من موسكو إلى القاهرة.. رحلة نجاح "مسحورات بحيرة البجع" خلال 146 عامًا
تواصل فرقة باليه أوبرا القاهرة تحت إشراف مديرها الفني، أرمينيا كامل، تقديم العرض العالمي الشهير "بحيرة البجع" لليوم الثانى على التوالى، من إخراج الدكتور الراحل عبدالمنعم كامل، بمصاحبة أوركسـترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو العالمي ناير ناجي، وذلك على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور خالد داغر.
ولا يزال العرض العالمي "بحيرة البجع" يمتلك القدرة الفائقة على حشد الجمهور داخل المؤسسات والقاعات الأوبرالية في مختلف أنحاء العالم، على الرغم من مرور 146 عاماً على إطلاق أولى عروضه، التي أبدعها الموسيقار الروسي بيوتر إليتش تشايكوفسكي، وتحديدا فى عام 1887 على مسرح البولشوي بموسكو، و31 عامًا على زيارته الأولى لمصر بقاعة المؤتمرات وتحديدًا عام 1992 وكانت من إعداد دكتورة ماجدة صالح، ثم تم استضافته على خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، وحقق نجاحًا كبيرًا وإشادة واسعة من الجمهور.
قوة العرض وحالة التناغم الرائعة بين كل المشاركين والجمهور على المسرح، جعلت فرقة أوبرا القاهرة تقرر إنتاجه وتم تقديمه لأول مرة في ديسمبر 1992، للمخرج الراحل الدكتور عبدالمنعم كامل، ولعب دور البطولة حينذاك دكتور مجدى صابر رئيس الأوبرا السابق، وراقصة البالية الإيطالية أرمينيا كامل المدير الفني للفرقة وكانت حينها زوجة الدكتور عبد المنعم كامل، فيما لعبت دور البجعة السوداء دكتورة منال زكريا، وكان ذلك بمصاحبة أوركسترا الأوبرا في بداية إنشائه بقيادة المايسترو البلغاري "إيفان فيليف"، وتوالى تقديمه تباعًا بعد ذلك من خلال قادة موسيقيين مختلفين وبأجيال متعاقبة من الراقصين والراقصات والفنيين.
وأصبح أحد أبرز عروض فرقة باليه أوبرا القاهرة، التى يأتى إليه الجمهور من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بالعرض على مدار 3 ساعات متواصلة ليصور مشاعر اليأس والألم وهي تعتصر أميرة البجع التي تعرضت للخيانة، ويترسخ هذا المشهد في أعماق الجمهور.
كيف جاءت قصة البجعات المسحورات
قصة بحيرة البجع أو البجعات المسحورات، كتبها المؤلف الموسيقي الروسي بيتر إليتش تشايكوفسكي، عام 1871 بتكليف من مدير مسرح أوبرا موسكو، واختار "تشايكوفسكي" بالتحديد خاصة أنه يعد بطل تطور الموسيقى الروسية الحديثة، فقد جمع في موسيقاه عناصر إيطالية وفرنسية وألمانية وتمكن من إعادة صياغتها، ويتمتع بقدرة فائقة في المزج بين المشاعر الإنسانية واختيار الايقاعات، والتلوين الهارموني والاوركسترالي، وعرض لأول مرة في البولشوى عام 1877.
وكانت المفاجأة أن العرض لم يحقق نجاحا ولم يتقبله الجمهور والراقصون، وانتقده عدد كبير من الموسيقيين حينها لطبيعة موسيقى تشايكوفسكي وأكدوا وقتها أن الإيقاعات تتطلب تمكن شديد من الحركة مما جعل هناك الكثير من التعديلات التي دخلت عليه في كل من التصميم والموسيقى إلى أن عرض عام 1895 بمسرح سان بطرسبرج من تصميم "ماريوس باتيبا" و"ليف ايفانوف"، وهى التصميمات التى تم الإعتماد عليها في هذا العرض بالإضافة لتصميم المصمم المعاصر فلاديمير بورميستر (1904-1971).
3 فصول لباليه "بحيرة البجع".. وعبد المنعم كامل يبدع برؤيته بتقديم "النهاية"
باليه "بحيرة البجع" يتكون من ثلاثة فصول وتدور قصته حول الأمير "سيجفريد" التى ترغب والدته الملكة في تزويجه ولكنه يقع في حب فتاة تدعى "أوديت" يراها في البحيرة أثناء رحلة الصيد ثم يكتشف أنها مع مجموعة من البنات، قام الساحر "روتبارت" بجعلهن بجعات طوال النهار ويفك السحر ليلًا ولن يرجعن لصورتهن الطبيعية، إلا أن يكون هناك شخص يقع في غرام البجعة "أوديت" بإخلاص وهذا يحدث من "سيجرفيد"، ولكن الساحر يذهب مع إبنته البجعة السوداء "أوديل" إلى حفل في قصر الأمير التى يجعلها تشبه "أوديت" ليقع "سيجفريد" في حبها ويصارحها بحبه ظنا منه إنها محبوبته البجعة البيضاء، ويكتشف الخدعة ويسعى لاسترضاء "أوديت" ويدخل في حرب مع الساحر حتى يتمكن من قتله وعودة البجعات لصورتهن الإنسانية.
المخرج الكبير الراحل دكتور عبد المنعم كامل، كان له رؤية خاصة جدًا، أضافها عام 2013 وهو مشهدًا في مستهل فصل النهاية للصراع بين الخير والشر برؤية رمزية جديدة أرى أنها جاءت مبالغة في التجريد وبعيدة عن الطابع الكلاسيكى للعمل ولم تمثل إضافة له.
تفاصيل الفصول كأنك على خشبة المسرح
«الفصل الأول» يصل الأمير سيجفريد إلى حفل عيد ميلاده 21 المقام في باحات القصر، ليجد جميع العائلات الملكية وسكان المدينة يرقصون ويمرحون، في حين تنافست الفتيات على لفت انتباهه، وخلال الحفل، تعطيه أمه قوساً ونشاباً وتخبره أنه وصل إلى العمر الذي يؤهله للزواج، يفاجأ بكلام والدته عن مستقبله المرسوم فيأخذ هديته ويسرع إلى الغابة بغية الصيد مع أصدقائه.
«الفصل الثاني» يجد سيجفريد الذي سبق أصدقاءه إلى الغابة نفسه، وحيداً في مكان هادئ قرب البحيرة التي كانت تطفو على سطحها البجعات بعذوبة، وبينما كان يتابعها ببصره، وقع نظره على بجعة جميلة على رأسها تاج، ومع حلول الغروب، تحولت البجعة ذات التاج إلى أجمل فتاة شاهدها في حياته.
تقدم نفسها للأمير وتخبره عن اسمها "اوديت ملكة البجع"، لتحكي له مأساتها التي بدأت حين حولها الساحر الشرير، فون روثبارت، هي وصديقاتها، الذي كان متنكراً في تلك اللحظة بشخصية معلم الأمير، إلى بجعات وأن البحيرة التي يراها تشكلت من دموع أهاليهم، وتقول له إن الطريقة الوحيدة لفك اللعنة، هي عندما يفصح رجل نقي القلب، عن حبه لها.
"أوديت ملكة البجع"، لتحكي له مأساتها التي بدأت حين حولها الساحر الشرير، فون روثبارت، هي وصديقاتها، الذي كان متنكراً في تلك اللحظة بشخصية معلم الأمير إلى بجعات، وأن البحيرة التي يراها تشكلت من دموع أهاليهم، وتقول له ان الطريقة الوحيدة لفك اللعنة، هي عندما يفصح رجل نقي القلب، عن حبه لها، وقبل أن يوشك الأمير على الاعتراف بحبه لها، تجري مقاطعته من قبل الساحر الشرير الذي يأخذ أوديت من الأمير قبل احتضانه لها، ويأمر جميع بجعات البحيرة بالرقص، حتى لا يتمكن الأمير من اللحاق بها. وهكذا يجد سيجفريد نفسه وحيداً مرة أخرى.
«الفصل الثالث» خلال الاحتفالات الرسمية في القاعة الملكية، كان الأمير محاطاً بالكثير من الأميرات الجميلات اللواتي لم يستطعن انتشاله من تفكيره بأوديت، ومن ثم تطلب منه والدته، بصيغة الأمر، أن يختار منهن عروسه، لكنه لا يستطيع. ومجاملة لها، يبدأ مراقصتهن، ليتوقف الجميع عندما تعلن الأبواق وصول فون روثبارت، الذي اصطحب معه ابنته أوديل، التي ألقى عليها تعويذة لتبدو على أنها أوديت.
يسحر الأمير بجمالها ويرقص معها، دون أن يدري أن أوديت الحقيقية تراقبه من النافذة، وسرعان ما يعترف الأمير لأوديل، بصفتها أوديت، بحبه لها، تدفع هذه الفجيعة أوديت إلى الهرب في عتمة الليل، وسرعان ما يلمحها الأمير وهي تبتعد عن النافذة، ثم يدرك خطأه، ولحظة إدراكه الخديعة، يكشف روثبارت للأمير الوجه الحقيقي لابنته أوديل، وبلا تردد، يغادر الأمير الحفل مسرعاً، باحثاً عن أوديت.
«النهاية».. تعود أوديت إلى البحيرة وتنضم إلى صديقاتها والحزن يثقل صدرها. وما إن يصل الأمير البحيرة حتى يجدهن مجتمعات على الضفة حول أوديت يواسينها، وحين يشرح لها خدعة روثبورت تصفح عنه، وما هي إلا لحظات حتى يظهر لهما مع ابنته بشكلهما غير الإنساني، ويطالب الشرير الأمير بأن يلتزم بكلمته التي قطعها عهداً لابنته والزواج بها، ويحتدم القتال بينهما، ليعود الأمير إلى أوديت، ويقفزا معاً في البحيرة، ومن ثم تعود جميع البجعات إلى صورتهن الإنسانية الأولى، ويقبضن على روثبورت وابنته، ويدفعن بهما إلى البحيرة حيث يغرقان، لتشاهد الفتيات روح كل من الأمير وأوديت، ليسدل الستار وتصعدان إلى السماء فوق «بحيرة البجع».