التغيير يعنى تغيير.. شفت إزاى!
فيه مفهوم شائع عند كتير من الناس، إنه لو عندنا نص ما، وبعدين يعني له روايتين مختلفتين عن بعض في حرف هنا ولا هناك، أو فتحة أو ضمة أو كسرة، فـ دا يعني ما يعتبرش اختلاف، ودي حاجات بسيطة لا تؤدي إلى تغيير "المعنى العام"، والكلام دا يسري على جميع النصوص.
لما تقول له: طب إزاي يا سيدنا؟ إزاي تغيير حرف في الكلمة، لا يؤدي لـ تغيير معناها؟ إزاي يعني؟ لما نتكلم مثلًا عن القرآن، ونقول إنه فيه قراءتين لـ جملة ما، فـ هل: "ويعلم ما يخفون"، هي نفسها "ويعلم ما تخفون"، هاو كوم دير!
خلينا هنا نتكلم عن خطورة في هذا الكلام، ما تتعلقش بس بـ الصح والغلط، ولا بـ أي أمور جزئية، إنما التعامل الكلي مع النص، وضرورة التفرقة بين طبيعة كل نص وآخر، والمطلوب في كل نوع وكل درجة.
دلوقتي، أي نص بـ يتقال/ بـ يتكتب له وظيفة ما/ هدف ما/ سياق ما، اختلاف الحاجات دي، يؤدي لـ اختلاف طبيعة النص وملامحه.
مثلا، دكتور بـ يعمل عملية، مش هـ يقول لـ الممرضة المساعدة: "والنبي يا أختي، لو مفيهاش إساءة أدب، ناوليني الشنكليح اللي هناك دا، أحسن إيدي مشغولة".
لأ، بـ يقول: "شنكليح"، بس كدا، لغة مقتضبة حازمة موجزة، متخلصة من أي حرف يمكن الاستغناء عنه، لـ إنه كل لحظة فارقة، وكتير من الاعتبارات الاجتماعية، أو يمكن كل الاعتبارات الاجتماعية، مالهاش مكان في غرفة العمليات.
ناس قاعدين على قهوة، غير ندوة، غير مؤتمر علمي، غير اجتماع رسم خطط الشركة لـ سنتين قدام. كتاب ساخر، غير كتاب أكاديمي، غير رواية أدبية.
بل رواية خيال علمي لـ التسلية، تختلف جوهريًا عن رواية أدبية تسعى لـ نقل خبرات وأفكار وتجارب إنسانية، وزي ما بـ أقول دايمًا: "كل حاجة وليها حاجة".
لما نتكلم عن اختلافات الدلالة بين جملتين متشابهتين، هذه الاختلافات مش واحدة، حسب طبيعة النص المفترضة، يعني مثلا لو كاتب روايات بوب آرت من بتوع البيست سيلر دي، ممكن نقول: إنه مفيش فرق كبير لو قلنا الجملة دي كدا، أو قلناها كدا، "الدقة اللغوية" مش مطلوبة أوي، أو مش مطلوبة خالص، طالما "المعنى العام" واصلك، وأحداث الرواية ماشية ومفهومة.
دا يختلف تمامًا في رواية لـ نجيب محفوظ مثلا، أو من ينحو هذا المنحى، لـ ذلك، لما حصل إني كتبت نقد لـ كاتب معروف، أنا كتبت نقد له، قام دخل معايا في عركة، ورفع عليّ قضية، فـ أصدقاء اقترحوا عليّ إني أنشر أخطاءه الإملائية في رواياته، وأعمل لها تصحيح، فـ أنا رفضت دا خالص، مش ترفعًا ولا من باب أخلاقي.
إنما فكرتي، إن ما يكتبه هذا الكاتب التجاري، لا تشترط فيه "الدقة اللغوية"، ولا مفهوم "السلامة" عنده، زي مفهوم "السلامة" عند المنسي قنديل مثلًا.
تمام!
لما نتكلم بقى عن القرآن، اللي هو عند المسلمين نص مركزي، مرجع لـ شئون الدنيا والآخرة، يبقى ما ينفعش خالص خالص نقول: المهم "المعنى العام" واصل، لا حضرتك، المفروض نبقى حذرين أكتر كتير من المعتاد، دقيقين أكتر كتير من المعتاد، فـ لما حضرتك تتجاوز الأصوات، وتقول إنها مش فارقة، ثم تتجاوز الحركات ومواضع الوقف، وتقول إنها مش فارقة، ثم تدخل بقى على الحروف المكتوبة نفسها، وتقول إنها مش فارقة، فـ حضرتك كدا مش واخد بالك، إنت رايح بينا فين، وإيه الموضع اللي عايزنا نحط فيه القرآن.
كل هذا، يسهم بـ صورة مكثفة، في تحويل الأمر كله إلى "تميمة" أكتر منه مرتبط بـ دلالاته، وهنا الخطر الأكبر، وأنا دايمًا بـ أقول: معظم مشاكل المسلمين هـ تنتهي، لو بقوا قادرين فعلًا على قراءة القرآن كما ينبغي له، وتدبر قضاياه بـ شكل فعلي.
علشان كدا، مهم جدا نفهم إنه القراءات والأحرف وما إلى ذاك، بـ تخلي عندنا نصوص مختلفة، مش نص واحد له كذا طريقة "صوتية"، ودا يخلي فتح الكلام عنها ضروري، وعلى رأي الكابتن بكر: ما ينفعش ندفن راسنا في النعامة.