ربنا يحشره معاه
هكذا كان يردد الخارجون من الجحيم الذي وضعوا أنفسهم فيه بأنفسهم او بعد غسل أدمغتهم على يد الجماعة المجرمة و هم يسيرون في مسيرات يحركها الغل و الكراهية و الرغبة في الانتقام من ثورة الشعب ( ثورة الثلاثين من يونيو ) التصحيحية و التي خرج فيها الشعب خروجاً كبيرا و أتوا من كل فج عميق و ساندتهم القوات المسلحة وساندت ثورتهم
و حققت لهم مطالبهم بإسقاط حكم المرشد و القضاء على الدولة الدينية للابد بل و القضاء على اوهام الخلافة و مشروعها الاستعماري اللانساني و الذي عانت و مازالت تعاني منه دولاً تحسدنا على ما نحن فيه و اننا قضينا على حكم الجماعات المجرمة في حين تحكم و تتحكم جماعة مثل (طالبان )و (بوكو حرام ) في دول و شعوب تعاني و ترزح تحت نيرهم و تعاني أمة الفرس من حكم الفقية وولايته القمعية التي تحرم النساء من حقها في الاختيار و تقرير مصيرها
فالفارين من اعتصامي رابعة و النهضة المسلحين
بعد فض الاعتصام الذي كان لابد من فضه مبكراً لولا مزايدات البعض و تشدقهم بحقوق الانسان و حرية الرأي و التعبير .. و الاذرع التي في الداخل و التي لها من يساندها في الخارج و التي تتربص بمصر و بالامة المصرية و تتدخل في الشأن المصري الداخلي بفجاجة منقطعة النظير و بإزدواجية معايير تفوح رائحتها العفنة
فتلك الدول التي تتشدق بحقوق الانسان هي اول من تخرق هذه الحقوق
و من يتحدث عن السجون و المعتقلات هو من بنى أعتى المعتقلات في العالم في (جوانتانمو ) و الجميع يتذكر فضيحة سجن (ابو غريب) و الصور التي تم تسريبها للتعذيب المهين للانسانية داخل هذا السجن و التي لازالت عالقة في ذاكرة و ضمير العالم بأسره و ( جورج عبدالله ابراهيم ) الذي لم يفرج عنه حتى الان بعد ٣٠ عاما قضاها في السجن لان دولة الاحتلال الصهيوني تطالبه - بعد ثلاثين عاما - بالاعتذار و هو يرفض و ( مروان البرغوثي) الذي اعتقلوه منذ سنين مرتكبي المذابح منذ سنين ايضا و ما اكثر المذابح التي ارتكبت في حق الابرياء بمسوغات لا يمكن تمريرها او تبريرها فمن يستطيع تبرير ذبح الابرياء في فلسطين أو تبرير المذابح في حق الارمن ؟ و اعتقال ( عبدالله اوجلان ) و تشريد شعبه ؟! كل ذلك و كل هؤلاء نسيهم الجميع ممن ينظرون فقط بل و يمعنون النظر و عن كثب في كل صغيرة او كبيرة تخص الشأن المصري و لا تخصهم في شيء و يتدخلون في شئوننا متذرعين بمبررات و تبريرات و حجج .. و يستشعرون الحرج بشأن ما يحدث على أرضنا دون حرج ! و لم نتدخل يوماً في شأنهم
فالفارين من الاعتصامات المسلحة التي جعلتها الجماعة الارهابية كيوم الحشر ( الايام التي حَشروا فيها أتباعهم ) و ساقوهم كما تساق البعير لمصير مظلم و مجهول جعل هؤلاء و بعد ان تنفسوا الهواء و خرجوا للواقع بعيداً عن اوهام و ضلالات تلك الاعتصامات و الاعتقاد بأن جماعةً تستطيع الانتصار على دولة و أمة عريقة ! و ضاعت كل هذه الهلاوس و ذهبت مع الريح فكانت الصدمة كبيرة فالاعتصام ليس هو الواقع و الشرعية التي يتشدق بها هؤلاء ليستخدموها بعد ذلك في الانقلاب على شرعية الشارع و الجماهير( و هي الشرعية الحقيقية)
فلقد استخدمت و استغلت الجماعة الارهابية الديمقراطية ( جهل الاغلبية ) لينقلبوا بعد ذلك عليها و يرفضوا ما يريده الشعب حقاً و يحقروا منه و يتعالوا عليه و يعاقبوه لانه انتصر للوطن فاطلقوا النيران في الشوارع و كسروا و دمروا و هددوا بتفجير البلاد و العباد و اصبحوا مسوخاً تثير الشفقة و الاشمئزاز معاً و لا يسعك فعل شيء تجاههم حقاً فانت لا تعرف ان كانوا مجرمين بالفطرة ام مدفوعين ام مغرر بهم ؟ فكانوا كالمسعورين يريدون الانتقام بعد فشلهم و فشل ما اعتقدوه ممكناً و أمراً مسلماً به ! و اصبحوا كالبغبغانات يرددون ذات العبارات عن وعي او عن جهل و وصلت مسيراتهم لمناطق عدة .. مناطق لم يألفوها من قبل و شاهدوا بشراً لم يعتادوا رؤيتهم من قبل في أحياء مثل الزمالك و المعادي و مصر الجديدة و فرضوا قناعاتهم و مصطلحاتهم و نسيجهم اللغوي الملقن على الاخرين و كانت من أشهر عباراتهم تلك العبارة شديدة الغرابة و التي تقول (بأن من يحب الرئيس عبدالفتاح السيسي ربنا يحشره معاه )
و تأملت كثيرا تلك العبارة و التي تبدو بسيطة او ساذجة او سطحية و لكن ان نظرنا لعمقها لوجدناها تصنف الناس الى صنفين ( محب ) و ( كاره )
و ان من يحب شخص يدعون له بأن يحشر معه و هي دعوة ان أدركوا عمقها لما قالوها تماما كما لو انهم ادركوا رمزية الاماكن التي احتلوها باعتصاماتهم المسلحة غير القانونية لما اقتربوا منها !
فرابعة العدوية هي شهيدة العشق الالهي التي نسجت و ابدعت شعراً و فناً لانها تشربت الفن و الابداع طوال حياتها فظهر في نهاية عمرها على شكل عشقاً غير محدود و غير مشروط لمطلق جاوز كل شيء و لبس كمثله شيء وهو الله ..و كانت المحبة هي المحرك الوحيد لذلك العشق اللامتناهي .. اما تمثال (نهضة مصر) و الذي لوثه السلفيون بأسلحتهم البيضاء و ظنوه ربما رمزاً لطائر النهضة او طائر الرخ الذي وعد به المجرمون شعباً طيب الاعراق ! في حين يرمز التمثال العريق لمبدعه ( محمود مختار ) للمرأة المصرية الاصيلة التي تريد النهوض بالماضي و بكل ما هو قابع او اعتراه الجمود أو التحجر ليلحق بركب الحاضر و من ثم يستشرف المستقبل .. اذاً اختار هؤلاء المغفلون رموزاً نسائيةً استثنائيةً و طليعية تقدمية ليمارسوا الى جانبها اقسى انواع الرجعية و التخلف في أعمق صوره !
و نعود لعبارتهم التي نتبين من خلالها و نفرق بين الرشد و الغي .. بين الباطل و الحق .. بين الاسود و الابيض
بين المحبة و الكراهية .. فالشعب الذي أسقط المرشد و رفض حكمه و حكم الملا و الفقيه أحب من وجهة نظر هؤلاء الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي انتصر لهم و لما أرادوه و لذلك كره هؤلاء شخص الرئيس و عادوه و اطلقوا عليه كل الاوصاف التي يتصفون هم بها كنوع من الاسقاط يعرفه علماء النفس .. و حُشر هؤلاء مع من أحبوا و ساندوا
رغم الخذلان الكبير الذي لاقوه من محبيهم !
فمن انتصروا لهم لم ينصروهم بل خذلوهم .. اما من انتصر للوطن .. انتصر له الوطن و انتصر له رجال الوطن و كانت المحصلة ان يُحشر الكارهين مع أمثالهم من الكارهين و يصيروا في خندق واحد مع انصار السلاح العشوائي و أوهام الخلافة و منحضرات الصعود و مشاريع النهضة التي تقزم البلاد و تجعلها مجرد دويلة تابعة لدول و جماعات اخرى تمارس الكراهية و التدمير و لا تنتصر للانسان و لا لقيم الانسانية من حق و خير و جمال .. و اصبح شعب مصر السليم المعافى من امراض الخلافة و أسلمة الدولة في فيلق واحد مع من ساندهم و آزرهم و أنقذهم من الحكم الديني و الثيروقراطية
و هكذا حشرونا الكارهين مع من أحبنا فأحببناه و استجاب لهم الله
الذي دوماً وحتماً يستجيب و يسهل لمحبيه مهمة مقاومة أدعيائه على الارض .. و حُشر الكارهين مع نظرائهم و مازالوا محشورين في اوهام الكراهية و الانتقام و تحين الفرص للانقضاض على المكتسبات التي تحققت بزوال الحكم الديني و دولة المرشد الى غير رجعة.