الهند تدفع بالروبية
الحكومة الهندية أعلنت، أمس الإثنين، عن بدء تسوية التجارة الثنائية مع دولة الإمارات بعملتيهما المحليتين، موضحة أن مؤسسة النفط الهندية، كبرى شركات التكرير فى البلاد، دفعت بالروبية قيمة مليون برميل من النفط، لشركة بترول أبوظبى الوطنية، أدنوك. وقبل هذا الإعلان، أو هذه الصفقة، جرى تداول أنباء عن بيع شركة إماراتية لأخرى هندية ٢٥ كيلوجرامًا من الذهب بحوالى ١٢٨.٤ مليون روبية.
«الروبية» هى وحدة العملة فى الهند، وتنقسم إلى ١٠٠ بيسة، وكانت العملة المتداولة فى الإمارات، قبل قيام دولة الاتحاد. ومنتصف يوليو الماضى، وقعّت الهند اتفاقية مع الإمارات تسمح لها بتسوية المعاملات التجارية بالعملتين المحليتين، الدرهم والروبية، خلال زيارة ناريندرا مودى، رئيس الوزراء الهندى، للدولة الشقيقة. كما اتفقت الدولتان أيضًا على ربط واجهة المدفوعات الهندية الموحدة «يو.بى.آى» بمنصة المدفوعات الفورية الإماراتية «آى.بى.بى»، لتسهيل تحويل الأموال عبر الحدود. ووقتها، قال بيان أصدرته الحكومة الهندية إن الاتفاقيتين ستتيحان «معاملات ومدفوعات سلسة عبر الحدود، وتعززان المزيد من التعاون الاقتصادى».
تحاول الهند تدويل الروبية، لتقليل الطلب على الدولار، وعزل اقتصادها عن الصدمات العالمية، وخفض تكلفة تسوية المعاملات التجارية الدولية. والسنة الماضية أعلن بنك الاحتياطى الهندى، البنك المركزى، عن آلية لتسوية تحويلات التجارة الدولية بالعملات المحلية، وأعطى الإذن لبنوك من ١٨ دولة لفتح حسابات بالروبية، واستخدام أرصدتها لشراء السلع والخدمات، واستثمار الفائض منها فى الأوراق المالية الحكومية.
تحركات الهند لتدويل الروبية يدعمها حجم اقتصادها الكلى القوى، واحتياطيات النقد الأجنبى الضخمة، إضافة إلى نمو صادراتها الإجمالية، التى تجمع بين السلع والخدمات، والتى قفزت إلى ٧٥٠ مليار دولار، مقارنة بحوالى ٥٠٠ مليار دولار فى السنة المالية ٢٠٢٠/٢٠٢١، وهى القفزة التى أرجعها بيوش جويال، وزير التجارة والصناعة الهندى، إلى تركيز حكومة مودى، خلال السنوات التسع الماضية، على وضع اللبنات الأساسية للنمو الاقتصادى المستمر والمستدام وسعيها إلى جعل الهند تعتمد على نفسها وفتح أبوابها على نطاق واسع.
دول عديدة، من بينها مصر، أبدت اهتمامًا بإجراء تعاملات تجارية مع الهند بعملاتها المحلية. ويدرس البلدان مقترحًا لمقايضة السلع، فى إطار صفقة أوسع قد تتضمن تمديد نيودلهى خط ائتمان بقيمة عدة مليارات من الدولارات إلى القاهرة. وفى سبتمبر الماضى، قالت الحكومة الهندية، على هامش اجتماع مجلس الشراكة الاستراتيجية الهندى السعودى، إنها بحثت إمكانية التبادل التجارى مع السعودية بالعملتين المحليتين، الريال والروبية، و... و... ولعلك تعرف أن الصين وروسيا، أيضًا، تبذلان جهودًا كبيرة لإلغاء دولرة النظام المالى العالمى، فى ظل تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين ومحاولات موسكو تخفيف أضرار العقوبات الغربية.
هناك، بالفعل، زيادة ملحوظة فى حجم التعاملات التجارية غير الدولارية بين الدول. وفى ٢٩ مارس الماضى، أعلنت الحكومة البرازيلية، خلال منتدى أعمال صينى برازيلى استضافته بكين، عن توصلها إلى اتفاق مع الصين لاستخدام عملتيهما المحليتين فى تعاملاتهما التجارية. وفى اليوم نفسه، ذكرت شركة النفط الروسية «روسنفت» أنها ناقشت السداد بالعملة الوطنية مع شريك هندى. وفى اليوم السابق، ٢٨ مارس، أعلنت بورصة شنغهاى للبترول والغاز الطبيعى عن قيام شركتى كنوك الصينية وتوتال إنيرجيز الفرنسية، بتسوية أول تعاملاتهما باليوان. كما اقترحت ماليزيا إنشاء صندوق نقد آسيوى، وسبق للرئيسين البرازيلى والأرجنتينى، أن أطلقا محادثات بشأن إصدار عملة موحّدة لدول أمريكا اللاتينية.
.. وتبقى الإشارة إلى أن تجمع «بريكس»، BRICS، الذى يضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وستنضم إليه مصر قريبًا، قام بوضع رؤية متكاملة لإلغاء دولرة النظام المالى العالمى، وقدم للدول الأعضاء حلولًا لتخفيف ضغط الدولار على عملاتها الوطنية. وقيل إن دول التجمع، ودولًا أخرى صديقة، تدرس إصدار عملة جديدة، لاستخدامها فى تسوية معاملاتها التجارية الدولية، ومن المرجح أن يكون هذا الأمر، على جدول أعمال القمة السنوية، التى تستضيفها جنوب إفريقيا، خلال أيام.