كيف ستدعم نتائج زيارة رئيس الوزراء الهندي العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة ونيودلهي؟
يجري رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، زيارة هي الأولى منذ وصوله لسدة الحكم إلى مصر.
وفي هذا السياق، قالت نرمين سعيد كامل الباحثة بالمركز المصري للدراسات الإستراتيجية والفكر، إن الزيارة تأتي إطلاقًا للمكابح في العلاقات المصرية الهندية، لافتة إلى أن الهند قد وجهت سابقا دعوة للقاهرة للمشاركة كضيف في مداولات مجموعة العشرين تحت رئاسة نيودلهي لمدة عام ومن هنا يمكن أن تتوج زيارة مودي لمصر بصفقات ثنائية ملموسة وإعلانات من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين خصوصًا أنه خلال هذا العام، كان الرئيس عبد الفتاح السيسي ضيف الشرف في احتفالات يوم الجمهورية.
وأضافت كامل في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الهند تتحرك تجاه مصر واضعة في اعتبارها عددًا من الدوافع منها أن التقارب مع القاهرة يعد جزءا من استراتيجية نيودلهي الجديدة في المحيط الهندي كما أن علاقاتها القوية مع القاهرة في هذا التوقيت الضاغط من الناحية السياسية والاقتصادية يعد بطاقة خضراء لنيودلهي التي تتلمس طريقها في أفريقيا ويفتح أمامها أبواب الثقة في القارة السمراء التي تنظر إلى القاهرة باعتبارها نموذجًا في التنمية قياسًا حتى على عضويتها وفترة رئاستها النابهة لتجمع الكوميسا، ومن ثم فإن هذا يمهد لشراكات على مستوى عال بين الهند والدول الأفريقية خصوصًا أن الهند تضع نصب أعينها مسألة أمن الطاقة والأمن البحري كما فندت مبادئ الجغرافيا السياسية.
وأشارت كامل إلى أن علاقات الهند مع قوة ريادية في البحر المتوسط والأحمر تتيح لنيودلهي الاستفادة من تجارب القاهرة أما على مستوى القارة الأفريقية فمصر تتمتع بحضور لافت في شمال أفريقيا وحضور مؤثر في القرن الأفريقي ومن ثم فإنها تمثل الشريك الأمثل لشبه القارة الهندية.
وأكدت كامل أن نيودلهي تبحث عن مساحات أوسع لتحركاتها وشراكاتها في الشرق الأوسط وبالتأكيد فإن علاقتها المتنامية مع دولة بحجم مصر، تؤهلها لذلك وفي نفس السياق دفع الولايات المتحدة لكبح نفوذ الصين في الهادئ من خلال تعظيم دور الهند.
ولفتت إلى أن هناك عامل آخر في التقارب بين الهند ومصر والهند والشرق الأوسط من خلال مجموعة I2U2 وهو الاتفاق على فكرة التخوف من قوى التطرف وعلى وجه التحديد جماعات الإسلام السياسي ولذلك فإن التعاون في مجال المكافحة للإرهاب ركيزة أساسية في العلاقات بين القاهرة ونيودلهي وهو أساس أيدولوجي قوي يضيف ركيزة أخرى إلى منطلقات العلاقات بين البلدين.
تعزيز التعاون في مجال الدفاع هو خير دليل على الإرادة المشتركة
وأكد كامل أن تعزيز التعاون في مجال الدفاع هو خير دليل على الإرادة المشتركة لإطلاق علاقة استراتيجية بين البلدين، وخاصة أن الرئيس السيسي أكد خلال كلمته في قصر حيدر أباد استمرار التنسيق والتدريب المشترك وتبادل الخبرات والعمل لاستكشاف آفاق إضافية لتعميق التعاون في هذا المجال بما في ذلك التصنيع المشترك.
وحول أمن الطاقة، قالت كامل إن الهند تري في مصر شريكا استراتيجيا لما استطاعت القاهرة تحقيقه في السنوات الأخيرة من خلال فرض نفسها على معادلة شرق المتوسط من خلال احتياطاتها من الغاز الطبيعي فضلا على قدرتها على تصدير الطاقة الكهربية إلى جنوب القارة الأوروبية إضافة إلى مشاريع الربط الكهربائي التي أطلقتها بينها وبين دول في قارتي أفريقيا وآسيا كما أن مصر وبالموانئ الضخمة الحديثة التي تمتلكها تؤهلها للتعاون مع دول كبرى علاوة على تحكمها في قناة السويس التي تمر عبرها صادرات الطاقة من الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
وأضافت كامل أنه كان هناك تطلع من جانب البلدين لاستخدام الروبية الهندية في التجارة الثنائية مما يحقق بعض الانفراج في أزمة العملة الصعبة التي ألمت بعدد من الدول منعكسة على ارتفاع الأسعار وارتفاع في مستويات التضخم حيث تدور التوقعات حول أن نيودلهي بصدد تقديم خط ائتمان غير محدد للقاهرة وغالبًا ما تستخدم مصر خطوط ائتمان من دول أخرى لاستيراد السلع الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية ومن الممكن أن يخفف التسهيل الهندي من الضغوط على الاقتصاد.
وأوضحت كامل أن الهند تدرس اقتراحا لبدء مقايضة التجارة في سلع مثل الأسمدة والغاز مع مصر في إطار صفقة أوسع قد تشهد تمديد نيودلهي خط ائتمان بقيمة عدة مليارات من الدولارات إلى القاهرة.
وخلال العام الماضي سجلت التجارة بين الهند ومصر أعلى مستوى لها على الإطلاق حيث لامس 7.26 مليار دولار.