كاسيت وشرائط الهضبة.. حكايات شواطئ بلطيم وجمصة في أعياد الثمانينات
جلست "حنان" على شاطئ بلطيم حاملة في يدها باقة من الورود وتلعب مع كلبها ويداعب موج البحر خصلات شعرها، وهى ترتدي فستانها الزهري وتنتظر أن تجد فارس أحلامها في الصيف، كانت هذه ذكريات حنان علي، سيدة في الستين من عمرها مع احتفالات عيد الأضحي في الثمانينيات إذ كان أغلب الأهالي يذهبون إلى شاطيء بلطيم وجمصة من أجل الاحتفال بعيد الأضحي، وذكرياتهم مع أجواء الاحتفال والصيف.
إلا أن الأجواء اختلفت الآن عما كان قديمًا فيما يخص شكل الاحتفال بالأعياد والاستعداد لها، فأصبح المصيف مقتصر على أماكن بعينها، ومعها يبدأ الساحل في استقبال زواره وفي عودة بالذكريات شارك عدد من الأشخاص الذين لديهم قصص حول الأعياد في المصيف قديما.
قالت سناء فكري لـ"الدستور" إن احتفالات العيد في شبابها كانت تتمثل في قضائها على شواطئ بلطيم مع عائلتها الكبيرة، حيث كانوا يحرصون على الذهاب معًا كأعمام وعمات وخال وخالات، فكان الترابط العائلي أكثر ما يبرز شكل المصيف في العيد قديمًا.
تابعت "الشواطيء زمان وخاصة في التمانينات وأوائل التسعينات كانت كلها مايوهات بيكيني وفستاتين قصيرة ومحدش بيتعرض لأي تحرش على عكس دلوقتي"، مؤكدة أن شكل المصيف في الأعوام الماضية والتعليقات التي وصفتها بالسخيفة لم تأتي سوى عقب سبوبة الإخوان في أواخر التسعينات عندما قرروا نشر مصانع تقوم بعمل أزياء للمحجبات في محاولة منهم لربط الدين بالازياء، وذلك ما قلل فكرة المايوه على البحر وقالت: "أخترعوا مايوهات غريبه".
أضافت أن العيد زمانًا كان مليئ بالبهجة والذكريات من داخل الشواطيء البسيطة على عكس الان والجيل الجديد الذي حول المصايف لأماكن السهرات وحفلات ونشر الصور عبر السوشيال ميديا دون المحاولة في الاستجمام والهدوء.
في حالة من استرجاع الذكريات مع ابتسامة ترتسم على الوجه شاركت منى حسني ذكرياتها مع قضاء الأعياد على شواطيء جمصة التي كانوا ولازالوا يمتلكون شاليه أمام البحر بها، ففي كل عيد كانوا يذهبون معًا كأسرة، ووصفت شكل العيد وقتها في شمسية بألوان مبهجة متداخلة على عكس التي أصبحت الأن بلون واحد، والكراسي التي كانوا يجلبوها معهم من الشاليه، ولعب الراكيت على الشط.
تلك أحد أساسيات المصيف في الثمانينات مع احتفالات العيد، وقالت مني: "كنت مع عيلة جوزي وأولادي كل يوم نروح على البحر والشواطيء كانت هادية وكل واحد في حاله كنا ننزل البحر شوية ونلعب الكرة والكوتشينة وأخر اليوم نروح ننام عشان نصحى ننزل تاني من 5 الصبح وقتها كانت كل حاجة ممتعة وجميلة".
وتابعت "تحضير الأكل قبل مانسافر والعربية الكبيرة اللي كانت مليانة شنط هدوم وأكل وعوامات"، جميعها ذكريات عاشتها منى وسط عائلتها في فترة الثمانينات في محاولة لإحياء الذكريا العائلية السعيدة، ووصفت الوضع الأن بـ"الباهت"، فأصبحت الأسر تقضي الأعياد على الهوات المحمولة، وداخل الشواطيء تحول هدفهم الوحيد إلتقاط صورة واضحة تبرز البحر وحدة دون الزحام.
"العيد والكاسيت وشرايط عمرو دياب"، ضمت منى ضمن الذكريات مجموعة أخرى متمثلة في الكاسيت الذي يعد من القطع الأساسية التي كان يجب اصطحابها في العيد للمصيف، حيث كانت الفتيات والشباب يحرصون على تقضية أخر اليوم على أنغام عمرو دياب التي كانوا يتسابقون علي شراء الأشرطة حينها، وقالت: "أغاني عمرو دياب والشرايط الكوكتيل اللي مخصصة لأغاني المصيف كانت شكل تاني على عكس المهرجانات دلوقتي".
وأكدت أنها على الرغم من استمرارها الذهاب للمضيف مع أبناءها إلا أن متعته بالنسبة لها في الوقت الحالي تحولت بسبب تفرق العائلات والإنشغال الذي أصبح حجة الكثير، إضافة
بالنسبة لـ"أحمد" متعة المصيف فى الوقت الجارى قلت كثيرًا عن الماضى ويفسر: دلوقتى مفتقدين اللمة، كل أسرة انشغلت بظروفها وأحوالها وما بقيناش على تواصل كبير ببعض زى زمان، كنا بننبسط بأقل تكلفة وأقل إمكانيات وبنبقى فعلاً مبسوطين وبيحصل معانا مواقف كثيرة نفتكرها لحد دلوقتى".
"تصحي علي احلي فطار كله بيهزر كل اتنين بيعملوا حاجه بنستعد للبحر اللي بنقعد فيه بالـ ٦ والـ ٧ ساعات من غير صن بلوك يعني كله راجع مقشر اطلع اجري الحق الحمام قبل ماحد يدخل قبلك نزل بس الرمل اللي عليك دا واطلع اقعد اتغدي المكرونه والفراخ المعتاده و تلاقي مامتك قاعدة في البلكونه قدام البحر"، ذكريات تفوهه بها اسلام علي، حيث استرجع طفولته أثناء قضاء العيد بالسفر للمصيف.
وأضاف أنه افتقد شكل المصيف قديمًا وأصبح العيد تقليدي بالنسبة له، وعلق: "مصيف مصطنع وعاملين مبسوطين علشان يتصوروا صوره الانستجرام ويعملوا تشيك إن على الفيس بوك"، واعتبر أن أحلى أيام عمره عاشها بجمصة على الرغم من انتشار الأماكن المغرية في كل مكان.
وأكد أنه كان يعيش مع والده وأعماله العديد من الذكريات قديمًا في المصيف، حيث كانوا يذهبون للقهاوي والكافتيريات ليلًا، ثم يذهبون لتناول الأيس كريم والزلابية بسكر والهريسة، مع التمشية في المدينة وشراء الهدايا للأصدقاء والجيران، كما ان أكثر ما يتذكره حكايات جدته "حنان" التي وصفت شكل المصيف بصوت مليئ برائحة الزمن الجميل.