بعد أحداث الجابون والنيجر.. لماذا يجري تغيير القيادات العسكرية بالدول الأفريقية؟ (خاص)
قالت رحمة حسن الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن عمر إمبالو رئيس غينيا بيساو اتخذ الساعات الماضية إجراءات جوهرية مع تلميحه لتجنب الانقلابات الأفريقية الأخيرة، بتعيين الجنرال توماس دجاسي رئيسا للأمن الرئاسي، والجنرال هورتا إنتا رئيسا لمكتب الرئيس، في خطوات تحصينية عقب قيام الأجهزة الأمنية في النيجر والجابون بعمل انقلابين لم يفرق بينهما سوى شهراً.
وأوضحت رحمة حسن في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن جاء اختيار إمبالو رئيساً للأمن من وحدة النخب في الجيش الغيني حيث كان دجاسي رئيسا للحرس الوطني الذي ساهم في دحض محاولة الانقلاب في فبراير عام ٢٠٢٢ على الرئيس المنتخب في عام ٢٠١٩ في انتخابات تم الخلاف عليها، بعد محاصرة قصر الرئاسة، وارجع الخبراء السبب إلى رفض التعديلات الحكومية التى قام بها إمبالو قبل يوم من الإنقلاب، وأرجعها الرئيس الغيني لإجراءات اتخذها في مكافحة الفساد والمخدرات، فيما أرجعها وزير داخليته بأنها كانت محاولة لاغتيال الرئيس لإثارة الفوضى وهو ما تم رفضه من الأمم المتحدة ومجموعة الإيكواس، ومفوضية الأمن والسلم الأفريقية، في ظل المحاولات المهددة للتكتل الاقتصادي في أفريقيا.
تغييرات واسعة في قادة الجيوش الافريقية
وتابعت حسن: “لم تكن هذه الإجراءات التي اتخذها إمبالو عقب وقوع ٤ انقلابات في البلاد آخرها عام ٢٠١٢، هي الوحيدة التي اتخذتها الحكومات الأفريقية لحماية أنظمتهم من سلسلة الانقلابات الأفريقية الأخيرة، ولكن قامت كل من الكاميرون ورواندا وسيراليون باتخاذ إجراءات عدة للإطاحة بقادة عسكريين، وإجراء عملية تغيير واسعة”.
وأشارت الباحثة في المركز المصري إلى أن رئيس الكاميرون بول بيا أقال عدد من قادة الجيش ورئيس الأركان ونائبه، فيما اطاح بول كاجامي رئيس رواندا بعشرات من القادة العسكريين والمؤسسة العسكرية ومئات من ضباط الصف والجنود وإقالة رئيس أركان سبق له أن شغل منصبي وزير الدفاع والمستشار السابق للرئيس للشؤون الأمنية، وكان قد أجرى كاجامي تعديلات دستورية تتيح له التواجد في السلطة حتى عام ٢٠٣٤، وبينما أرجعها البعض إلى ضلوع بعضهم في التوترات الحدودية مع الكونغو الديمقراطية.
فيما قامت سيراليون بالإطاحة بقادة عسكريين وأمنيين عقب محاولة انقلاب أعلنت عنها الحكومة مستغلة الاحتجاجات الموجودة في البلاد على خلفية حروب اهلية وسخط شعبي نظرا للأوضاع الاقتصادية في البلاد، بحسب رحمة حسن.
خطوات استباقية لإجهاض تغيير الحكومات في افريقيا
من جانبها، قالت أسماء عادل باحثة بوحدة الدراسات الإفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن رئيس غينيا بيساو، اتخذ خطوات استباقية لتحصين نفسه من الإطاحة به من جانب الحرس الرئاسي، حيث قام بتعيين اثنين من المسؤولين الجدد لحمايته، فقد أصدر الرئيس مطلع شهر سبتمبر الجاري، قراراً قضى بتعيين الجنرال توماس دجاسي، رئيساً للأمن الرئاسي، والجنرال "هورتا إنتا" رئيساً لمكتب الرئيس، وأدّى كلا من "دجاسي" و"إنتا" اليمين الدستورية في الرابع من سبتمبر، خلال حفل أقيم في القصر الرئاسي.
وأوضحت عادل في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن هذا القرار يعكس أن هناك تخوف من جانب رئيس غينيا بيساو من انتقال ظاهرة الانقلابات العسكرية بمنطق العدوى بين دول الجوار، لاسيما في ضوء الانقلابات الأخيرة في النيجر والجابون. وهو ما اتضح من خلال تصريحات رئيس غينيا بيساو حيال الانقلاب في النيجر، نجد أنه يرفض الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس النيجرى "محمد بازوم"، واعتبر أن ما حدث يشكل تهديدًا وجوديًا لتماسك الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
وسبق وشهدت غينيا بيساو منذ نيلها استقلالها عن البرتغال عام 1974 أربعة انقلابات عسكرية آخرها كان عام 2012 إضافة إلى العشرات من محاولات الإطاحة بنظام الحكم، وقد جرت آخر محاولة انقلاب فاشلة مطلع عام 2022.