فى وداع محمد أبو العلا.. السلامونى الرجل الذى عاش ومات من أجل المسرح
فجعنا منذ أيام بوفاة كاتب الدراما المسرحية والتليفزيونية الكبير محمد أبوالعلا السلامونى، بعدما أصيب بأزمة قلبية أودت بحياته، على إثر انفعاله وحماسه أثناء مطالبته بعودة مجلة «المسرح»، وذلك خلال الاجتماع الأول لمجلس إدارة المركز القومى للمسرح، بعدما تولى إدارته الفنان إيهاب فهمى.
ولا أجد أكثر مناسبة من وصف الكاتب الكبير ألفريد فرج للكاتب محمد أبوالعلا السلامونى، الذى صدر به مقدمته لمسرحية «زوبة المصرية»، إحدى أهم المسرحيات التى كتبها الكاتب الراحل، ويقول فيه: «بعض الكتابات الأدبية ستبهت بمرور الأيام، وبعض الأدب يبقى على مر الزمان، وهذا هو الأدب الجاد والجميل».
فمثلما وصف ألفريد فرج كتابة «السلامونى» بـ«الجادة والجميلة»، كان صاحبها نفسه إنسانًا جادًا وجميلًا، دافع عن القيم التى آمن بها، ولم يختر أبدًا الطرق السهلة، بل كان يخوض أوعر الطرق وأصعب المعارك من أجل أن ينتصر للحق.
كنت شاهدة على معركة طويلة الأمد من أجل عودة المهرجان القومى للمسرح، وأخرى من أجل حقوق المؤلفين وشئون الملكية الفكرية، مثلما اختار أن تكون كتابته ذاتها هى ساحة معركة يخوضها فى مواجهة الإرهاب والفكر الظلامى والرجعية.
فى الوقت ذاته الذى تشبث فيه «السلامونى» بالحق من أجل المصلحة العامة، كان يترفع عن الصغائر ولا يخوض المعارك من أجل مصالحه الشخصية، وكان متواصلًا مع الكتاب الجدد ومنحازًا للكتابة الجادة.
ولقد كان الأمر محيرًا بالنسبة لى حين بدأت علاقتى بالمسرح أن أجد أستاذًا بقيمة محمد أبوالعلا السلامونى يبادر لقراءة نصوصى ومناقشتى، ويعتنى بإهدائى مسرحياته وسؤالى عن رأيى.
أقول هذا لأنه اُتهم ذات مرة بعدائه للكتّاب بسبب وجوده فى لجنة تحكيم المهرجان القومى للمسرح بإحدى الدورات التى حجبت بها جائزة التأليف.. أُبرئه من هذا، وأرجح أن الأمر يتعلق فقط بأنه كان متشددًا قليلًا فى معياريته فيما يخص جودة النص المسرحى وقيمته الفنية والفكرية.
لذا كله كان تقديم ملف كامل من شهادات عن الكاتب الكبير محمد أبوالعلا السلامونى، الذى حلمت أن أحاوره يومًا ولم يسعفنى القدر، أمرًا عسيرًا، فقد أصابت الصدمة الجميع بالذهول.
لكن بعد صمت لمدة أسبوع كامل نتيجة لصدمة الرحيل المأساوية استطعنا أن نخرج المسرحى الكبير الدكتور عمرو دوارة عن صمته، ليكشف عن كثير من الحقائق والملابسات، ويكتب شهادته من واقع علاقته الوطيدة مع الكاتب الراحل، وأيضًا من خلال معايشته لجميع تفاصيل وأحداث الرحيل، فقد شاء القدر أن يكون بجواره مباشرة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.
كما وافانا الناقد الكبير أحمد عبدالرازق أبوالعلا، أحد الأصدقاء المقربين للكاتب الراحل، بمقال عن الفترة الأخيرة فى حياته، وما شغله من قضايا وهموم مسرحية أرقته وشغلته.
كذلك استطاعت الزميلة العزيزة رنا رأفت أن تجمع شهادتين هامتين، أولاهما للمخرج التليفزيونى الكبير محمد فاضل، الذى جمعته بالراحل علاقة صداقة وعمل ممتدة انتهت بأن يقرر محمد فاضل أن يتصدى للإخراج المسرحى لأول مرة ويقدم مسرحية «ديوان البقر» للكاتب الراحل، وثانيتهما من الناقد أحمد هاشم عن مسرح أبوالعلا السلامونى وسماته وتأثيره.
إن تلك الشهادات والمقالات هى دليل على كاتب وإنسان جاد وجميل على نحو لا يبهت على مر الزمان، مثلما وصف كاتب عظيم كاتبًا عظيمًا آخر.
محمد فاضل: لم يتوقف عن الإبداع يومًا
عمرو دوارة يكتب: صرخة رحيل المناضل الميلودرامية
محمد هاشم: جعل من التاريخ والتراث الشعبى تيمة مسرحية
أحمد عبدالرازق أبوالعلا يكتب: ساعات ما قبل الرحيل.. العمل بجدية مُستكملًا مشروعه التنويرى