زيارة البرهان
فى أول مرة يغادر فيها السودان منذ بداية الأزمة، زار الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السودانى، مصر، أمس الثلاثاء، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، بمدينة العلمين، وجرى خلال اللقاء استعراض تطورات الأوضاع فى البلد الشقيق، والتشاور بشأن الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة الراهنة، التى يعيشها منذ منتصف أبريل الماضى، حفاظًا على سلامة وأمن وسيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية، وتحقيقًا لمصالح شعبها وتطلعاته نحو المستقبل.
باسمنا، باسم المصريين، أكد الرئيس السيسى، خلال اللقاء، اعتزاز مصر الكبير بما يربطها بالسودان على المستويين الرسمى والشعبى من أواصر تاريخية وعلاقات ثنائية عميقة، مؤكدًا موقف مصر الثابت والراسخ بالوقوف بجانب السودان، ودعم أمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه، خاصةً خلال الظروف الدقيقة الراهنة التى يمر بها، أخذًا فى الاعتبار الروابط الأزلية والمصلحة الاستراتيجية التى تجمع البلدين الشقيقين. ومن جانبه، أعرب البرهان عن تقديره البالغ للعلاقات الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين، مشيدًا بالمساندة المصرية الصادقة للحفاظ على سلامة واستقرار السودان فى ظل المنعطف التاريخى الذى يمر به، وحُسن استقبال المواطنين السودانيين، كما أعرب عن تقدير بلاده لدور مصر الفاعل بالمنطقة والقارة الإفريقية.
بالتنسيق مع كل الشركاء والمنظمات الإغاثية، عملت الدولة المصرية جاهدة على توفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة، والتخفيف من الوضع الإنسانى المتدهور. وبينما كان السيسى والبرهان يناقشان سبل التعاون والتنسيق لدعم الشعب السودانى الشقيق، خاصة عن طريق المساعدات الإنسانية والإغاثية، انطلقت من مقر الهلال الأحمر المصرى، بالقاهرة، قافلة مساعدات إنسانية واجتماعية، مقدمة من مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب. وفى بيان أصدرته جامعة الدول العربية، وجهت السفيرة هيفاء أبوغزالة، الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشئون الاجتماعية، الشكر إلى الرئيس السيسى، باسم الجامعة العربية، على ما يقدمه من دعم للعمل الاجتماعى والإنسانى العربى المشترك، وتحقيق المطالب الأساسية للشعوب العربية الشقيقة التى تمر بحالات نزاع مسلح بما يضمن مطالب الحياة اليومية الأساسية فى ظل هذه الظروف الصعبة.
المبادرات المتنافسة، ولن نصفها بغير ذلك، أحدثت قدرًا من الارتباك فى طريقة تسوية الأزمة. وحرصًا منها على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المباشر، الأكثر تأثرًا بالأزمة، والأكثر حرصًا على إنهائها، استضافت مصر، فى ١٣ يوليو الماضى، «قمة دول جوار السودان»، التى دعا إليها الرئيس السيسى، وشارك فيها رؤساء دول وحكومات إريتريا، جنوب السودان، ليبيا، جمهورية إفريقيا الوسطى، تشاد، إثيوبيا، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وانتهت بالتوافق على احترام سيادة الدولة الشقيقة ووحدة أراضيها، والاتفاق على تشكيل آلية وزارية بشأن الأزمة السودانية، على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، لوضع خطة عمل تنفيذية، تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة، عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة.
مسار «دول جوار السودان»، الذى رحب به رئيس مجلس السيادة السودانى، وتناول تطوراته أمس مع الرئيس السيسى، جاء استمرارًا للجهود والتحركات والاتصالات، العلنية والسرية، التى قامت، وتقوم، بها مصر، مع دول الجوار والقوى الدولية الكبرى، والتى تستند إلى عدد من المحددات والثوابت، أبرزها ضرورة التوصل إلى وقف شامل ومستدام لإطلاق النار، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة والحفاظ على المؤسسات الوطنية، التى تعد الضمانة الأساسية لحماية الدولة الشقيقة، وكل الدول، من خطر الانهيار.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس السيسى أكد، فى سياقات ومناسبات مختلفة، أن مصر لن تدخر جهدًا لمساعدة البلد الشقيق على استعادة الأمن والاستقرار والسلام، وشدّد على أن النزاع يخص الأشقاء السودانيين وحدهم، وأن دور الأطراف، الدولية أو الإقليمية، ينبغى أن يقتصر على مساعدتهم فى إيقافه وتحقيق التوافق حول حل الأسباب التى أدت إليه. وبوضوح أكثر، أكد الرئيس احترام مصر إرادة الشعب السودانى، ورفضها التدخل فى شئونه الداخلية، وشدّد على أهمية عدم السماح بالتدخلات الخارجية.