مفتي جنوب إفريقيا في ملتقي التصوف العالمي: حياة الرسول شكلت خارطة طريق
تحدث د.أرشد محمد، مفتى جنوب أفريقيا، خلال مشاركته في الجلسة الثانية من جلسات الملتقي العالمي للتصوف، عن معالم المواطنة في وثيقة المدينة وخطبة الوادع من وجهة نظر صوفية.
حياة الرسول شكلت خارطة طريق
أضاف مفتي جنوب أفريقيا خلال كلمته، أن حياة الرسول (ص) شكلت خارطة طريق لكل باحث عن الهدى والسبيل القويم في الحياة الفردية والجماعية، سبحان من جعله قرآنا ونبراسا يمشي على الأرض، عجت حياته الكريمة بأحدات ومحطات بارزة أهمها في سياقنا هذا إصداره لوثيقة أو صحيفة المدينة المنورة عند دخوله المدينة كأول إعلان رسمي على قيام دولة إسلامية، ثم جاءت خطبة الوداع بعدها بسنين حافلة بالإنجازات والتضحيات الجسام، هذه الخطبة التي كانت الإعلان عن قرب تسليم راية القيادة ومغادرة هذه الدنيا للإلتحاق بالرفيق الأعلى. مع أن كلا الحديثين يختلفان من حيث وقعهما على المسلمين، فالأول حمل بشرى الإنطلاق والفرح، والثاني حمل خبر فراق الأحباب والحزن لكن هما الإثنان حملا في طياتهما قوانين ودساتير منظمة للمجتمع المحلي والعالمي.
وتابع: شكلت الوثيقة و خطبة الوداع مثالا تاريخيا لا يزال حيا على الدوام للحقوق والواجبات التي تربط المواطنين في أي زمان ومكان ، بين بعضهم البعض وبينهم وبين غيرهم ، أوبينهم وبين وطنهم . ..فتحدد واجباتهم وحقوقهم في تكامل ليس به تفريطا ولا إفراطا.
أوضح: قبل أن ندخل في تفاصيل هاتين الوثيقتين باعتبار أن خطبة حجة الوادع هي وثيقة أيضا وسنطلق عليها في هذه المداخلة وثيقة الوداع. نود أن نعرج على بعض المصطلحات المستخدمة في حديثي هذا، فتعريف المواطنة، هو أن"فالوطن محل الإنسان.... وأوطَنتُ الأرضَ اتخذتها وطنًا" ،وقال ابن منظور: "الوطن المنزل تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحله، فالمواطنة اصطلاحًا عَرَّفَت دائرة المعارف البريطانية المواطنة بأنها: “علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة”. وتُعَرِّفُهَا موسوعة كولير الأمريكية بأنها “أكثر أشكال العضوية في جماعة سياسية اكتمالًا،ونرى أن المواطنة حسب التعريفين هي الكيان أوالإطار الإجتماعي الذي يحدد واجبات وحقوق الفرد داخل الدولة بشكل يضمن سيرورة المجتمع و المساواة والعدل بين أفراد هذا المجتمع.
واستكمل: "مفهوم المواطنة في الشريعة الإسلامية، وقضية المواطنة في الإسلام، ليست مجرد قضية إنسانية، وإنما هي قضية دينية في المقام الأول، مستمدة من ثوابث الإسلام وقائمة مبدأ "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلْنَٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلً" و على "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن ذَکَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاکُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ". وعلى "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".
انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى العالمي للتصوف بالمغرب
وافتتح الدكتور مولاي منير القادري رئيس مؤسسة الملتقى، فعاليات الدورة الثامنة عشر للملتقى العالمي للتصوف التي حملت شعار: "اﻟﺘﺼﻮف واﻟﻘﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ من أجل تأسيس مواطنة شاملة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبحضور شيخ الطريقة القادرية البودشيشية الدكتور مولاي جمال الدين القادري، وعدد من العلماء والمسؤولين والشخصيات العلمية والفكرية من مختلف القارات.
وعرفت الجلسة الافتتاحية مداخلات للعلماء والمفكرين المشاركين من القارات الخمس، من بينها كلمة الشيخ بلال الحق اﻷمين العام لدار الفتوى (كاليفورنيا) الولايات المتحدة والشيخ عبد الفتاح عبد الغني العواري عميد أسبق لكلية أصول الدين بجامعة اﻷزهر .