أنا وعمرو دياب وغنوتى المحبوسة
منذ ما يزيد على ثلاثين سنة، هى عمر عملى فى مهنة الصحافة، حاولت أن أتحاشى الخلط بين كونى أكتب الغناء، وأعمل به، وعملى فى الصحافة.. لكننى هذه المرة مضطر أن تكون القصة التى أكتب عنها بها ما هو شخصى حتى وإن كنت لا أقصد ذلك الأمر بالمرة.. ولكن قبل أن أحكى لكم قصة أغنيتى المحبوسة لدى عمرو دياب منذ ثلاث سنوات أحيطكم علمًا بأن القصة أكبر من أغنيتى.. فهناك فى هذا الملف ما هو أكبر وأقسى وأهم.
طيلة الأسبوعين الماضيين تناول البعض تصريحات للملحن عمرو مصطفى.. الجميع اقتطع جملة من تصريحاته حول أنه مَن أدخل الجيتار إلى الموسيقى المصرية، وهو أمر ليس بصحيح أيضًا.. وقد خرج فى تصريحاته التالية وأوضح أنه لم يقصد سوى أنه أحد الذين طوروا فى موسيقانا باستخدام الجيتار الغربى.. المهم أن فى حوارات عمرو مصطفى طيلة عام كامل، ويزيد، ما هو أهم لكننا لم نلتفت له.. إحنا يا دوب ركبنا الترند ونزلنا وانتهى الأمر وضاع ما هو حقيقى ومهم فى قصة عمرو مصطفى حول حقوق الملكية الفكرية والطرق التى يتحايل بها البعض ليخسف الأرض بحقوق المبدعين رغم وجود قانون وإجراءات وجهات منوط بها حفظ هذه الحقوق فى مصر.
أعود مجددًا لقصة حبس إحدى أغنياتى لدى عمرو دياب وعلاقتها بالأمر.. تصادف أن كنت أجهز لحنًا مع الموسيقار الشاب إسلام رفعت لمطرب مصرى معروف وأثناء تجهيز ديمو الأغنية فى الاستديو.. ولم أكن موجودًا.. استمع إليها أحد الموسيقيين الشبان وأشار على إسلام بأن يرسلها للفنان عمرو دياب.. وهذا ما حدث.. وكانت الاستجابة السريعة من عمرو الذى طلب من الملحن أن يرسل الجايد إلى الموزع طارق مدكور.. وهو ما حدث.. طالبًا من إسلام أن يخبرنى برغبته فى تعديل بعض المفردات التى لا تناسبه.. فلما أخبرنى الملحن بذلك طلبت منه العودة إلى عمرو وتأكيد أنها من كلماتى، ذلك أن خلافًا كان قد حدث بيننا منذ سنوات طويلة ووصل إلى المحاكم وانتهى بالتصالح.. وقد رأيت أن ذلك الخلاف السابق قد يمنع الرجل من التعاون معى.. فشدد إسلام على أنه فعل ذلك وأن عمرو يطلب التعديل فى أسرع وقت ممكن، لأنه فى المراحل الأخيرة من العمل فى ألبومه الجديد.. وحدث أن أجريت التعديل المطلوب ووافق عليه عمرو.. وطلب الحصول على تصريح الرقابة والتنازل عن الأغنية لصالح شركته وكلف مدير أعماله بمتابعة الأمر لإنجازه سريعًا.. وحدث ذلك بالفعل.. وأثناء وجودى بالرقابة هنأنى أيمن بهجت قمر على الأغنية، فاستغربت فأخبرنى بأن عمرو نفسه من أخبره بها واسمعها له فى التليفون.. فى نفس اليوم طلب مدير أعمال عمرو أن نترك التنازلات فى الشركة لنلتقى فى وقت لاحق.. وهو الأمر غير المعتاد فنحن لم نحصل على أجورنا.. ولم نعرف موعد التسجيل.. ومرت أيام وصدر ألبوم عمرو دياب من غير وجود الأغنية فيه.. ومرت ثلاث سنوات كاملة دون وسيلة للتواصل مع الشركة أو المطرب وكأنه لا حقوق لأحد.. الأدهى أنه لا يمكننى التصرف فى الأغنية لأى مطرب آخر قبل أن أحصل على تنازل عكسى من عمرو دياب.. الذى يملك وحده الحق فى أن يفعل بها ما يشاء.
حكيت هذا الأمر عطفًا على ما أثاره عمرو مصطفى.. ومن قبله أيمن بهجت قمر.. فقط أشير إلى أننا ما زلنا نتعامل مع ملف حقوق الملكية الفكرية بمنطق غريب.. من يملك يفعل ما يشاء وقت أن يشاء.
وأمامنا ليحصل المبدعون فى بلادى على أقل حقوقهم الأدبية والمادية سنوات وسنوات.. جمعية المؤلفين.. والنقابة... ووزارة الثقافة.. وكل الكيانات الفاعلة فى ملف الإبداع فى حاجة لاتخاذ خطوات جديدة تمامًا، فربما ننجز شيئًا لصالح القوى الناعمة والإبداع المصرى، هذا إن كنا نريد فعلًا.