القاهرة الإسلامية تتلألأ لتصبح متحفًا مفتوحًا ومزارات آل البيت تعود إلى رونقها
طفرة هائلة تشهدها منطقة جنوب القاهرة التاريخية حاليا لم تحدث من قبل لتجعل أى زائر تطأ قدماه هذه المنطقة يعايش عصر القاهرة الفاطمية بكافة تفاصيلها، واستحضار الصورة الذهنية لجميع عناصره، ليسير وكأنه فى متحف مفتوح يعيد لها عمقها التاريخي وتصبح خير شاهد على ما تضمه أرض القاهرة من درر من كنوز العمارة الإسلامية التي تميزها عن سائر عواصم العالم.
ومقترح تطوير القاهرة الإسلامية حظى باهتمام بالغ من قبل القيادة السياسية ضمن خطة الدولة لتطوير المناطق التاريخية والأثرية، ومن ثم هناك حرص شديد على أن تتم عملية التطوير وفق منظورٍ مُتكاملٍ يُراعي كافة الأبعاد التاريخية والتراثية والديموغرافية والسياحية، ويسعى لتحقيق الاستفادة القصوى من مقومات التفرد التراثي والتاريخي الذي تتميز به هذه المنطقة لدعم حركة السياحة، إلى جانب إيجاد شبكة محاور خضراء تعمل على إحياء المناطق التراثية وربط المزارات والمسارات السياحية والمقابر التاريخية، بالإضافة إلى الارتقاء العمراني بالمناطق السكنية المتداخلة مع تحسين اتصالها بمحاور الحركة الخارجية مثل الأوتوستراد.
ويبدأ مسار "آل البيت" من مسجد السيدة نفيسة وينتهي عند مسجد السيدة زينب، مروراً بعدد من المساجد والأضرحة، والعديد من المزارات والبنايات التاريخية، وخلال رحلة مزارات آل البيت بشارع الأشرف سيمر الزائر على قبة الأشرف خليل بن قلاوون، مسجد السيدة سكينة، والسيدة رقية، فضلا عن آثار متنوعة أخرى، منها مقام يُنسب إلى ابن سيرين مفسر الأحلام، وضريح شجرة الدر، وتمثل البنايات الأثرية الموجودة في الشارع طرزاً متنوعة من فنون العمارة الإسلامية.
يقول اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، إن المحافظة تشهد أكبر عملية تطوير منذ إنشائها لمنطقة رحاب آل البيت، وتجديد شباب وجه القاهرة الحضاري والتاريخي، موضحا أن تلك المواقع تحظى باهتمام بالغ من القيادة السياسية، إذ تمتد أعمال التطوير من سور مجرى العيون والفسطاط والسيدة عائشة والسيدة نفيسة ومصر القديمة والحسين والسيدة زينب وشارع الأشراف «بقيع مصر»، لاستعادة المظهر الحضاري والقيمة التاريخية لتلك المواقع، الشاهدة على عبق التاريخ وأصالة وجمال القاهرة ووضعها على خريطة المزارات السياحية الدينية.
وأوضح محافظ القاهرة أن خطة تطوير مسار مزارات آل البيت تمتد من مسجد السيدة عائشة عروس آل البيت، بنت جعفر الصادق، بن محمد الباكر بن علي زين العابدين بن الحسين، إلى مسجد السيدة نفيسة، حفيدة الحسن، أي من مسجد حفيدة الحسين، إلى مسجد حفيدة الحسن، وحتى مسجد السيدة زينب عقيلة بني هاشم، ابنة الإمام علي بن أبي طالب، وأمها فاطمة الزهراء بنت الرسول، صلى الله عليه وسلم، مارًا بعدد من المساجد والأضرحة ومزارات تاريخية، التي تعد إرثًا حضاريًا مميزًا، وجهت الدولة كل جهودها لإحيائه والحفاظ عليه.
وأكد محافظ القاهرة أن المشروع يستهدف فتح الساحات الرابطة بين مساجد آل البيت، وتشمل المرور على أشهر أضرحة آل البيت، والتي تشهد إقبالًا كبيرًا من المواطنين، خاصة السائحين زوار مدينة القاهرة، وكذلك رصف الأرضيات بالبازلت، وتطوير ورفع كفاءة الإنارة وترميم وطلاء واجهات العقارات، ورفع كفاءة وتطوير الشوارع الرئيسة، ومد خطوط الصرف الصحى، مشيرا إلى أن أعمال تطوير مسجد السيدة نفيسة التي شرفت العاصمة بافتتاح فخامة الرئيس لها، رفقة سلطان طائفة البهرة، هى مصدر فخر لمحافظة القاهرة التي شهدت خلال 9 سنوات طفرة غير مسبوقة في كافة القطاعات ولا سيما قطاع إحياء تراث القاهرة واستعادة قيمتها العظيمة على خريطة السياحة العالمية.
جهود متواصلة ومتابعة مستمرة تقوم بها المنطقة الجنوبية للمحافظة لتسابق الزمن للانتهاء من أعمال تطوير مسار مزارات آل البيت ورفع كفاءتها بنطاق أحياء المنطقة الجنوبية مرورا بطريق صلاح سالم، وذلك طبقا للتوجيهات الرئاسية بإحياء المسار وبذل أقصى الجهود لخروج الأعمال إلى النور بالمظهر اللائق والتي تتماشى مع عراقة و جلال المزارات.
وتحرص المهندسة جيهان عبدالمنعم، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، على المتابعة المستمرة لرفع كفاءة الميادين ومحيط مساجد آل البيت بنطاقها، وذلك في إطار إبراز قيمة المناطق التاريخية والأثرية وعودة القاهرة لسابق عهدها كمنارة تاريخية جاذبة للسياحة الداخلية والخارجية، مع الارتقاء بالمظهر الحضاري وتحسين مستوى الجماليات تماشيا مع كافة أعمال التطوير القائمة بهذا الملف الهام.
وتؤكد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية أن أعمال التطوير متواصلة بالتنسيق مع كافة الأجهزة التنفيذية والمعنية والهيئة العامة للنظافة والتجميل والإنارة بالقاهرة ومديرية الطرق، والتي شملت رفع التراكمات ومخلفات البناء والهدم بشارع العشرين المؤدي إلى ساحة السيدة نفيسة، مع تسوية وتمهيد الأرض وتحسين الموقع العام بطول الطريق، ورفع المخلفات من حدائق الأباجية إلى جانب رفع كفاءة وترميم البلدورات والأسوار بطول كوبري السيدة عائشة من إنشاءات وأسوار حديدية ودهان الأرصفة والبلدورات وتحسين وإعادة المظهر الحضاري والجمالي بطول الطريق والطرق المؤدية إلى السيدة نفيسة ومتفرعاتها بطول الطريق بشارع صلاح سالم، حتى مزارات آل البيت بشارع الأشرف ومحيط مسجد السيدة نفيسة والحدائق العامة بمنطقة السيدة عائشة على جانبي الطريق.
وتم التوجيه كذلك بمراعاة البعد البيئي بمواقع التطوير من خلال الاهتمام بزيادة المسطحات الخضراء ورفع كفاءة الحدائق وتقليم المزروعات بصورة جمالية، بالإضافة إلى الجزر الوسطى والحدائق العامة بطول الطريق وبميدان السيدة نفيسة، كما تم رفع كفاءة أعمدة الإنارة المحيطة بميدان السيدة نفيسة ومتفرعات الشوارع الرئيسية والفرعية وصلاح سالم ومتفرعاته، والانتهاء من تركيب أعمدة الإنارة بطول سور مجرى العيون، بالإضافة إلى الحرص على رفع كفاءة الطرق بميدان السيدة نفيسة والطرق المؤدية له ورفع كفاءة الأرصفة و استبدال البلدورات وبلاط الإنترلوك المتهالك ورفع المتروكة واستكمال كافة النواقص نظرا للإقبال الشديد من المواطنين لزيارة الميدان خاصة مزارات آل البيت المختلفة بصفة عامة.
كما تم رفع كفاءة الأسوار المتواجدة بالميدان والملاصقة لسور مستشفى المغربي مع رفع كفاءة السور الاسمنتي بها من خلال تركيب الأحجار الهاشمية لتتماشي مع طبيعة المنطقة التاريخية، والحفاظ على الهوية البصرية للمكان، ودهان نقطة شرطة السيدة نفيسة إلى جانب رفع كفاءة وإنارة مدخل شارع الأشرف الذي تم الانتهاء من تطويره.
وأكدت "عبدالمنعم" أن القيادة السياسية تولي اهتماما بالغا بتطوير ورفع كفاءة مسار آل البيت بأحياء العاصمة، حيث يتم تنفيذ مخطط تطوير شارع الأشراف والملقب بـ"بقيع مصر" نظرا لاحتوائه على العديد من المعالم الأثرية الإسلامية والأضرحة التي تميزه عن غيره من المواقع، والذي أصبح متحفا مفتوحا ونموذجا ثانيا لشارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة التاريخية في وقت قياسي.
وتوضيحا لأهم الأعمال والإنجازات التي تمت به، نوهت نائب المحافظ بأن الأعمال تضمنت متابعة شاملة لكافة تفاصيل الأعمال، ومنها إحلال وتجديد مرافق المياه والصرف الصحي من خلال أعمال الدفع النفقي والمطابق وبالوعات صرف مياه الأمطار لحل مشكلات الصرف الصحي، كما تم رصف الأرضيات وإضافة نظم إضاءة تراثية وطلاء واجهات المنازل السكنية بألوان موحدة ورفع كفاءتها بشكل يتناسب مع روح وعبق العصر الفاطمي، إضافة إلى تطوير الآثار والمساجد والأضرحة الموجودة بالشارع، وتركيب الأحجار الهاشمية وتطوير الأسوار وطلائها، ومنها أسوار متنزه الخليفة، مع توفير مواقع لعربات المأكولات التي يتم توفيرها بالشارع والتي ستسهم بتوفير فرص عمل للشباب إلى جانب توفير عربات كهربائية لنقل الزوار بطول الشارع.
واستمرارا للجهود، تم تطوير ميدان السيدة زينب الذي ارتدى حلة جديدة لاستقبال زواره بعد أن خضع خلال الفترة الماضية لجهود مكثفة لتطويره بهدف استعادة الشكل الجمالي والحفاظ على عمرانه وروحانياته التي تميزه عن غيرة، ومنها إنجاز الحديقة الكبرى (حديقة قنديل أم هاشم) لخلق متنفس صحى وبيئة نظيفة ومظهر جمالى يليق بالقيمة الحضارية والتاريخية للحى العريق، وتقع الحديقة على مساحة ٤ آلاف م٢، وتضم ٨ برجولات و٣٠ مقعدا خشبيا ودورات مياه رجال وسيدات لخدمة رواد الحديقة، وتم رفع كفاءة المزروعات واللاند سكيب وزيادة الإضاءة التي تم تصميمها على الطراز الإسلامي بعدد ٤٨ عمودا، كما تم رفع كفاءة الحديقة الواقعة أمام مسجد السيدة زينب ودهان العقارات المحيطة بالميدان بلون موحد.