قوامون
الخلاف بـ شأن فهم القرآن ساعات بـ يكون في مستوى ضبط النص، وساعات في مستوى التفسير وساعات في مستوى التأويل، خلينا نشوف مثال على خلاف في التفسير مش الضبط ولا التأويل.
الرجال "قوامون" على النساء، يعني إيه "قوامون"؟ عشان نعرف يعني إيه قوامون، لازم نعرف أهل مكة وأهل يثرب، في القرن الأول الهجري، كانوا بـ يستخدموا الدال دا إزاي؟ لـ إنه دا المكان ودا الزمان، اللي ظهر فيه النص.
طيب إحنا ما نعرفش بـ الظبط كانوا يقصدوا بيها إيه؟ نعمل إيه؟
هي دي مشكلة "تفسير" القرآن، إنه ما عندناش حاجة تقول لنا بـ دقة إيه دلالة كلمات كتير في النص.
طب ما نرجع لـ"التفاسير"؟
ما هو حضرتك، التفاسير دي كلها اتكتبت بعد فترة طويلة جدا، وفي أماكن بعيد جدا، عن زمان ومكان ظهور النص، بـ التالي، مفيش ما يضمن إطلاقا إنه هذا المفسر أو ذاك بـ يقول لنا "المعنى" كما ظهر.
هو بـ يقول لنا فهمه هو لـ الدال، اللي ممكن جدا يكون تعرض لـ التغيير، لـ إنه دا طبيعي جدا في اللغات، الدوال بـ تتعرض لـ التطور، فـ تروح حتة تانية.
طب ما نروح لـ المعاجم!
شرحه، المعاجم كلها اتكتبت في فترات متأخرة، بـ التالي، لو الدال تعرض لـ التغيير، هـ يتسجل في المعجم بـ المدلول الجديد.
طب ما يمكن ما اتغيرش؟
يمكن، مش حتمي يعني إنها تغيرت.
طب نعمل إيه؟
مثلا، الدكتورة أميمة أبوبكر عملت بحث مطول عن دلالة "قوامون"، تتبعت فيه الاستخدامات المختلفة لـ الدال، في القرآن نفسه، ولكن في مواضع أخرى، والدوال المشتركة في الجذر، وناقشت في ضوء عملية التتبع دي، المدلولات اللي قدمها مفسرين كتير، من الطبري لـ الشعراوي.
توصلت د. أميمة إلى إنه هذا الدال ليس له أي علاقة بـ المدلولات اللي قدمها المفسرين، وإنها لا تمنح الرجال، أي سلطة على النساء، أو أي تميز من أي نوع، وإنه مدلولها كما فهمته هي معناه "السعي" و"الرعاية".
بـ معنى إنه يجب على الرجال بذل الجهد من أجل النساء، وتوفير الرعاية لهن، فـ بدال ما هي ميزة لـ الرجل، بقت ميزة لـ الست، وإنه لو كان القرآن يقصد بـ "القوامة" سلطة ما، كان هـ يستخدم دوال تانية، تؤدي هذا المعنى: زي "وكيل، ولي، مسيطر، حفيظ"
حلو!
هل توافق على ما ذكره المفسرون من إنه "القوامة" تعني سلطة ما، ولا فهم الدكتورة أميمة اللي هي الرعاية والسعي؟
أنا شخصيا، ما عنديش أي موقف الصراحة، لـ إنه ما قدمه المفسرون اجتهدوا في فهمه، وما قدمته الدكتورة أميمة اجتهدت في فهمه، إنما محدش منهم قادر يقدم شيء حاسم لـ "مدلول" المفردة، في مكان وزمان ظهور النص.
السؤال هنا: هل الاختلاف بين المدلولين هنا هو خلاف في ضبط النص؟ لأ، النص واضح، هل هو خلاف في تأويل النص؟ لأ، لـ إنه التأويل له علاقة بـ إنه النص يكون له معنى غير المعنى المباشر، معنى أول، الخلاف هنا في "التفسير".
ما يهمني هنا هو فهم طبيعة الخلاف، لما يكون في مستوى ضبط النص، والخلاف لما يكون في تفسير النص، ثم بعدين نشوف، لما يكون الخلاف في تأويل النص.
الخلاف لما يبقى في ضبط النص يعني إننا قدام نصين غير بعض، إنما لما يبقى في التفسير، فـ إحنا أمام نص واحد، بس أنا بـ أقول معناه كدا، وإنت بـ تقول معناه كدا.
البحث، لما يكون الخلاف في ضبط النص، له طريقة وآليات.
البحث، لما يكون الخلاف في تفسير النص، له طريقة تانية وآليات تانية.
ودا حاجة ناس كتير بـ يقعوا فيها، نبقى مثلا بـ نناقش القراءات والأحرف، فـ يقول لك اختلاف في التفسيرات، مع إنه اختلاف في الضبط، أو يناقش مفاهيم وفلسفات فـ يقول لك التفسير مع إنه دا خلاف في التأويل، مع إنه دي حاجة ودي حاجة ودي حاجة، وكل حاجة ولها إيه! حاجة، صح!