فى ذكرى الاستقلال.. كيف دعمت مصر ثورة التحرير فى الجزائر؟
مع حلول الذكرى الـ61 لاستقلال الجزائر يتذكر المصريون والجزائريون الدور المصري القوي الذي سجله التاريخ في مساندة ثورة التحرير الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، التي انطلقت في 1 نوفمبر 1954، وانتهت بتحقيق الحلم المنشود بنيل الاستقلال في 5 يوليو 1962، وهو نفس التاريخ الذي أعلن فيه عن احتلال الجزائر في سنة 1830.
وبهذه المناسبة يلقي "الدستور" الضوء على دعم مصر على الصعيد العسكري والسياسي والدبلوماسي والإعلامي والفني، حتى نالت بلد المليون شهيد استقلالها عن الاحتلال الفرنسي بعد نضال دام 8 سنوات.
- الدعم العسكري والمالي
كانت مصر الداعم الأول والأهم لثورة الجزائر على الصعيد العسكري سواء بالسلاح أو التدريبات، حيث تيقن الراحل جمال عبدالناصر بحسه الثوري في الأيام الأولى من انطلاق الثورة مدى حاجة الجزائريين للسلاح، فأمر بتجنيد 5 آلاف شرطي مصري من بورسعيد إلى الإسماعيلية، وتوجيهها بذخيرتها فورًا للمجاهدين الجزائريين.
هذا الدعم دفع بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل إلى قول: "على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدروا أن "عبدالناصر" الذي يهددنا في النقب، وفي عمق إسرائيل، هو نفسه العدو الذي يواجههم في الجزائر".
وذكر محمد حسنين هيكل في كتاباته، إن الثورة الجزائرية تلقت أكبر شحنة من السلاح المصري أثناء اندلاع القتال على الجبهة المصرية - إبان العدوان الثلاثي عليها - ضد فرنسا وإنجلترا وإسرائيل، فضلًا عن أن أهم التدريبات العسكرية الفعالة لجيش التحرير الوطني خارج الجزائر كانت تتم بمصر.
ولم تقتصر المساندة المصرية للثورة الجزائرية بإمداد السلاح وفقط، بل امتدت إلى الدعم المادي، حيث وفقًا لكتاب السياسة العربية والمواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية، للكاتب الجزائري إسماعيل دبش، فقد خصصت مصر بقرار من جمال عبدالناصر، الدخول الأولى من تأميم قناة السويس والتي بلغت 3 مليارات فرنك فرنسي للكفاح الجزائري، كما مولت أول صفقة سلاح من أوروبا الشرقية والتي بلغت حوالي مليون دولار، فضلًا عن مساهماتها بنسبة 75% من الأموال التي كانت تقدمها جامعة الدول العربية للثورة الجزائرية والمقدرة بـ12 مليون جنيه سنويًا.
- الدعم السياسي والدبلوماسي
كانت القاهرة مقر الحكومة الجزائرية المؤقتة التي تأسست في 19 سبتمبر 1958، ما جعل أهم مجالات التنسيق الدبلوماسي الجزائري تتم عن طريق مصر، وانطلقت من القاهرة معظم النشاطات السياسية والدبلوماسية لجبهة التحرير الوطني والحكومة الجزائرية المؤقتة.
كما مثلت مصر الجزائر في مؤتمر باندونج الذي عقد في مايو 1955، ولعبت دورًا فعالًا في تمكين الجزائريين من لعب دور مؤثر في منظمة تضامن الشعوب الأفرو - آسيوية منذ نشأتها بالقاهرة في ديسمبر.
إلى جانب ذلك، فعلى مدار سنوات الثورة، لعبت وفود الدبلوماسية المصرية بالمؤتمرات الإقليمية والدولية، دورًا هامًا في إبراز القضية الجزائرية، ما أدى إلى تضامن شعوب آسيا وإفريقيا مع الجزائريين في كفاحهم المسلح ضد الوصاية الفرنسية.
- الدعم الإعلامي والفني
جندت مصر مؤسساتها الإعلامية بقوة لنقل معاناة الشعب الجزائري في المحافل الدولية مع الاحتلال الفرنسي، ودعم مشاركة وفد جبهة التحرير الوطني في فعاليات مؤتمر باندونج 1955، حيث قامت إذاعة صوت العرب في القاهرة بالتعريف بالثورة وتشجيع المناضلين الجزائريين على الاستمرار بالثورة، وتهيئة الرأي العام العالمي لمساندة القضية الجزائرية، والوقوف بوجه السياسة الاستعمارية الفرنسية وأعمالها الإجرامية في الجزائر.
بالتوازي مع هذا، قدم الفن المصري أعمالًا خالدة هدية للجزائريين عبرت عن مدى تلاحم وترابط الشعبين الشقيقين، أبرزها النشيد الرسمي للثورة الجزائرية الذي لحنه الفنان محمد فوزي، وأصبح بعد الاستقلال نشيدًا رسميًا للجمهورية الجزائرية، وغناء عبدالحليم حافظ في الذكرى الأولى للاستقلال "قضبان حديد اتكسرت.. والشمس طلعت نورت أرض العروبة".
وكذلك فيلم "جميلة" عام 1958 للمخرج العالمي يوسف شاهين، الذي قدمت فيه الفنانة ماجدة شخصية إحدى أهم مناضلي الجزائري، وهي البطلة جميلة بوحريد، وقدم فيه الفنان أحمد مظهر دور فارس وهو أحد الفدائيين ضد الاستعمار الفرنسي.