مصر واليونان مجددًا
متعهدًا بإجراء «إصلاحات كبرى وسريعة»، وتوفير فرص العمل، ورفع الأجور، و... و... وتحسين تصنيف بلاده الائتمانى بعد أزمة الديون التى كادت تعصف بها، بدأ كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس الوزراء اليونانى، ولايته الثانية، أواخر يونيو الماضى، بعد انتخابات برلمانية «جاءت نتائجها لتؤكد ثقة الناخب اليونانى فى قيادته»، بوصف الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو يرحب بضيفه، وضيف مصر، ويجدّد التهنئة على الفوز الذى حققه حزبه، حزب «الديمقراطية الجديدة»، أكبر أحزاب يمين الوسط فى البلاد.
فى أول زيارة للمنطقة، بعد إعادة انتخابه وتشكيل حكومته الجديدة، استقبل الرئيس السيسى رئيس الوزراء اليونانى، فى العلمين الجديدة، صباح أمس الخميس، وعقد معه جلستى مباحثات، إحداهما ثنائية، والأخرى موسعة بين وفدى البلدين، حرص خلالهما «ميتسوتاكيس» على تقديم الشكر والتقدير لمصر عن إرسالها طائرات للمساعدة فى إخماد حرائق الغابات فى بلاده، فى حين أعرب الرئيس عن خالص التعازى والتضامن مع الدولة الصديقة فى مواجهة تلك الأزمة، مؤكدًا وقوف مصر، دائمًا، بجانب اليونان فى مواجهة الأزمات.
العلاقات المصرية اليونانية تاريخية، ممتدة، وآخذة فى التنامى. ومنذ منتصف ٢٠١٤ لم تنقطع الزيارات المتبادلة بين القيادة السياسية وكبار مسئولى البلدين، كما لم يتوقف التواصل المستمر، سواء على المستوى الثنائى، أو فى إطار آلية التعاون الثلاثى بين البلدين وقبرص، لمواجهة التحديات المشتركة، والتهديدات التى تستهدف ثرواتها، وللتنسيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وأسهمت روابط الصداقة والعلاقات التاريخية، التى تجمع بين البلدين، على المستويين الشعبى والرسمى، فى تعزيز آليات التعاون وتحقيق تلك الطفرة النوعية فى العلاقات، خلال السنوات التسع الماضية فى كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة.
تأسيسًا على ذلك، أشاد الرئيس السيسى، خلال مباحثات، أو قمة، أمس، بعمق وثبات العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين مصر واليونان، والتطور الملموس الذى يشهده التعاون الثنائى فى مختلف المجالات، والمستوى المتميز من التنسيق السياسى بين الدولتين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما أعرب عن تقديره مواقف اليونان تجاه مصر، سواء على المستوى الثنائى، أو فى إطار الاتحاد الأوروبى، إلى جانب التعاون المثمر على صعيد آلية التعاون الثلاثى مع قبرص. وبالمثل، أكد رئيس الوزراء اليونانى رسوخ الروابط الوثيقة والتاريخية التى تجمع بين البلدين، ورحب بالتقدم الملحوظ فى مستوى التعاون خلال السنوات الماضية، معربًا عن حرص بلاده على مواصلة تعميق العلاقات بين البلدين ودفعها إلى آفاق أوسع على مختلف المستويات، خاصة فى ضوء الدور المصرى البارز فى مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بمنطقة المتوسط.
فى هذا السياق، تباحث الزعيمان حول سبل تعزيز آفاق التعاون الثنائى، وأكدا الحرص المتبادل على سرعة تفعيل وتنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين الصديقين، واستمرار دفع التعاون فى مجالات التعاون العسكرى والاقتصادى والثقافى، إلى جانب ملف الطاقة، وقطاعات التحول الأخضر، وما يتعلق بالربط الكهربائى والغاز الطبيعى ومنتدى غاز شرق المتوسط. ولدى مناقشة تطورات ظاهرة الهجرة غير الشرعية، فى حوض البحر المتوسط، ثمّن رئيس الوزراء اليونانى ما تقوم به مصر من جهود لمواجهة هذه الظاهرة، خاصة فى ضوء الأعباء التى تفرضها استضافة ملايين اللاجئين على أراضيها.
تناولت مباحثات الزعيمين، أيضًا أو طبعًا، عددًا من القضايا ذات الاهتمام المتبادل، وعلى رأسها تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية، وتبعاتها الدولية والإقليمية، إضافة إلى مستجدات الأزمات القائمة فى المنطقة، خاصة الأزمة الليبية، حيث أكد الرئيس موقف مصر الداعم للمسار السياسى وأهمية إجراء الاستحقاق الانتخابى الرئاسى والبرلمانى، وخروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية واستعادة ليبيا سيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها. كما اتفق الزعيمان على مواصلة التنسيق المكثف لمواجهة مختلف التحديات المشتركة التى تواجهها المنطقة، بما يحقق آمال شعوبها فى السلام والأمن والاستقرار.
.. وتبقى الإشارة إلى أن المصرفى السابق، الذى يقود بلاده منذ ٨ يوليو ٢٠١٩، قال لليونانيين، فور أدائه اليمين الدستورية، فى ٢٦ يونيو الماضى: «لا أعدكم بمعجزات.. لكننى سأظل وفيًا لواجبى الوطنى».