"حكاية وطن" يستعرض جهود توطين الصناعة المصرية
كشف تقرير ومؤتمر “حكاية وطن” عن أن مصر اتخـذت عـددا مـن الخطـوات الهادفـة إلى تعزيـز دور القطـاع الخاص فـي الاقتصـاد المحلـي وتنمية الصناعة باعتبارها قاطرة التنمية.
قطاع الصناعة
كان توطيـن الصناعـة إحدى أولويـات القيـادة السياسـية بوصفه مسـعى أساسـيا في جـذب الاسـتثمارات وتطويـر البنيـة التحتيـة وتعزيـز التكنولوجيـا والابتـكار. وفـي هـذا الصـدد، تبنـت الدولـة اسـتراتيجية شـاملة تتضمن: تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية وتوفير الدعم المالي والفني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وإقامـة المناطـق الصناعيـة الحديثـة والمتكاملـة، والمشـروعات الصناعيـة الكبـرى، مـا أسـهم فـي تعزيـز عـدد مـن الصناعـات مثـل: الصناعـات الحربيـة، والصناعـات التحويليـة، والتصنيـع الغذائي، والمنسـوجات، والمعـادن، والكيماويـات. هذه الجهود أسـهمت فـي الاسـتقرار النسـبي للسـوق خـلال الأزمـات العالميـة، وكانـت فـي الوقـت ذاتـه وسـيلة أساسـية للتعامـل مـع الأزمـة، مـن خـلال زيـادة الإنتـاج لتعزيـز التصديـر وتخفيـض حجـم الـواردات كوسـيلة لتعزيـز النقـد الأجنبي بمصـر؛ وذلك من خـلال دعـم وتوطيـن الصناعـة المحليـة.
توطين الصناعة
ولتحقيـق الهـدف الأسـمى بتصدير 100 مليار دولار، لم تتوان الدولة في السـير نحو توطيـن الصناعـة في مصر، وزيـادة المكون المحلـي، ونقل الخبـرات والتكنولوجيات المطبقـة عالميـا إلـى الصناعـة المحليـة، لـذا كان أحد أهـم وأبرز هـذه الخطى إعادة هيكلـة الاقتصـاد المصـري مـرة أخـرى، فقـد تـم اعتمـاد البرنامج الوطنـي للإصلاح الهيكلـي، وركيزتـه الأساسـية تتمثـل فـي توسـيع الـوزن النسـبي لثلاثـة قطاعـات، هـي الصناعـة والزراعـة والاتصـالات وتكنولوجيـا المعلومات، وذلـك من خلال:
تعزيز بيئة الأعمال وتعزيز دور القطاع الخاص
تحسين كفاءة سوق العمل ونظام التعليم والتدريب التقني والمهني ورفع مستوى حوكمة وكفاءة المؤسسات العامة
تعزيز الشمول المالي وتسهيل الحصول على التمويل
تعزيـــز تنميـــة رأس المـــال البشـــري مـــن التعليـــم والصحـــة والحمايـــة الاجتماعيـــة واعتمـدت الدولـة كذلـك عـددا مـن القوانيـن والإجـراءات لتحسـين بيئـة الأعمـال فــي مصــر، مثــلمــا يلــي: قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون الاستثماروقانون الإجراءات الضريبية الموحد وتعديــل قوانيــن الجمــارك وســوق رأس المــال وتنميــة المشــروعات الصغيــرة والمتوســطة.
المدن الصناعية
بالإضافـــة إلـــى مـــا ســـبق فـــإن الجهـــود لـــم تتوقـــف عنـــد ذلـــك، فقـــد تـــم الإعـــلان فـــي يونيـــو 2022 عـــن إنشـــاء 4 مـــدن صناعيـــة وً 17مجمعـــا فـــي 15 محافظـــة، و100 إجـــراء لتحفيـــز القطـــاع الصناعـــي ودعمـــه بـ 12 مليـــار جنيـــه، وهـــو مـــا يؤكـــد التوجـــه القـــوي لتعميـــق الصناعـــة المحليـــة فـــي بعـــض مجـــالات الإنتـــاج عوضـــا عـــن الاســـتيراد، وأبرزهـــا الصناعـــات الدوائيـــة والغذائيـــة والهندســـية، مـــع الســـعي لفتـــح منافـــذ تســـويق جديـــدة، فـــي الأســـواق الإفريقيــة خاصــة. وبلــغ عــدد الوحــدات الصناعيــة المنشــأة 1963 وحــدة فــي 14 مجمعـــا صناعيـــا حتـــى عـــام 2022.
مبادرة ابدأ
يعـد أبـرز هذه التحـركات التوجيـه بإطلاق مبادرة دعـم وتوطين الصناعـات الوطنية “ابـدأ” للاعتمـاد علـى المنتج المحلي وتقليـل الواردات، وذلك من خـلال تعزيز دور القطـاع الخـاص الوطنـي فـي توطيـن العديد مـن الصناعـات الكبرى والمتوسـطة والصغيـرة والمتناهيـة الصغـر فـي مصـر، مـع تقديـم عـدد مـن الحوافـز، بالإضافـة إلـى تقديـم أوجه الدعـم اللازم لتقنين الأوضـاع للمخالفين وتقديـم الدعم الفني والمـادي الـلازم للمتعثريـن؛ وذلـك بهـدف توطيـن الصناعـة الحديثـة، وتقليـل الفجـوة الاسـتيرادية، وتوفيـر فـرص عمـل. واسـتطاعت المبـادرة فحـص حوالـي 4586 مصنعـا متعثـرا ومخالفـا فـي 25 محافظـة فـي 10 مجـالات مختلفـة خـلال عـام واحـد.
واسـتطاعت انتشـال عـدة مصانـع مـن براثـن الغلـق والإفـلاس والبيع. لـذا تعـد مبـادرة دعـم وتوطيـن الصناعـات الوطنيـة إحدى الخطـط الحيويـة للدولة فـي تحقيـق التنميـة الاقتصاديـة المسـتدامة، حيث تسـاعد في تنويـع الاقتصاد الوطنـي وتحقيـق الاكتفاء الذاتي فـي مختلف القطاعات الحيويـة، مثل: الصناعة، والزراعـة، والطاقـة، والتكنولوجيا، والخدمات، وتسـهم بالتالي في تعزيز الاسـتقرار الاقتصـادي والاجتماعـي والبيئـي فـي الدولـة، إلـى جانـب تعزيـز الاسـتقلالية الاقتصاديـة وتحسـين جـودة المنتجـات المحليـة وتوفيـر فـرص العمـل وتحقيـق الاكتفـاء الذاتـي فـي مختلـف القطاعـات الحيوية. وبالفعـل اسـتطاعت الدولـة تحقيـق عـدة نجاحـات فـي مجـال توطيـن الصناعـة، بعـدة قطاعـات صناعيـة، كصناعـة الإلكترونيـات، وصناعـة السـيارات الكهربائيـة، ومسـتلزمات السـكك الحديديـة، وصناعـة اللقاحـات، وصناعـة الأسـلحة المتقدمة. وأسـهم ذلـك فـي ارتفـاع صادرات مصـر الصناعية لتصـل إلى نحـو 30.2 مليار دولار خـلال عـام 2022، ضمـن 35.6 مليـار دولار هـي إجمالـي حجـم الصـادرات المصريـة غيـر البترولية.
تعزيز المناخ الاستثماري
بذلـت الدولـة جملـة مـن الجهود لجـذب المزيد من الاسـتثمارات الخاصـة والأجنبية خـلال الفتـرات الأخيـرة، مـن خلال: إفسـاح المجـال للقطـاع الخاص، وتحسـين مناخ الأعمـال فـي مصر، وتسـهيل الإجراءات التنظيميـة التي تعيق حركة الاسـتثمارات فـي البـلاد؛ إيمانا بأهمية الاسـتثمارات في التخفيف من حـدة الأزمات الاقتصادية التـي تواجههـا، والمتمثلـة فـي: ارتفـاع معـدل التضخـم، وعـدم اسـتقرار سـعر الصـرف، مـع وجـود فجوة بين السـعر الرسـمي ونظيـره الموازي، ونقص السـيولة الدولاريـة، ولهـذا اتجهـت الدولـة نحو الخطـوات الآتية:
وافـــق المجلـــس الأعلـــى للاســـتثمار خـــلال اجتماعـــه فـــي مايـــو 2023 علـــى 22 قـرارا فـي مختلـف القطاعـات والمجـالات الاقتصاديـة؛ تسـتهدف تحقيـق نقلـــة نوعيـــة فـــي خفـــض تكلفـــة تأســـيس الشـــركات، والحـــد مـــن القيـــود المفروضـــة علـــى التأســـيس، ومـــن الموافقـــات المطلوبـــة ومـــدة الحصـــول عليهـــا، وكـــذا تســـهيل تملـــك الأراضـــي، والتوســـع فـــي إصـــدار الرخصـــة الذهبيـــة، وتعزيـــز الحوكمـــة والشـــفافية والحيـــاد التنافســـي فـــي الســـوق المصريــة، وتســهيل اســتيراد مســتلزمات الإنتــاج، وتخفيــف الأعبــاء الماليــة والضريبيـــة علـــى المســـتثمرين، وتحفيـــز الاســـتثمار المحلـــي والأجنبـــي، وتوســـيع اختصـــاص المحاكـــم الاقتصاديـــة.
وافـــق مجلـــس النـــواب فـــي يوليـــو المنصـــرم نهائيـــا علـــى مشـــروع قانـــون مقـــدم مـــن الحكومـــة بتعديـــل بعـــض أحـــكام قانـــون الاســـتثمار الصـــادر بالقانـــون رقـــم 72 لســـنة 2017 لتوســـيع نطـــاق الاســـتفادة مـــن حوافـــز الاســتثمار العامــة المتضمنــة بقانــون الاســتثمار رقــم 72 لســنة 2017، بحيــث تتمتـــع بهـــا الشـــركات التـــي تـــم تأسيســـها قبـــل العمـــل بقانـــون الاســـتثمار2017، وتـــم مـــد الفتـــرة التـــي يجـــب أن تؤســـس خلالهـــا الشـــركات أو المنشـآت الجديـدة حتـى تتمتـع بالحوافـز الخاصـة الـواردة بقانـون الاسـتثمار لمــدة تصــل إلــى تســع ســنوات. وإطــلاق وثيقــة سياســة ملكيــة الدولــة اســتكمالًا لسلســلة مــن الإجــراءات التـي بدأتهـا الدولـة المصريـة فـي برنامجهـا للإصـلاح الاقتصـادي لعـام 2016، حيـــث أعلنـــت الدولـــة المصريـــة عـــن خطتهـــا لطـــرح العديـــد مـــن الشـــركات المملوكـــة للقطـــاع العـــام بســـوق الأوراق الماليـــة، أو مـــن خـــلال البيـــع المباشـر لبعـض الحصـص بتلـك الشـركات إلـى مسـتثمرين أجانـب مـن خـلال التفـاوض. تـم تنفيـذ تلـك الخطـة جزئيـا خـلال الفتـرة مـن 2016 حتـى 2020، بحيـث تـم طـرح إجـراء طـرح إضافـي لجـزء مـن أسـهم شـركة الشـرقية للدخـان عمــلاق المنتجــات الاســتهلاكية التــي تتخصــص فــي مجــال إنتــاج الدخــان. واســـتكمال برنامـــج الطروحـــات الحكوميـــة مـــن خـــلال تخـــارج الدولـــة مـــن الشــركات المملوكــة للقطــاع العــام والقــوات المســلحة لتوســيع مشــاركة القطـــاع الخـــاص؛ يلعـــب القطـــاع الخـــاص دورًا مهمًا فـــي تحقيـــق أهـــداف التنميـــة الصناعيـــة باعتبـــاره شـــريكا رئيســـيا فـــي تنفيـــذ خطـــط الدولـــة لتحقيـــق التنميـــة الصناعيـــة المســـتهدفة. وتطويـر العمـل بمراكـز خدمـات المسـتثمرين وميكنـة خدماتهـا والتوسـع فـي إنشـاء مراكـز خدمـة المسـتثمرين بالمحافظـات ليصـل عددهـا إلـى 15 مركـزا.
والإعـلان عـن منـح الرخصـة الذهبيـة لبعـض المشـروعات فـي بعـض المجـالات الرائـــدة كالهيدروجيـــن الأخضـــر وصناعـــة المركبـــات الكهربائيـــة والبنيـــة التحتيـــة، ثـــم تـــم الإعـــلان عـــن منحهـــا لكافـــة المشـــروعات لمـــدة 3 أشـــهر. وتطويـــر منظومـــة الحصـــول علـــى الأراضـــي للمشـــروعات الصناعيـــة مـــن خـــلال التحـــول إلـــى نظـــام حـــق الانتفـــاع فـــي الأراضـــي الصناعيـــة، وتســـعير الأراضــي وفقــا لقيمــة المرافــق، بالإضافــة إلــى تحســين منــاخ التنافســية وتيســـير إجـــراءات إصـــدار التراخيـــص والموافقـــات. إعـــداد قائمـــة بــ100 إجـــراء تحفيـــزي للنهـــوض بالصناعـــة المصريـــة وجـــذب المســـتثمرين للاســـتثمار فـــي القطاعـــات الصناعيـــة المختلفـــة، شـــملت 58 إجــراء قصيــر الأجــل، و33 إجــراء متوســط الأجــل، و9 إجــراءات طويلــة الأجــل، فضـــلا عـــن ســـرعة صـــرف مســـتحقات المصدريـــن لـــدى صنـــدوق تنميـــة الصـــادرات؛ حيـــث بلـــغ إجمالـــي المســـاندة التصديريـــة المنصرفـــة خـــلال الفتـرة مـن 2014 حتـى 2022 نحـو 54.6 مليـار جنيـه لعـدد 2600 شـركة مـن خـلال عـدة مبـادرات، منهـا 1963 شـركة فـي إطـار مبـادرة السـداد الفـوري. وإلغـــاء حـــد تملـــك المســـتثمر الأجنبـــي للعقـــارات أو الوحـــدات الســـكنية بعـــد أن كان الحـــد الأقصـــى وحدتيـــن فقـــط. وإطـــلاق البرنامـــج القومـــي لتحويـــل وإحـــلال المركبـــات للعمـــل بالطاقـــة النظيفـــة، وقيـــام جهـــاز تنميـــة المشـــروعات المتوســـطة والصغيـــرة والمتناهيـــة الصغـــر بتقديـــم تمويـــل بقيمـــة 3.5 مليـــار جنيـــه لعـــدد 67 ألفـــا و273 مشـــروعًا صناعيـــا صغيـــرا ومتناهـــي الصغـــر، وذلـــك منـــذ يوليـــو 2014 حتـى أبريـل 2022، وهـو مـا سـاهم فـي إتاحـة 232 ألفـا و390 فرصـة عمـل جديــدة، إلــى جانــب إصــدار 4900 مواصفــة قياســية مصريــة جديــدة وإطــلاق علامـــة حـــلال المصريـــة وتخريـــج 95 ألفـــا مـــن العمالـــة الفنيـــة المؤهلـــة لتلبيـــة احتياجـــات القطـــاع الصناعـــي.
مؤاشرات ايجابية
نتيجـة لجهـود الدولـة المسـتمرة تجـاه تعزيـز مسـاهمة القطـاع الصناعـي فـي الاقتصـاد المصـري، ارتفعـت قيمـة الصـادرات بنسـبة 61.3% منـذ عـام 2014 حتـى عـام 2022 مـن 21.95 مليـار دولار لتسـجل 35.8 مليـار دولار، كمـا ارتفعـت قيمـة الصـادرات الصناعيـة مـن 12.1 مليـار دولار عـام 2014 حتـى 22.2 مليـار دولار عـام
2022 بنسـبة زيـادة تبلـغ 83.5% إلـى جانـب ذلـك، ارتفـع الناتـج الصناعـي مـن 357 مليـار جنيـه خـلال العـام المالـي 2013 /2014 إلـى 1252 مليـار جنيـه