الشفيع خضر يكشف تأثيرات الأزمة في السودان على دول الجوار
قال الدكتور الشفيع خضر، المحلل السياسي السوداني البارز، إن تركيبة السودان ذات التعدد والتنوع الإثني والقومي والثقافي تتداخل وتتشابك مع كل دول الجوار وهم " تشاد، إريتريا، إثيوبيا، جنوب السودان، ليبيا، أفريقيا الوسطى، ومصر".
أضاف: "والملاحظ أن الحرب في السودان قبل انتقالها إلى مركز البلاد وعاصمتها الخرطوم، ظلت مستوطنة وشبه دائمة في أطراف البلاد المتاخمة لدول الجوار هذه، وخاصة دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وهي مناطق تتداخل فيها الإثنيات مع إثنيات دول الجوار المتاخمة في تشاد واثيوبيا وجنوب السودان".
تأثير الحرب في السودان على دول الجوار
تابع خضر: " صحيح شرق السودان لا يشهد حربا حاليا، ولكنه يعيش حالة من التوتر الشديد وإمكانية تفجر نزاعات مسلحة واردة، كما حدث من قبل، وعندها سينتقل التأثير إلى إرتريا أيضا"، مردفاً:" بالنسبة لليبيا هنالك علاقات قوية بين المجموعات المسلحة في البلدين، وليس سرا أن عددا من المجموعات المسلحة السودانية شاركت في النزاع المسلح في ليبيا".
أردف: "إذا وضعنا هذه التركيبة المشار إليها أعلاه في الاعتبار، وانتبهنا إلى ضعف بنيان الدولة في السودان وعدد من البلدان المجاوة، حيث فشل نخب هذه البدان في بناء دولة ما بعد الإستقرار والتوافق بين مكوناتها السياسية والاثنية والقومية حول إجابات لأسئلة التأسيس، وهذه في نظري جوهر الأزمة السودانية، لتراءت أمامنا ملامح التشابه في اسباب النزاعات والحروب في السودان وهذه البلدان، وبالتالي إمكانية عبورها لحدود هذه البلدان".
كما اعتبر خضر أن استقرار بناء الدولة في مصر يشكل مصدا وسدا لإنتقال النزاعات من السودان شمالا، ولكن يبقى الخطر على أمن مصر القومي.
الأزمة في السودان تتماس مع الصراعات الدولية
ونوه إلى أن الأزمة الطاحنة في السودان تتقاطع وتتماس مع بؤر الصراعات الدولية والإقليمية بمحاورها المتعددة، ومع التحديات الخارجية والمتغيرات المتسارعة والمتجددة في العالم، وتجعل من حرب السودان، في جانب منها، حربًا بالوكالة عن أطراف خارجية عينها على أراضي السودان الشاسعة الخصبة ومياهه الوفيرة ومعادنه النفيسة.
أضاف: "ويعزز من ذلك، موقع السودان الجيوسياسي محاطا بالصراعات العرقية والدينية والسياسية، وبصراعات القرن الأفريقي والنزاعات المتفاقمة في منطقة الساحل والغرب الأفريقي ومناطق البحيرات، وبإنتشار التنظيمات المتطرفة في جنوب ليبيا وإقليم تبستي بتشاد، وبتنظيمات القاعدة وبوكو حرام وسيلكا في غرب إفريقيا وبحيرة تشاد وإفريقيا الوسطى، وبتمركز حركة الشباب الصومالي في شرق أفريقيا، ووجود جيوب وبقايا جيش الرب اليوغندي في شرقي إفريقيا الوسطى، ومع وجود خلايا نائمة للتنظيمات المتطرفة في السودان".
موقع السودان الجيوسياسي
كما أشار إلى أن موقع السودان الجيوسياسي، جعله في متناول نزاعات وصراعات الموانئ وأمن الممرات المائية الدولية في البحر الأحمر والخليج العربي، وحرب المياه ونزاعات سد النهضة، مضيفاً: "والتنافس الحاد بين أمريكا من جانب وروسيا والصين من الجانب الآخر، في الجزيرة العربية وفي منطقة البحيرات في أفريقيا، وحول المعادن والمنابع الجديدة للطاقة وطرق نقلها، وللسيطرة على السوق العالمي وممرات التجارة الدولية، وتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع الصين كمهدد استراتيجي لمصالحها، وسعيها لعرقلة المشروع الصيني الضخم".
اختتم حديثه قائلاً: "أن إستطالة أمد الحرب في السودان، وانتشارها وتوسعها، لن تحرق ما تبقى من أخضر ويابس السودان فحسب، وإنما ستهدد محيطه الجيوسياسي، بما في ذلك أمن البحر الأحمر والقرن الإفريقي شرقًا، وأمن منطقة الساحل والصحراء غربا، وأمن بلدان منابع النيل ومنطقة البحيرات جنوبًا، وأمن وادي النيل شمالًا".