مؤسسة أسامة الأزهرى.. الجسر الثقافى بين مصر وإندونيسيا
في مجال الدين، كان هناك العديد من العلماء الذين يدعون إلى الله، حاملين راية الوسطية إلى شعوب العالم، حتى بلغت إسهاماتهم «أقطار الدنيا»، فأسسوا العديد من المدارس والمجالس الإسلامية حول العالم، ونشروا العلم الشرعي بين المسلمين، وكان همهم نشر العلوم الشريعة.
ورغم طول التاريخ وعرضه لم يتسع لنا إلا أن ندرك القليل منها، وسيرهم العلمية التي حُفرت ليتوارثها العلماء وطلاب العلم لينتفعوا بها، وفي عالمنا الحديث نشهد رجال دين متبحرين في العلوم، تنصت لهم العقول قبل الآذان، وتلتف حولهم الأفئدة قبل الأبدان، ولا غرو في ذلك فهم حراس الشريعة «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه».
وواحد ممن يحمل تلك الراية ونراه يجوب بها في شتى البلدان غير عابئ لأي تعب أو مشقة ولكن همه الأوحد هو تصحيح وتفنيد المفاهيم المغلوطة لبعض الشعوب التي سعت الجماعات والتنظيمات المتطرفة إلى نشرها لاستقطاب الشباب، هو فضيلة العلامة الدكتور أسامة الأزهري، فجولاته حول العالم وإسهاماته الدعوية والعلمية باتت ملفتة للأنظار، والسؤال الأكثر شيوعا ماذا يفعل الأزهري في كل هذه الجولات؟!.
والمتابع جيدا لتلك الجولات المختلفة شمالا وجنوبا شرقا وغربا، يجد الإجابة على السؤال «الهِمَّة»، الذي منحها المولى -عز وجل- للأزهري، فلا يكلّ من قطع ساعات التجوال الطويلة لتدريس محاضرات علمية ولا يمل من ساعات سفر أطول قد تستمر يوم ويومين لحضور مؤتمر قد تستغرق فعالياته سويعات، وبتلك «الهِمَّة» بات حضوره في المحافل الدولية، هو التمثيل المشرف لمصر والأزهر الشريف.
وفي يوم حافل شهده كبار علماء الدين في العالم، في جنوب شرق آسيا، وتحديدا في إندونسيا، عشرات من رسائل التهنئة والمباركة سواء كانت مكتوبة أو مصورة من وزراء ومفتون حول العالم، وبحضور عدد كبير من كبار علماء العالم العربي والإسلامي، تم افتتاح مؤسسة الشيخ أسامة الأزهري.
ليس بغريب على الشعب الإندونيسي الذي أظهر الشعب حفاوته باستقبال الشيخ أسامة الأزهري، وإن كان في ظاهره حفاوة بشخصه؛ لكنه في حقيقته بفكره ومنهجه، وما أشبه اليوم بالبارحة، فاحتفت إندونسيا بافتتاح مؤسسة ثقافية رائدة في خدمة الإنسانية، هدفها إصدار مجموعة من الكتب والبحوث العلمية التي تسهم في بناء البنية المعرفية ونشر المنهج الوسطي على المستويين المحلي والعالمي.
واللافت للانتباه أن ما كُتب في دعوة افتتاح المؤسسة التي تم إرسالها لقادة العالم الإسلامي، أن إطلاق اسم فضيلة الشيخ أسامة الأزهري، على المؤسسة تيمنا بمنهجه العلمي الداعي إلى نفع العباد والبلاد.
والمعنى الأسمى في أن تحمل المؤسسة اسم الشيخ أسامة، ليس هو رد الجميل لما صنعه «الأزهري» بأرض إندونسيا؛ ولكن تقديرا لفكره الوسطي العلمي التربوي، وهذه المؤسسة جني أحدى ثمار «الأزهري» بعلمه في شرق آسيا، المحبيين للأزهر الشريف.
وهي خطوة مهمة رفعها «الأزهري» للقيام برسالة الأزهر الشريف الذي يضم علماء لا يقيّمون بقيمة ولا يقدّرون بمقدار- في ربط أواصر العلاقات بين مصر و العالم الإسلامي، وتوطيد جسور الصداقة بين مصر وإندونيسيا.
وفي اليوم الإندونيسي الحافل، كان للأزهري الذى ارتوى بالعلوم الشرعية، وجعل من شيوخ وعلماء الأزهر النبلاء ممن طوى التاريخ ذكرهم حاضرين أمام أعيننا، فخر تتوراثه الأجيال ورصيد لا ينفد مهما طال الزمان، فهو حامل الفكر الوسطى المستنير، وهمزة وصل بين أصالة وعبقرية الماضى والفهم الدقيق للحاضر، مع امتلاكه مفاتيح صناعة المستقبل.