هربًا من تهديدات موسكو.. هل تنجح الطرق البديلة في تصدير الحبوب الأوكرانية لأوروبا؟
أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أنه بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية مطلع العام الماضي، أغلقت روسيا الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود، لتتراكم الحبوب التي كانت مصدرًا لغذاء ملايين الأفراد في جميع أنحاء العالم في الصوامع، وتبدأ أوكرانيا في البحث عن طرق بديلة على نهر الدانوب لتصدير الحبوب إلى أوروبا.
طرق بديلة
وتابعت أنه بينما كانت السفن الروسية تهدد قبالة الساحل الأوكراني، استمرت الموانئ الصغيرة في نهر الدانوب على الحدود الرومانية في العمل، بالشكل يوفر شريان حياة صغيرًا ولكنه حيوي، واستمرت أهميتها في النمو حتى بعد أن أدت صفقة بوساطة دولية مع روسيا إلى استقرار طرق الشحن على البحر الأسود بسبب الحركة المحدودة للمواد الغذائية.
وأضافت أنه الآن، وبعد أسبوعين من انهيار تلك الصفقة، أصبحت موانئ الدانوب الصغيرة منفذ الشحن الوحيد لملايين الأطنان من الحبوب التي حوصرت مرة أخرى في أوكرانيا - وأوضحت روسيا أنها أيضًا مهددة، ما يعني أن الطرق البديلة لتصدير الحبوب الأوكرانية لأوروبا وغيرها من مناطق العالم أصبحت مهددة.
وقال ستانيسلاف زينتشينكو، الرئيس التنفيذي لـ GMK، وهي مؤسسة فكرية اقتصادية مقرها كييف، في مقابلة: "نهر الدانوب هو بوابتنا في البحر إلى أوروبا والعالم".
وتابع: "أصبحت الموانئ النهرية الآن ضرورية للغاية لاقتصاد التصدير الخانق في أوكرانيا، وتأثير فقدانها يصعب حسابه".
وأوضحت الصحيفة أن الموانئ النهرية على نهر الدانوب السفلي، تشكل جزءًا من حدود أوكرانيا مع رومانيا قبل أن تصب في البحر الأسود، حيث ينبع نهر الدانوب من الغابة السوداء في ألمانيا ويتدفق إلى الجنوب الشرقي عبر وسط وشرق أوروبا، إنه أكبر نهر في الاتحاد الأوروبي من حيث الطول والحجم، وتربط ممراته المائية أوكرانيا بثماني دول أوروبية أخرى.
محاولات أوكرانية للهروب من التهديدات الروسية
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أنه قبل الحرب، كانت موانئ الدانوب بالكاد تستخدم، ولكن في الأشهر الأخيرة، سيطرت على ما يقرب من ثلث الصادرات الزراعية، بما في ذلك الحبوب، وفقًا لمحللي الصناعة، حيث يذهب معظم الشحن إلى أسفل النهر ثم إلى البحر؛ وتتجه صعودًا إلى أجزاء أخرى من أوروبا.
وتابعت أن روسيا أكدت أن أي سفينة تدخل البحر الأسود في خطر، ما يؤدي إلى حصار فعلي ويهدد مصير موانئ الدانوب على أساس شبه يومي، وقصفت الصواريخ والطائرات بدون طيار الروسية الموانئ الأوكرانية، بما في ذلك واحد على نهر الدانوب على بعد بضع مئات من الأقدام من رومانيا.
وحذر الكرملين من أن "جميع السفن التي تبحر في مياه البحر الأسود إلى الموانئ الأوكرانية" ستُعتبر "ناقلة محتملة للبضائع العسكرية"، ولتجنب مخالفة التحذير الروسي، توقفت السفن الدولية المتجهة نحو أوكرانيا إلى حد كبير، وألقت أكثر من اثنتي عشرة سفينة مرساة متجمعة بالقرب من الساحل.
وشهدت الأيام الأخيرة عودة الشحن ببطء، ففي نهاية هذا الأسبوع، عبرت سفينة واحدة البحر الأسود، ووضعت مسارًا لميناء إسماعيل الأوكراني الصغير على نهر الدانوب.
واحتفل المسؤولون الأوكرانيون بما اعتبروه قرارًا اتخذته بعض شركات الشحن لخدعة موسكو، لكنهم كانوا يسارعون في التحذير من أن تحرك عدد قليل من السفن إلى الموانئ النهرية لم يقض على التهديدات لطرق النقل تلك.
وقال خبراء في مجال الشحن إن السفن شقت طريقها إلى أوكرانيا من خلال البقاء إلى حد كبير على بعد 12 ميلًا من سواحل بلغاريا ورومانيا، داخل المياه الإقليمية لهاتين الدولتين، وكلاهما جزء من الناتو، على أمل تجنب السفن الحربية الروسية والألغام البحرية الروسية.
خطة أوكرانية
وتسعى أوكرانيا لنقل الحبوب عن طريق السفن الراسية في الموانئ الواقعة على نهر الدانوب فيما يعرف بعمليات الشحن العابر ما تعرف بعمليات الشحن العابر، من خلال نقل البضائع من سفينة إلى أخرى وهما في وضع الرسو بدلا من شحنها من رصيف الميناء.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن التوترات عالية قبالة الساحل الجنوبي لأوكرانيا لا تزال تثير المخاوف، فلا تزال هناك قيود كبيرة، ما يجعل من غير المحتمل أن تزيد أوكرانيا من الصادرات التي لا تزال بعيدة من موانئ الدانوب، فهذه الموانئ ليست عميقة، لذلك يتم تنفيذ معظم عمليات الشحن بواسطة المراكب، التي تنقل من 3 إلى 8 آلاف طن من البضائع في وقت واحد، وتقطع هذه الصنادل مسافة قصيرة على طول الساحل إلى ميناء كونستانتا الروماني لتحميل سفن شحن أكبر قادرة على حمل عشرات الآلاف من الأطنان من البضائع، أو الشاحنات التي تحمل البضائع برًا.
خسارة كبرى
وأكدت وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، أن قصف موانئ الدانوب، إذا استمر، يمكن أن يحرم أوكرانيا من مصدر رئيسي للإيرادات، لأن الزراعة هي المصدر الرئيسي لإيرادات الصادرات في البلاد، حيث بلغت 28 مليار دولار، أو 41% من إجمالي الصادرات، في عام 2021، أي العام الذي سبق اندلاع الأزمة.