باحثة بالمركز المصري للفكر تكشف لـ"الدستور" تداعيات انقلاب الجابون وأسبابه
علقت نسرين الصباحى، باحثة بوحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، على الانقلاب الذى وقع صباح اليوم في الجابون عقب إعلان فوز الرئيس علي بونجو فى الانتخابات الرئاسية.
وقالت الصباحي: يأتي انقلاب الجابون استمرارًا لسلسة تمدد العدوى الانقلابية في منطقة حزام الانقلابات النشطة في وسط وغرب أفريقيا، ليُضيف العدد الإجمالي 8 في عدد الانقلابات منذ عام 2020.
وتابعت الصباحي في تصريحات خاصة لـ"الدستور": ويُفرز بؤرة جديدة من موجة عدم الاستقرار السياسي، وتفاقم السيولة الأمنية في المنطقة، وتحديدًا مع انتقال أنشطة الجماعات الإرهابية من منطقة الساحل الأفريقي إلى الدول الساحلية المطلة على خليج غينيا كل ذلك، بالتشابك مع تهديد المصالح الغربية وخاصة فرنسا وأوروبا بعد التراجع الكبير في مناطق النفوذ التقليدية في دول مثل مالي وبوركينافاسو وغينيا كونكاري ومؤخرًا النيجر، في المقابل، يتنامى وجود قوي أخري مثل روسيا والصين في هذه المنطقة.
انقلاب الجابون يعد بمثابة مؤشرا على تراجع النفوذ الفرنسي في دول المنطقة
وأوضحت الصباحي أنه على هذا الأساس تزيد تداعيات الانقلاب من مُعاناة الشعب الجابوني الذي يُعاني من تفاقم حدة الأزمات الاقتصادية جراء تدهور أسعار النفط العالمية، حيث يعتمد اقتصاد على صادرات النفط بنسبة 80%، بالإضافة إلى ذلك، تفاقم حدة الانقسامات الداخلية في النخبة السياسية في ظل الخلافات بين أبناء عائلة بونجو بشأن ميراث السلطة والثروة، والسخط العام وعدم الرضا فيما يتعلق بعملية توزيع السلطة بين الجماعات الأثنية الجابونية وعلى رأسها جماعة باتيكي المُسيطرة على النصيب الأكبر من المناصب منذ استقلال البلاد على الرغم من عددها الصغير نسبيًا مُقارنة بجماعات أخرى في مقدمتها جماعة فانج التي تعتبر الأكبر من حيث العدد في البلاد، لكن لا تحظى بنسبة كبيرة في المناصب المهمة في تسلسل القوات المسلحة أو السلطة السياسية.
وأضافت الصباحي أن انقلاب الجابون يعتبر بمثابة مؤشرًا آخر على تراجع النفوذ الفرنسي في دول المنطقة، وعاملاً مُحفزًا للجيوش الأفريقية الأخرى في منطقة وسط وغرب أفريقيا للقيام بانقلابات مماثلة، في ظل استياء الشعوب الأفريقية من الأزمات المتنامية في بلدانهم، وسيطرة النخب الحاكمة على مقاليد الحكم منذ أمد بعيد دون أية مؤشرات للتقدم في مسار التحول الديمقراطي، ظهر ذلك جليًا في موجة الانقلابات الأخيرة في دول الساحل الأفريقي، ومناهضة الشعوب المحلية للوجود الفرنسي، وما برز من تضامن الوحدة الأفريقية بين النخب العسكرية في مالي وبوركيناسو وغينيا كونكاري لمنع التدخل العسكري في النيجر، وأيضًا رفض الدول الإقليمية الأخرى لهذا التدخل.