في ذكرى رحيله.. جولة بأعمال الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو
يصادف اليوم ذكرى رحيل الفيلسوف الفرنسي الشهير ميشيل فوكو (15 أكتوبر 1926-25 يونيو 1984)، الذي يمتد تأثيره عبر العلوم الإنسانية والاجتماعية، وعبر العديد من مجالات الدراسة التطبيقية والمهنية.
فاشتهر فوكو بانتقاداته للعديد من المؤسسات الاجتماعية، وأبرزها مؤسسات الطب النفسي ونظام السجون، وكذلك كان له نظريته حول تاريخ الجنسانية، كما تمت مناقشة نظرياته العامة المتعلقة بالسلطة والعلاقة بين القوة والمعرفة، وكذلك أفكاره المتعلقة بـ "الخطاب"فيما يتعلق بتاريخ الفكر الغربي، على نطاق واسع وتطبيقها.
ونستعرض في السطور التالية، نظرة إلى أفكار "فوكو" ونظرياته وفقًا لمجموعة من أهم أعماله:
تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي
نُشرت الكتاب في الأصل عام 1961، وتم ترجمته كاملًا بعنوان The History Of Madness، وفي النسخة العربية جاء بعنوان "تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي"، وكان هذا أول كتاب لفوكو، وفيه طرح الأفكار والممارسات والمؤسسات والفن والأدب المتعلقة بالجنون في التاريخ الغربي.
ويبدأ فوكو تاريخه في الكتاب يالعصور الوسطى، مشيرًا إلى الإقصاء الاجتماعي والجسدي لمرضى الجذام، ويقول إنه مع الاختفاء التدريجي لمرض الجذام، احتل الجنون هذا المنصب، كما تحدث فوكور في كتابه عن "سفينة الحمقى" في القرن الخامس عشر، وهي أسطورة جاءت من واقع إحدى هذه الممارسات الإقصائية المتداولة في ذلك الوقت، وهي ممارسة إرسال المجانين بعيدًا عن المدن في السفن.
ففي أوروبا في القرن السابع عشر، في حركة وصفها فوكو الشهيرة بـ "الحبس العظيم"، تم حبس الأفراد "غير العقلانيين" من السكان وإضفاء الطابع المؤسسي عليهم، وفي القرن الثامن عشر، أصبح الجنون يُنظر إليه على أنه نقيض العقل، وأخيراً في القرن التاسع عشر وُصفه الأطباء على أنه مرض عقلي، ويجادل فوكو أيضًا بأن الجنون فقد قوته في الإشارة إلى حدود النظام الاجتماعي والإشارة إلى الحقيقة وتم إسكاته بواسطة العقل، فيدرس "فوكو" في الكتاب صعود العلاجات العلمية و"الإنسانية" للمجانين، ولا سيما على يد فيليب بينيل وصمويل توك، وهو يدعي أن هذه العلاجات الجديدة لم تكن في الواقع بفاعلية من الطرق السابقة.
ولادة العيادة
نُشر كتاب فوكو الرئيسي الثاني بعنوانNaissance de la Clinique: une archeologie du المتعلق بالطب بالفرنسية، في عام 1963 في فرنسا ، وترجم إلى الإنجليزية في عام 1973، ثم تمت ترجمته للعربية، وفيه يبحث "فوكو" عن مهنة الطب وتحديداً مؤسسة العيادة والمستشفيات التعليمية، وتدور فكرته حول الاهتمام الطبي وتاريخ تطوره.
الكلمات والأشياء
يوجه فوكو تحليله في الكتاب نحو "البيان"، وهو الوحدة الأساسية للخطاب والتي لها معنى خاص بالنسبة لفوكو، ما يجعل الافتراضات أو الأقوال أو الأفعال الكلامية ذات مغزى، فتنشئ العبارات شبكة من القواعد التي تحدد المغزى، وهذه القواعد هي الأقوال أو أفعال الكلام ليكون له معنى.
المراقبة والعقاب
نُشر هذا الكتاب عام 1975، وفيه يفتتح الكتاب بوصف الإعدام العلني الوحشي عام 1757 لروبرت فرانسوا داميان، الذي حاول قتل لويس الخامس عشر، كما يقارن الجدول الزمني للسجن منذ ما يزيد قليلاً عن 80 عامًا، ثم يستفسر فوكو عن كيفية تطور مثل هذا التغيير في عقوبة المجتمع الفرنسي للمدانين في مثل هذا الوقت القصير، هذه لقطات لنوعين متباينين من "تقنيات العقاب" لفوكو. النوع الأول ينطوي على قمع الجماهير من خلال العروض الوحشية لعمليات الإعدام والتعذيب، والثاني هو العقاب التأديبي، هو ما يقول فوكو أنه يُمارس في العصر الحديث.
تاريخ الجنسانية
ونُشر هذا الكتاب في 3 مجلدات في فرنسا عام 1976، وتُرجم في عام 1977، مع تركيز الكتاب بشكل أساسي على القرنين الماضيين، وعمل الجنس كتحليل يتعلق بظهور علم الجنس، وفي هذا الكتاب يهاجم فوكو "الفرضية القمعية"، وهي عبارة الاعتقاد السائد لدي الكثيرين، خاصة منذ القرن التاسع عشر، حول "قمع" دوافعنا الجنسية الطبيعية، كما يتناول الكتاب دور الجنس في العصور القديمة اليونانية والرومانية.