رحلة الخمسة أيام.. ماذا فعل نتنياهو فى نيويورك؟
رحلة الخمسة أيام
ماذا فعل نتنياهو فى نيويورك؟
انطلق رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، مساء الأحد الماضى، فى أول رحلة رسمية له إلى الولايات المتحدة منذ تشكيل حكومته، قبل حوالى 9 أشهر، لإلقاء خطابه السنوى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة صباح الجمعة.
ولم يكن الخطاب هو الشىء الأكثر إثارة فى رحلة نتنياهو التى استغرقت 5 أيام، بل ما فعله نتنياهو على هامش الأمم المتحدة، الذى حمل دلالات ومعانى كثيرة سنستعرضها فى السطور الآتية.
جدول أعمال مزدحم باللقاءات الثنائية على هامش الرحلة
قال رئيس الوزراء الإسرائيلى، لدى صعوده على متن الطائرة: «سأغادر الآن إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث سأمثل إسرائيل أمام دول العالم، وسألتقى العديد من الزعماء»، جاء هذا فى الوقت الذى نظم المتظاهرون ضده أكبر مظاهرة خارج إسرائيل، فى الولايات المتحدة، ضد خطواته المتعلقة بالإصلاح القضائى.
أما حول خطاب نتنياهو فى الأمم المتحدة الذى يشكل الهدف الرئيسى من زيارته، فقد تطرق فيه إلى تهديدات إيران وقال: «هذه الدولة تنتهك جميع التزاماتها، وتكذب بوقاحة، وتنوى تطوير أسلحة نووية ومواصلة عدوانها فى المنطقة. وسنواجه كلا الأمرين معًا».
وبالنسبة لـ«نتنياهو»، فإن الهدف الحقيقى من زيارته إلى الولايات المتحدة هو ما فعله على هامش الزيارة، خاصة اللقاءات التى عقدها مع العديد من القادة الدوليين الآخرين، بما فى ذلك المستشار الألمانى أولاف شولتس، والرئيس التركى رجب أردوغان، والرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، والرئيس الكورى الجنوبى يون سيوك يول، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وآخرون.
وقال «نتنياهو»: «يجب أن أقول إن رؤية الطلبات العديدة لعقد اجتماعات مؤثرة.. ولسوء الحظ، لا أستطيع أن ألتقى جميع القادة الذين قدموا طلبات، ولكنى آمل أن ألتقى معظمهم».
اجتماع مع بايدن لبحث التطبيع مع السعودية ومواجهة إيران
فى مكتب نتنياهو، كانوا يتمنون أن ينعقد الاجتماع فى البيت الأبيض، لكن إدارة «بايدن» قررت إجراء الاجتماع فى نيويورك، وهذا سيكون أول اجتماع يُعقد بين الزعيمين منذ عودة نتنياهو إلى الحكم فى السنة الماضية.
يأتى ذلك الاجتماع متأخرًا جدًا عن الاجتماعات السابقة لرؤساء أمريكيين مع رؤساء حكومة إسرائيليين بعد تشكيل حكومة جديدة فى إسرائيل. وبينما دُعى رئيس الحكومة السابق نفتالى بينيت إلى البيت الأبيض بعد شهرين فقط من توليه منصبه، يصل نتنياهو إلى الاجتماع بعد 10 أشهر من تشكيله حكومته.
وتطرق «بايدن» و«نتنياهو» فى الاجتماع إلى اتفاق التطبيع مع السعودية، ومن المؤكد أن بايدن سأل نتنياهو عن المقابل الذى يستعد لتقديمه لإتمام الاتفاق مع السعودية، وعما إذا كان فى إمكان حكومته اتخاذ الخطوات المطلوبة فيما يتعلق بالفلسطينيين. هذا ما قالته«هآرتس»، نقلًا عن مصادر فى الولايات المتحدة وفى إسرائيل، مطلعة على الاتصالات قبل الاجتماع.
ووفقًا لهذه المصادر، يزداد القلق فى الإدارة الأمريكية من أن يؤدى الواقع السياسى فى إسرائيل إلى إلحاق الضرر بالمسعى الدبلوماسى إزاء السعودية بسبب المواقف المتطرفة لوزراء كبار فى الحكومة من القضية الفلسطينية.
من جهته، قال مستشار الأمن القومى فى البيت الأبيض، جيك سوليفان، إن أحد الموضوعات التى ستُطرح فى الاجتماع بين بايدن ونتنياهو هو «القيم الديمقراطية المشتركة بين الدولتين».
ورحب الزعيمان بالإعلان التاريخى الذى صدر فى مجموعة العشرين لتطوير الممر الاقتصادى للهند والشرق الأوسط وأوروبا «IMEC»، عبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل، وناقشا كيف يمكن للمشروع أن يفيد منطقة الشرق الأوسط بأكملها من خلال الاستثمار وأشكال جديدة من التعاون عبر القارتين. وجاء فى كلمة بايدن التى وجهها لنتنياهو: «لقد سمعتمونى أقول مرات عديدة إنه لو لم تكن هناك إسرائيل لكان علينا أن نخترعها».
كما تطرق نتنياهو فى اجتماعه مع بايدن إلى إيران، والتطورات الأخيرة حول أنشطتها النووية، وكرر نتنياهو تحذيراته المعتادة من طهران وسينقل مخاوفه إلى الولايات المتحدة.
لمناقشة «فرض احترام السامية» على منصة «X»
كما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الملياردير الأمريكى إيلون ماسك، الذى يمتلك شركة «X- تويتر سابقًا»، فى سان خوسيه بكاليفورنيا، وتفقد نتنياهو مصنع Tesla، وهو يركب سيارة ذاتية القيادة. وشارك فى الاجتماع خبراء وقادة فى مجال الذكاء الاصطناعى.
وقال «نتنياهو»: «إيلون ماسك يمهد الطريق الذى سيغير وجه الإنسانية وأيضًا وجه دولة إسرائيل. تحتاج إسرائيل إلى أن تكون رائدة فى مجال الذكاء الاصطناعى. تمامًا كما حولناها إلى رائدة فى مجال الفضاء السيبرانى»، ودعا نتنياهو، الذى يدرس إنشاء مديرية للذكاء الاصطناعى، ماسك وخبراء آخرين إلى إسرائيل لمواصلة مناقشة الأمر.
السبب الآخر خلف لقاء نتنياهو وماسك، كان حول جهود نتنياهو لإقناع ماسك باتخاذ خطوات ضد معاداة السامية على منصة «x»، إذ تعرض الاجتماع بين نتنياهو وماسك لانتقادات حادة من قبل المنظمات اليهودية، التى ترى أن ماسك رجل أعمال مثير للمشاكل يقوم بإزالة القيود المفروضة على معاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعى.
وفى 14 سبتمبر، غرد ماسك قائلًا إن المناقشة مع نتنياهو «جرى التخطيط لها منذ عدة أسابيع وتتعلق بالذكاء الاصطناعى، وليس رابطة التشهير (ADL)». فيما علق ماسك فى أثناء اللقاء قائلًا: «إننى ضد معاداة السامية.. لكن قضيتى هى حماية حرية التعبير»، على الرغم من أنه أشار إلى أن إحدى الطرق لمراقبة الوضع هى البدء فى فرض رسوم لاستخدام المنصة.
وحتى هذه اللحظة لم ترد أنباء مؤكدة ما إذا كان نتنياهو قد وصل بالفعل إلى اتفاق مع «ماسك»، حول مكافحة معاداة السامية.
المصالح تجمعه على طاولة واحدة مع أردوغان
وبعد أن شكلت منصة الأمم المتحدة مكانًا لتبادل التصريحات شديدة اللهجة بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أصبحت الآن مكانًا لترميم العلاقات والدفع بها وفتح صفحة جديدة بين تركيا وإسرائيل، وذلك بعد لقائهما الثلاثاء فى نيويورك.
اجتماع أردوغان ونتنياهو معًا فى نيويورك يؤكد أن المصالح لها الأسبقية فى العلاقات الدولية، حتى عندما يكون لدى الزعيمين كراهية واضحة لبعضهما البعض.
هناك عدة أسباب تجعل إسرائيل مهتمة بعلاقات أقوى مع تركيا، على الرغم من خطابات أردوغان السابقة، فإسرائيل ترى فى تركيا «شريكًا اقتصاديًا رئيسيًا»، كما تنظر إسرائيل إلى تركيا كلاعب مهم فى سوريا والمنطقة الأوسع.
من ناحية أخرى، فإن العلاقات الجيدة مع تركيا هى جزء من نمط تاريخى تسعى بموجبه إسرائيل إلى إقامة علاقات وثيقة مع الدول غير العربية فى المنطقة. علاوة على ذلك، فإن تحسين العلاقات مع تركيا يمكن أن يفرض ضغوطًا متزايدة على حماس، التى استخدمت تركيا كقاعدة لعملياتها على مدى العقد الماضى.
وبالنسبة لأردوغان، يعد تحسين العلاقات مع إسرائيل جزءًا من إصلاح جذرى يقوم به لسياسة بلاده الخارجية، التى تعتمد على إعادة ترميم العلاقات مع مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى المكاسب الاقتصادية من العلاقات مع إسرائيل، وخطته المهمة حول الطاقة، ورغبته فى الوصول لاحتياطيات الغاز الطبيعى فى إسرائيل.
وبمجرد أن أغلقت الولايات المتحدة فى عام 2022 خط أنابيب «إيست ميد» المؤدى من حقول الغاز الإسرائيلية عبر قبرص إلى اليونان ثم إلى إيطاليا وبقية أوروبا، كانت لدى تركيا رؤى لإعادة توجيه خط الأنابيب عبر تركيا، وهو ما من شأنه أن يعزز الاقتصاد التركى بشكل كبير.
كما أن إسرائيل تشكل جسرًا فى علاقة تركيا بإدارة بايدن، التى تربطهما علاقة متوترة، عكس ما كانت العلاقة بين أردوغان وترامب.
وحول استفادة نتنياهو، فإن هذا اللقاء يخدم صورة نتنياهو السياسية التى تضررت مؤخرًا، بسبب خطوات الإصلاح القضائى التى دفع بها.
زيلينسكى يجدد المطالبة باستيراد «القبة الحديدية»
التقى نتنياهو الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، وهو أول لقاء بين رئيس وزراء إسرائيلى ورئيس أوكرانيا منذ اندلاع الحرب مع روسيا. وكان يأمل زيلينسكى أن يسمع أخبارًا من نتنياهو بشأن الطلب الأوكرانى للحصول على القبة الحديدية وتقنيات لاعتراض الطائرات بدون طيار الإيرانية.
ورفضت إسرائيل بيع نظام القبة الحديدية لأوكرانيا، كما أن نتنياهو هو الزعيم الغربى الوحيد فى العالم، باستثناء رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان، الذى لم يأت إلى كييف.
وحتى الآن، منذ اندلاع الحرب، هاجم رئيس أوكرانيا إسرائيل عدة مرات، بسبب عدم مساعدتها أوكرانيا، كما يجب، وقال زيلينسكى إنه يتوقع أن تختار إسرائيل أحد الجانبين فى الحرب.
وأضاف: «أريدهم حقًا أن يكونوا أكثر من مجرد وسطاء. عليهم أن يختاروا جانبًا.. منذ فترة طويلة فى هذه الحرب أتوقع الدعم الإسرائيلى. ليس فقط من الجمهور ولكن أيضًا من الحكومة».
وبالفعل، فى مارس 2022، انتقد زيلينسكى قرار إسرائيل بعدم تقديم تدابير دفاعية لأوكرانيا، وقال عبر تطبيق «زووم»: «فى إسرائيل نعلم جيدًا أن نظام الاعتراض الخاص بكم (القبة الحديدية) هو الأفضل. هل يمكننا أن نسأل لماذا لا نستطيع الحصول على الأسلحة منكم؟ لماذا لم تفرض إسرائيل عقوبات جدية على روسيا؟».