محمد فريد يطالب بإعادة النظر في السياسات الضريبية
قال النائب محمد فريد، عضو مجلس الشيوخ وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن أزمة تزايد الدين العام في تصوري هي عرض لمرض وهو تعاظم دور الدولة في الاقتصاد ومزاحمة القطاع الخاص، مما تسبب في انكماش مستمر للقطاع الخاص غير النفطي، وهو ما أدى بدوره للدخول في حلقة من محاولة تعويض الانكماش بمزيد من التدخل، مصحوبًا بتراكم لمزيد من الديون.
وأضاف ذلك خلال مشاركته في لجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي، بالمحور الاقتصادي في الحوار الوطني، لمناقشة قضية "الدين العام: الإشكاليات والحلول"، أن أحد أهم الشواهد على هذا الأمر، هو أنه بالرغم من محاولات وزارة المالية تحقيق الانضباط المالي وتحقيق فائض أولي مستمر للموازنة العامة، إلا أن هذا الفائض ظل مصحوبًا بتنامٍ في قيمة الدين العام.
وأوضح أن الشاهد الآخر، وهو نسبة الدين الخارجي لحصيلة الصادرات، بلغت نسبة جاوزت 213% في الربع الثاني من العام 2022/2023. كما أن التدخل الحكومي الكبير في الاقتصاد، مصحوبًا بتبعات جائحة كورونا وما تلاها من ارتفاع في الدين الحكومي على مستوى العالم، وما صاحبه من تباطؤ في النمو الاقتصادي، وارتفاع في أسعار الفائدة، تسبب في ارتفاع كبير في مدفوعات الدين العام في مصر، ومعه اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة على الدين والنمو الاقتصادي، وهو ما تسبب أيضًا في تراكم الدين وارتفاع نسبة الدين للناتج المحلي المتوقع أن يجاوز 97%، بالإضافة إلى التأثير الإضافي للتغير في سعر الصرف على تعاظم قيمة الدين ونسبته للناتج المحلي.
وأكد عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن كل هذه الأمور تسببت في تجاوز نسبة أعباء الدين المقرر سدادها هذا العام 113% من إجمالي الإيرادات المتاحة (الضرائب والمنح والإيرادات الأخرى)، وبصورة أدق حوالي 160% من الحصيلة الضريبية، وهو ما دفع الحكومة للجوء لتمويل هذا العجز بالاستدانة، والمقدر لها أن تبلغ 99.9% من قيمة الإيرادات.
وأشار إلى أنه في المقابل، على صعيد الإيرادات، فبالنظر لنسبة المتحصلات الضريبية للناتج المحلي في العشرين عامًا الماضية، نجد أن أعلى نسبة كانت 15.8% في سنة 2005-2006، وتنخفض هذه النسبة بصورة ملحوظة لنجد أنها بلغت 12.3% في عام 2022-2023.
وأضاف النائب محمد فريد، أنه يحدث هذا رغم الزيادات في شرائح الضرائب وإقرار ضرائب جديدة، وتكثيف التحصيل، مما يضعنا أمام استنتاج أثبتته التجربة والنظرية، أن تبسيط القواعد الضريبية وتقليلها وخفض الشرائح والنسب تساعد في زيادة الحصيلة، مضيفًا أن ذلك يعني أننا بحاجة لمراجعة الفلسفة والمسار الضريبي الحالي، ومراجعة فلسفة السياسات الضريبية والرسوم المفروضة التي تؤدي لتقليل الحصيلة وليس زيادتها، كذلك لابد من معالجة السبب الرئيسي للمرض وهو تخارج الدولة من الاقتصاد، مصحوبًا بتحرير القطاعات الاقتصادية المختلفة لتعزيز التنافسية وقابليتها للاستثمار.
وأكد عضو مجلس الشيوخ عن التنسيقية ضرورة تعزيز حوكمة الدين العام، موضحًا أنه على الرغم من وجود عدة أطر تشريعية لإدارة الدين متناثرة بين الدستور وقانون المالية العامة الموحد وقانون البنك المركزي ومجموعة واسعة من القرارات الوزارية، إلا أنه يجب إصدار قانون لإدارة الدين العام يتم تجميع إحكام إدارة الدين المتفرقة فيه وتحديد الأدوار والمسؤوليات للجهات الحكومية المتداخلة، وذلك لتعزيز التكامل بينهم وتقليل التشابك.
وحول سيناريوهات ومستهدفات استراتيجية إدارة الدين على المدى المتوسط MTDS المنشورة على موقع وزارة المالية، قال إن المستهدفات تختلف عن الأمر الواقع، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز الافصاح والشفافية المالية وتحديث البيانات المتاحة والمنشورة على صعيد السياسات، وتبني سياسة سعر صرف مرنة، والعمل على تحرير بعض القطاعات الاقتصادية، ولا يعني هذا التحرير فقط، بل يجب إعداد بنية تنظيمية وتشريعية وتنفيذية لتعزيز تنافسية هذه القطاعات مع تحرير دخول الدولة منها. وأضاف: "أرى أن الأولوية في ذلك لقطاعات الطاقة والاتصالات".
وأوضح ضرورة الإسراع في تنفيذ وثيقة سياسات ملكية الدولة، والتحرير من السوق، وإعادة النظر في السياسات الضريبية، ورفع حدود الإعفاء الضريبي على الدخل، والزام جهات الدولة، خاصة الهيئات العامة الاقتصادية، بالامتثال للضرائب وأداء مستحقاتها للخزانة العامة للدولة.