تدخل أجنبي واضطرابات مستمرة.. سيناريوهات ما بعد انقلاب النيجر؟
نفت السلطات الفرنسية ما أثير حول نيتها التدخل عسكريا في النيجر، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بحليفها الرئيس محمد بازوم الأسبوع الماضي، فيما حذرت إيطاليا من تداعيات التدخل العسكري الغربي في هذا البلد معتبرة أنه سيكون بمثابة استعمار جديد.
وفي هذا السياق، قال أحمد السيد الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، إنه من المتوقع أن تتعرض المصالح الفرنسية الأمنية والاقتصادية للتهديد، حيث أن تغيير النظام الحاكم في النيجر يُشكل ضربة للغرب، وبشكل خاص الولايات المتحدة وفرنسا اللتين تربطهما علاقات قوية بالنيجر، ففرنسا لديها قاعدة عسكرية، وتحتفظ بـ 1500 جندي هناك.
ولفت “السيد” في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن السيناريوهات تُشير إلى تقليص الوجود العسكري الفرنسي في النيجر، في أعقاب تغير السلطات الحاكمة فيها، بل ربما يؤدي إلى انسحابها على غرار مالي وبوركينا فاسو.
وأضاف أن الانسحاب من النيجر يُعرض فرنسا لأزمة محتملة في قطاع الطاقة، حيث تعول فرنسا على النيجر كثيرًا في تشغيل مفاعلاتها النووية، حيث توفر لها اليورانيوم الذي ينتج نحو 70% من الكهرباء، ففي عام 2020 كان حوالي 34.7% من اليورانيوم المستخدم في المفاعلات الفرنسية يأتي من النيجر.
وتابع “السيد” أن السيناريو الثاني هو انحسار النفوذ الأمريكي في النيجر عقب الإطاحة بالرئيس محمد بازوم، حيث يبدو أن النخبة العسكرية التي تولت مقاليد السلطة في النيجر ربما تنتهج سياسة مغايرة للرئيس محمد بازوم، ولن تكون منفتحة في علاقاتها الخارجية مع الغرب كما كان الوضع في عهد بازوم.
وأوضح أن من شأن هذا الإنقلاب أيضًا أن يُساهم في عرقلة الجهود الغربية، التي تهدف إلى مساعدة النيجر على وقف هجمات الجماعات المتمردة، التي تُثير الفوضى في البلاد.
استبدال الدعم الغربي بالروسي
وتابع: "يبدو أن روسيا ربما ستكون المستفيدة من الإطاحة برئيس النيجر، وتولى نخبة عسكرية مقاليد السلطة، والتي ربما تعمل على استبدال الدعم الفرنسي والغربي والاستعانة بروسيا في مكافحة الجماعات الارهابية، كما حدث في البلدان المجاورة للنيجر مثل مالى وبوركينافاسو، ونجد أنه من المُرجح أن نشهد نشاط لمجموعة "فاجنر" الروسية في النيجر إذ وصف زعيمها يفجيني بريجوزين عملية عزل رئيس النيجر بأنها ضربة ضد "المستعمرين".
وأضاف أنه مع نجاح محاولة الانقلاب، فسيرتب عليها وقف تصدير اليورانيوم للدول الغربية وخاصة فرنسا، الأمر الذي سيؤثر كثيرًا على فرنسا والدول الغربية خاصة وان لليورانيوم أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للحكومة النيجيرية، فالبلاد لديها احتياطي كبير منه، وهو مصدر هام للعائدات الاقتصادية للبلاد، يقدر أن لدى النيجر احتياطي يورانيوم يبلغ 647.000 طن، هذا يعد النيجر واحد من أكبر منتجي اليورانيوم في العالم، حيث كان المصدر الرئيسي لليورانيوم في فرنسا كما تشكل مناجم اليورانيوم حوالي خمس إجمالي عائدات التصدير للنيجر كما يؤمن اليورانيوم المنتج في النيجر ما يقارب 5٪ من الطلب العالمي.
أسباب انقلاب قوات الحرس في النيجر
وقال الباحث في المركز المصري إن قادة الانقلاب، أوضحوا في تصريحات سابقة لهم أن الأسباب الدافعة لذلك تعود إلي، هشاشة الدولة وسوء الإدارة في الداخل حيث تتسم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في النيجر بالتردي، ذلك بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الأمنية، حيث تنشط التنظيمات الإرهابية على غرار القاعدة وبوكو حرام وداعش التي استغلت هشاشة الدولة والفقر لاستقطاب مزيد من المقاتلين وشن الهجمات الإرهابية.
وأكد “السيد” من المحتمل وجود مخطط إقليمي للانقلاب العسكري على الرئيس بازوم، فهناك توتر في العلاقات بين رئيس النيجر وقادة دول غرب أفريقيا، لاسيما غينيا ومالي وبوركينا فاسو وهو ما قد يُعزى إلى استيلاء النخبة عسكرية في هذه البلدان على السلطة، وعمل "بازوم" على مناهضة هذه النظم العسكرية ودعم قرار المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) لفرض عقوبات على الدول التي شهدت تغييرات غير دستورية، وهو ما أوجد حالة من العداء بين الرئيس بازوم والجوار الإقليمي، وفقا لتصريحات السيد للدستور.
وأوضح “السيد” أن قادة الانقلاب أن السياسة الخارجية المنحازة للدول الغربية وخاصة فرنسا هناك انتقادات لسياسة الخارجية التي انتهجها الرئيس النيجري محمد بازوم، والتي تتسم بانحيازها للغرب لاسيما فرنسا، حيث يتم تشويه صورته على الصعيد الداخلي والإقليمي بأنه عميل لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي وذلك في ظل وجود 1500 عسكري فرنسي على أراضي النيجر، ولذلك نجد أن هناك امتعاضًا شعبيًا من الحضور العسكري الفرنسي في النيجر، في حين أن البلدان المجاورة للنيجر قد استطاعت طرد القوات الفرنسية وهو ما يمكن أن يكون عاملًا محفزًا للإطاحة بالرئيس النيجري.