الشهر المقبل.. القاهرة تستضيف أسبوع المياه فى نسخته السادسة
فيما تعايش بعض دول العالم تحديات ترتبط بالحدود وترسيم الحدود والصراعات على الحدود، فإن تحديات أخرى مشتركة تواجهها كل دول العالم باتت تتطلب في المقابل تجاوزا لاعتبارات الحدود وذوبانا للحدود بما يستدعيه ذلك من تغليب لمصلحة مشتركة بين الجميع من أجل الحياة والبقاء، وفيما يواجه العالم فى ظل الحرب الروسية الأوكرانية تحديا غير مسبوق ضرب بقوة أمن الطاقة والأمن الغذائى فإن تحدى شح المياه والأمن المائي يفرض نفسه وبقوة كأهم تحدٍ يواجه الانسانية وحياة البشر في القرن الحالي.
وفي ظل هذه المتغيرات المتلاحقة ذات الصلة بالمياه وارتباطها بالغذاء وضرورة التحول للطاقة الجديدة والمتجددة، تأتي فعاليات النسخة السادسة لأسبوع القاهرة للمياه التى تنطلق في التاسع والعشرين من أكتوبر المقبل تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتستمر حتى الثانى من نوفمبر القادم، وإدراكا وتعبيرا عن هذه المتغيرات وتأثيراتها ينعقد أسبوع المياه هذا العام تحت عنوان لافت وكاشف وهو "العمل على التكيف مع المياه من أجل الاستدامة".
ويناقش الحدث السنوي في دورته لهذا العام - والذي تنظمه وزارة الموارد المائية والري بمشاركة الاتحاد الأوروبي ومنظمة الفاو - إجراءات التكيف في قطاع المياه والتأكد من حيويته لتحقيق الاستدامة.
حلول مبتكرة للإدارة المستدامة للموارد المائية
كما يبحث المشاركون - خلال جلسات أسبوع المياه - القضايا والسياسات والاستراتيجيات والخطط والتدابير الحيوية المتعلقة بالمياه والتكيف في مواجهة التحديات البيئية الناشئة وتطوير الحلول والأدوات العملية والسياسات والتدابير الملموسة لدعم سلامة ورفاهية الأجيال القادمة فضلا عن تعزيز التعاون بين القطاعات وتقديم حلول مبتكرة للإدارة المستدامة للموارد المائية.
وكشفت مصادر دبلوماسية أوروبية أن عددا من مسؤولي الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية سيشاركون في أسبوع المياه، وذلك في إطار الاهتمام الذى يوليه الاتحاد لقضايا المياه فيما ينتظر أن يشارك في أسبوع المياه عدد كبير من المنظمات الاقليمية والدولية.
ويهدف أسبوع القاهرة للمياه بشكل أساسي إلى تطوير العلوم والمعرفة فى مواجهة تحديات المياه الحالية والمستقبلية بشكل أفضل وسط تحديات جسيمة تواجه كوكبنا فى ظل تنامى مخاطر تغيرات المناخ.
ومن المقرر أن يتضمن جدول أعمال أسبوع المياه فعاليات رفيعة المستوى وجلسات فنية وخاصة ومنتدى مخصص للمتخصصين الشباب في مجال المياه ومنتديات استثمار وورش عمل وزيارات فنية وفعاليات للتواصل.
التكيف مع إدارة المياه والنمو الاقتصادى
ويناقش اليوم الأول التحليل التعاوني لخيارات التكيف والتخفيف على نطاق حوض النهر فيما يتم خلال اليوم الثانى مناقشة دعم الفوائد المشتركة لإجراءات التكيف مع إدارة المياه والنمو الاقتصادي، أما اليوم الثالث فيبحث المياه الخضراء لاستعادة النظم البيئية للمياه العذبة والتكيف مع المناخات المتغيرة، ويناقش المشاركون فى اليوم الرابع تحسين أنظمة الإنذار المبكر للظواهر الجوية القاسية وحالات الجفاف الطويلة، وفي اليوم الخامس والأخير يتطرق المشاركون للمسائل ذات الصلة بتكامل سياسات المناخ والمياه مع الرؤى الوطنية للتنمية المستدامة.
وأوضحت المصادر الأوروبية أن أسبوع القاهرة للمياه يكتسب أهمية كبيرة، إذ بات الحدث الأكثر تميزًا والأكبر في مجال المياه في مصر والشرق الأوسط، حيث يحظى باهتمام كبير من جانب جميع أصحاب المصلحة وذلك باعتبار الماء عنصرًا حاسمًا في الحياة،، لافتة إلى أن أسبوع القاهرة للمياه تطور منذ انطلاقه ليصبح منتدى دوليًا رائدًا لمناقشة قضايا المياه، كما أنه بات أول منصة في الشرق الأوسط وإفريقيا لجميع أصحاب المصلحة لمعالجة قضايا المياه وتحليلها بشكل بناء.
وفى هذا الإطار، يؤكد كريستيان برجر، سفير الاتحاد الأوروبى لدى مصر، في العديد من المناسبات حرص الاتحاد على تعزيز التعاون مع مصر فى هذا القطاع الهام، موضحا أن التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبى فى قطاع المياه بات يحتل أولوية كبيرة وخاصة خلال السنوات العشر الأخيرة قائلا إن لدينا كل عام مشروعا خاصا بالمياه.
ويشير السفير كريستيان برجر إلى أن الاتحاد الأوروبى ووزارة الرى ينظمان سنويا أسبوع القاهرة للمياه في شهر أكتوبر، مؤكدًا أن مصر باتت مركزا إقليميا هاما فى قطاع المياه وتطويرها وفي المعرفة ذات الصلة وانظمة المياه بشكل عام.
وأضاف برجر أن المشروعات التى يمولها الاتحاد فى قطاع المياه فى مصر تناهز ٥٥٠ مليون يورو ومن بينها مشروعات بالإسكندرية والعديد من المحافظات بما فى ذلك مشروع قنوات للرى فى صعيد مصر.
ومن جهتها، نبهت مصادر دبلوماسية أوروبية إلى أن تغير المناخ يحدث بمعدل ينذر بالخطر وله تأثير كبير على المياه التى تعد حيوية للحفاظ على الصحة، والزراعة والغذاء، وتوليد الطاقة، وإدارة البيئة، وخلق فرص العمل.
وأضافت أنه ونتيجة لتغير المناخ، أصبحت الآثار المرتبطة بالمياه ملموسة بالفعل في شكل حالات جفاف وفيضانات أكثر حدة وتكرارا.
وحسب المصادر، فإن التغيرات في توزيع هطول الأمطار، ورطوبة التربة، وذوبان الأنهار الجليدية والجليد، وتدفق الأنهار والمياه الجوفية، وارتفاع متوسط درجات الحرارة، والتغيرات في هطول الأمطار ودرجات الحرارة القصوى، ستؤثر على توافر الموارد المائية، كما أنه من المتوقع أن تؤدي هذه العوامل إلى تفاقم نوعية المياه وهو يضع التكيف في المياه في قلب الاستجابة العالمية القوية لتغير المناخ.
ويأتى تنظيم أسبوع القاهرة للمياه فيما يؤكد الخبراء أن التكيف مع تغير المناخ أصبح ضرورة ملحة الآن، ولا بد أن تشكل إدارة المياه عنصرًا أساسيًا في استراتيجية التكيف لجميع الدول.
ووفقا للتقارير الدولية والإقليمية والمحلية، فقد لعبت مصر دورا بارزا في التكيف مع تغير المناخ وأثبتت أنها رائدة حقيقية على طريق التنمية والاستدامة وأثبتت وبشهادة العالم ذلك خلال استضافتها ورئاستها لمؤتمر الأمم المتحدة للأطراف المعنية بتغير المناخ (COP 27) في نوفمبر من العام الماضي في شرم الشيخ.
شهادة من جميع دول الغالم ومنظماته المعنية على نجاح مصر حيث إنه ولأول مرة في تاريخ مؤتمر الأطراف، تم تخصيص يوم للمياه في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين نظرًا للاعتراف به كجزء حاسم في التخفيف من تغير المناخ.
كما أطلقت الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ فى يوم المياه مبادرة العمل بشأن التكيف مع المياه والمرونة والتي تم إعدادها بالشراكة مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
مبادرة هامة للبشرية إذ تهدف إلى خفض هدر المياه في جميع أنحاء العالم، وتحسين إمدادات المياه، ودعم تنفيذ السياسات والأساليب المتفق عليها بشكل متبادل لإجراءات التكيف التعاونية المتعلقة بالمياه وفوائدها المشتركة؛ كما تسعى إلى تعزيز التعاون والترابط بين المياه والعمل المناخي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، ومن أهمها الهدف المتعلق بالمياه.