت فى إنقاذ العديد من الجنود والأبطال.
من جانبه، أكد محمد ممدوح، صانع محتوى إلكترونى على «اليوتيوب»، أن جيله لم يحضر حرب أكتوبر، والأجيال اللاحقة لديها الرغبة فى التعرف على حرب أكتوبر، وجعلت سهولة الوصول للمعلومات فى الوقت الحالى الاطلاع أمرًا أكثر سهولة، لافتًا إلى أنه ليس من المهم فقط أن نعرف ما يكتبه الكتاب الإسرائيليون، ولكن كذلك الكتاب الغربيون الذين نصطدم فى مقالاتهم بالكثير.
وقال محمد ممدوح: «قد نجد مقالة لكاتب غربى كبير مكتوبة بحرفية وفى جريدة معروفة، ولكن تتضمن خطأ بسيطًا (على سبيل المثال أن عدد قتلى الجيش الإسرائيلى كان بالمئات وليس بالآلاف، وكذلك عدد الجرحى)، ولكن تلك المعلومة الصغيرة لها معانٍ كثيرة ودلالات، وهذا يمثل أسلوبًا فى الإعلام يسمى الخطأ المعلوماتى».
وأضاف أن الإعلام تطور حتى وصل إلى التضليل المعلوماتى الذى يقوم فيه الكاتب المعروف بكتابة مقالة فى جريدة كبيرة وبتغطية كاملة للحدث، ويقوم الكاتب ليس فقط بتغييرات بسيطة ولكن يغير معلومات أساسية عن الحرب ويغير الرواية كاملة، وتعد أقوى نقاط ذلك النوع من التضليل هو التغطية، لأن كتابًا آخرين يستشهدون بالكاتب ومقالاته.
وتطور الإعلام أيضًا إلى الغسيل المعلوماتى الذى يعد أخطر وسيلة من وسائل إيصال أو زرع المعلومة، لأننا نكون أمام عمل درامى يؤثر فى المشاهد ويصدقها، وهذا الأسلوب ليس مؤسسيًا وإنما يتم الإنفاق عليه من دول ويتكلف ملايين، ويتم توجيهه لوسائل التواصل الاجتماعى والمؤثرين، ويقوم الباحثون عن المعلومات بالاستشهاد بذلك العمل الدرامى والمعلومات التى تم ذكرها فيه، اعتمادًا على أن المخرج والمؤلف استندا إلى مصادر موثوقة فى جمع العمل الدرامى.
وأشار إلى أن هناك أساليب كثيرة لزرع المعلومات والتشكيك فى الإنجازات، قائلًا: «نحن أمام جندى مصرى منفرد بشخصيته، فليس هناك جندى فى العالم لديه إرث من أجداده يخبرونه بتاريخهم وانتصاراتهم»، مشيرًا إلى أن زرع المعلومات يهدف إلى إعادة كتابة التاريخ وتشويهه ليقوم بتوصيل معلومة للجندى الجديد والجيل الجديد أن شخصيتك مبنية على هزائم وليست انتصارات.
وأكد أننا أمام عمل عظيم ويجب التيقن من ذلك، والجندى المصرى منفرد ذو شخصية منفردة.
بدوره، قال اللواء محمود طلحة، إن هناك سؤالًا يتردد بخصوص نتيجة حرب ٧٣ بهدف الاستفسار أو التشكيك أو التشفى، مضيفًا أن الحرب امتداد للسياسة بوسائل أخرى، وعلى الحرب فى نهاية المطاف أن توفر الظروف المناسبة والمناخ المناسب لاستغلالها من القوى السياسية إما لتدعيم أو استكمال ما تحقق بالقوى العسكرية.
وأضاف أن المعيار الجوهرى الوحيد لقياس النصر أو الهزيمة هو مدى تحقيق الحرب للهدف أو الأهداف التى من أجلها قامت الحرب، مشيرًا إلى أن الجنرال حاييم هرتزب الذى كان رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلى السابق تحدث عن حرب ٧٣، وأن الجيش الإسرائيلى حقق فى ٦٧ نصرًا كبيرًا، ولكن تم ارتكاب العديد من الأخطاء العسكرية فى تلك الحرب، ولكن النصر غطى على هذه الأخطاء ولم يتم الالتفات إليها.
وأوضح أن هناك قاعدة عسكرية بأن المنتصر لا يحاكم قادته، مشيرًا إلى أن هناك لجنة قضائية تسمى أجرانات الإسرائيلية، وضعت نظرية الأمن الإسرائيلية على مر التاريخ، وتشكلت هذه اللجنة عقب هزيمة الجيش الإسرائيلى عام ١٩٧٣، وتم التحقيق مع ٧٣ مسئولًا عسكريًا إسرائيليًا وسياسيًا، بهدف تأمين قواتها شرقًا وغربًا وأوضاع إسرائيل سياسيًا وعسكريًا فى أى محادثات جارية، وتم تحديد أسباب الفشل، كما أن الجسر الأمريكى أنقذ إسرائيل من الكارثة، وتمت إقالة رئيس الأركان الإسرائيلى والاستخبارات وقائد المنطقة الجنوبية.
وأضاف محمد ممدوح، أن التضليل الإعلامى والأكاذيب لا تقتصر فقط على حرب أكتوبر أو إنفاق الدول على أعمال تاريخية لتشويهها وإعادة كتابة التاريخ من وجهة نظرهم، لكنها نظرية مستمرة من قبل أى كاره للدولة يستخدم تلك الأساليب بمختلف القدرات.
وأضاف ممدوح، أن «تلك الأساليب قد تستخدم أيضًا فى أعمال إرهابية من خلال المبالغة فى عدد الضحايا أو آثار الحادث أو أنه استمر لفترة أطول من الوقت الحقيقى، وذلك لإثارة البلبلة داخل المجتمع».
وأشار إلى أن كل أساليب التضليل الإعلامى- بأنواعها- أمر خطير، لكن ليس نحن فقط من نواجهها، فالكثير من الدول الكبرى تعانى من نفس الأساليب وبشكل أكبر، لكنهم جميعًا يؤكدون ضرورة الاعتماد على الحقيقة، فعندما تظهر الحقيقة وتبرزها تكون أقوى من أى معلومة مزيفة لأن الحقيقة صوتها عالٍ؛ لذلك فإن الاحتفال السنوى بنصر أكتوبر- بطرق ورسائل مختلفة- مهمة كواجب وطنى حتى يعلم الجميع أن لدينا جيشًا عظيمًا من الأوقات السابقة وحتى الآن.